عندما يتخلى الأب عن ابنه!

كيف نتصور أن يتخلى الأب عن ابنه، بأن يلقيه في أحد مراكز التأهيل وينساه، وكأنه لم ينجبه، وكأنه عبء عليه وهو أبوه، وإذا كنا نهتم بأبنائنا الأصحاء ونمنحهم حبنا وحناننا واهتمامنا، فما بال الابن المعاق، الذي يحتاج إلى حب أكثر وحنان مضاعف واهتمام شديد. فهو ليس سبب إعاقته، فهكذا خلقه الله، إنه - هو الابن المعاق – يمثل نعمة منحها الله للأب .. وليس نقمة أنزلها الله عليه، فهو برعايته لهذا الابن المعاق يضاعف له الثواب عند الله.
لقد هالني ما عرفته من أن 60 في المائة من الأسر لم تزر أبناءها المعاقين منذ أكثر من ثلاث سنوات في مركز التأهيل الشامل في المدينة المنورة، مع أنهم يمكن أن تكون خطواتهم دائما للمساجد، فأي صلاة تلك التي يؤدونها وهم يرتكبون مثل هذه الذنوب، إن أي أب عادي قد لا يعرف النوم طريقه إليه عندما يكون أحد أبنائه يعاني نزلة برد فقط وليس إعاقة، شيء غريب ولا يصدق .. هل نزعت الرأفة من قلوب هؤلاء الآباء والأمهات أيضا؟
الغريب أن الإخصائيين في مركز التأهيل يخاطبون هذه الأسر ويطلبون منها أن يزوروا أولادهم، فمثل هذه الزيارات تساعد على علاج هؤلاء المعاقين لأنهم يشعرون بالاستقرار النفسي عندما يجدون اهتمام أسرهم بهم. وما يدعو إلى الدهشة أكثر أن عددا كبيرا من هؤلاء المعاقين قد تماثل للشفاء وبدأ يمشي على قدميه، إلا أن أسر المعاقين لم تستجب ولم تقدم على هذه الزيارة، ولم يكن أمام مدير فرع الشؤون الاجتماعية في المنطقة إلا اللجوء إلى الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة، واستجاب الأمير بسرعة، وأصدر تعليماته باستخدام القوة الجبرية لإحضار هذه الأسر لزيارة أبنائها المعاقين، وإن كنا نشكر الأمير على هذه الاستجابة السريعة فإننا نوجه كل اللوم لهذه الأسر التي فقدت كل المشاعر الإنسانية، بل أطالب بسن قانون يعاقب هؤلاء الذين فقدوا مشاعرهم الأبوية .. فالحقوق ليست للآباء فقط، لكنها للأبناء أيضا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي