مشكلة.. لحل المشكلة!

الزواج تجربة معقدة تحتاج إلى خبرة حتى تكون تجربة ناجحة.. ودائما يكتسب الشاب خبرة الزواج من محيط الأسرة، وهو بالضرورة يحمل مفردات تجربة الزواج من شخص إلى آخر، فالشباب لا يحملون تجربة واحدة مكررة، ولأن المجتمع بطبيعته يتطور فإن التجارب تتطور معه، فتجربة الآباء تختلف عن تجربة الأبناء وتجربة الآباء تخضع لتقاليد فرضها المجتمع. هذه التقاليد نفسها يجب أن تتطور تبعا لتطور المجتمع. فالفتاة قديما لم تعد هي نفسها فتاة اليوم خصوصا بعد أن انفتحنا على العالم، وخصوصا أن وسائل الاتصالات الهائلة جعلت العالم قرية صغيرة، وما حدث من تطور للفتاة، حدث أيضا مع الشاب ومع كل اختلافات التجارب فإن هناك بالتأكيد عوامل مشتركة، هذه العوامل المشتركة أمكن تحديدها من خلال الدراسات والأبحاث. لقد تزايدت حالات الطلاق بل إنها في تزايد مستمر وكان طبيعياً أن يهتم المسؤولون بحالات الطلاق المتزايدة التي وصلت إلى حد الظاهرة وكان طبيعيا، أن تجرى الأبحاث للوصول إلى حل يمكن أن يحد من تزايد حالات الطلاق وتوصلت الأبحاث إلى ضرورة خضوع المقبلين على الزواج لدورات تأهيلية عن مفهوم الحياة الزوجية، وهذا ما كشفه المدير التنفيذي لمشروع "البداية الرشيدة لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج" عن قرب صدور قرار يلزم المقبلين على الزواج بدورات تأهيلية.. هذا ما نشرته جريدة "الشرق الأوسط". المشروع بلا شك مهم وضروري لعلاج المشكلة التي تتفاقم كل يوم نتيجة قلة الخبرة سواء بالنسبة للشباب أو الفتيات وتصبح هذه الدورات التأهيلية ضرورة، وأنا مع هذا المشروع لكن الذي لفت نظري هو حالة الإلزام، فالإلزام لا يعني الاقتناع فكيف أُصِدر قرارا ملزما لكل شاب وفتاة مقبلين على الزواج بحضور هذه الدورات وإلا فلن يتم الزواج؟ في جانب آخر، يبدو متناقضا، حيث يطالب بأن يكون هناك منهج جامعي "غير ملزم" يدرس فيه الشباب مفهوم الحياة الزوجية المفترض أن تكون هناك محفزات لإقبال الشباب والفتيات على الاستفادة من هذه الدورات التأهيلية دون إلزام، فالشاب الذي يقبل على الزواج من الضروري أن يحلم بحياة زوجية ناجحة. وعندما تكون المسألة بعيدا عن "الإلزام" فمن المؤكد أنه سوف يقبل عليها مختارا لأنه يبحث عن نجاحه في حياته الزوجية، في الوقت نفسه أعتقد أن هذه الدورات التأهيلية التي يقوم عليها متدربون لهذه المهمة لا يمكن تغطية أنحاء المملكة على اتساعها في الوقت الذي نعاني فيه، مشكلة العنوسة، فكيف ألزم الشاب الذي يعيش بعيدا عن المراكز الحيوية في المملكة بأن يحضر هذه الدورات، وإلا فإنه لن يتزوج؟! إننا بذلك نخلق مشكلة جديدة نحن في غنى عنها ونحل مشكلة بمشكلة أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي