إيران ودول الخليج.. لكم دينكم ولي دين
لا تتوقف إيران عن اللعب بالكلمات والسياسات والمواقف، في سبيل تقديم رسائل متناقضة لا جدال أنها تعنيها جيدا، فهي تطالب بتحسين علاقاتها بدول الخليج صباحا، ثم تتدخل في شؤونها مساء، تزعم أنها لا تكنُّ أي عداء لجيرانها، ثم تتعمد استفزازهم بصور شتى والتهديد حتى بالهجوم العسكري عليهم، وهو ما يفضي إلى رسالة إيرانية واضحة، إن ما يفرقها عن دول الخليج أكثر ما يجمعها معهم! آخر ما أتحفنا به نظام الملالي، هو هجوم وزير الأمن الإيراني، خلال زيارته لأداء العمرة، على خطيب الجمعة في المسجد الحرام، أما السبب في ذلك، بحسب مزاعمه، لأن الخطيب انتقد ما يحدث في سورية ولم يفعل ذلك في البحرين. ومن مبدأ من فمك أدينك، فإن المبدأ نفسه الذي اعترض عليه المسؤول الإيراني، عاد ليناقضه بدفاعه المستميت عن النظام السوري، دون حجة منطقية واضحة، ثم عاد ليكرر مواقف بلاده المفضوحة والطائفية في البحرين، بمزاعمه أن الأزمة في سورية ليست أكثر من''جماعات مسلحة وعمليات تخريبية وإرهابية'' تؤدي إلى مقتل الأطفال والنساء والشيوخ، لكن ماذا يحدث في البحرين؟ يجيب حجة الإسلام حيدر مصلحي، وهو آخر من يمكن أن يكون حجة للإسلام، عندما يعتبر أن خطيب الجمعة في المسجد الحرام ''لم يراع العدالة بشأن موضوع البحرين وقتل الأطفال والنساء''، بل إنه يضيف أن ''القضية السورية تختلف بشكل عام عن الصحوة الإسلامية في المنطقة''. إذن هو يرى أن العصابات هي التي تقتل الأطفال والنساء في سورية، بينما الحكومة هي التي تفعل ذلك في البحرين، قمة الطائفية المقيتة من رؤوس نظام الملالي. ولأن نظام الملالي مستمر في التناقض بين تصرفاته وأفعاله وأقواله، فها هو رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، وفي سياق تعليقه على خطط دول الخليج لإقامة مشروع درع صاروخي ''ينصح'' دول الخليج بأن عليها ''وبدلا من منح قواعد عسكرية لأمريكا، أن تفكر في أمنها وأمن المنطقة من خلال التعاون الأمني الإقليمي بين دول المنطقة بعيدا عن تدخل الأجانب''، فهل شرح لنا المسؤول الإيراني من أين أتت فكرة المشروع الصاروخي لولا التصرفات العدوانية الإيرانية؟ وأيضا لولا التصريح والتلويح الإيراني المستمر بالاعتداء على دول الخليج لما أصبح الخليج بأكمله على حافة التوتر، بسبب السياسة الإيرانية التصعيدية التي لا تتوقف. إيران ستبقى عنصر التأزيم الأكبر في المنطقة، وستظل في سياستها الاستفزازية والتصعيدية لجيرانها في دول الخليج العربي قبل أي طرف آخر. وفي الوقت نفسه الذي تصر فيه على فضح طائفيتها يوما بعد الآخر، نجد أن بيننا من لا يزال ينظر لها على أنها دولة جارة مسالمة. يتغافلون عن عنصر الاستفزاز الذي تعتمده إيران في تعاطيها مع دول الخليج والسعودية تحديدا، ويبحثون عن حفظ ماء الوجه لطهران وأتباعها. تعامل إيران واضح ولو لم تقله صراحة: لكم دينكم ولي دين!