أسعار النفط المرتفعة سيئة لكل العالم .. والخوف من نقص الإمدادات غير عقلاني

أسعار النفط المرتفعة سيئة لكل العالم .. والخوف من نقص الإمدادات غير عقلاني

أكد أمس، المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، مجددا أن المملكة ستتحرك من أجل خفض أسعار النفط المرتفعة، والتي تهدد بدورها الاقتصاد العالمي.
وقال النعيمي، إن السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، ترغب في أن ترى سعرا أدنى من السعر الحالي للنفط، وأن يكون هذا السعر سعرا معقولا، لا يؤثر في انتعاش الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن الأسعار المرتفعة سيئة لكل العالم من الدول المتطورة، إلى جانب البلدان الناشئة أو الفقيرة أو المنتجة للنفط، وتابع أن السوق تبقى متوازنة على الرغم من التوتر الجيوسياسي.
وقال النعيمي ''نريد أن نزيل وهم وجود نقص في الإمدادات، معتبرا ذلك خوفا غير عقلاني، ما أدى بدوره إلى بقاء الأسعار مرتفعة.
وأضاف ''سنستخدم قدراتنا الإنتاجية الإضافية لإمداد السوق أيا كان الحجم الضروري'' حيث تؤكد السعودية باستمرار أنها مستعدة لزيادة إنتاجها لتهدئة الأسواق.
وعلى الرغم من تراجع الأسعار أمس الأول، إلا أنه ما زالت أسعار النفط منذ أسابيع في مستويات مرتفعة، مما يهدد النمو الاقتصادي في عدد من القطاعات الاقتصادية في العالم.
من جهة أخرى، من الممكن أن تستخدم الدول الغربية جزءا من احتياطاتها الاستراتيجية لتخفيف عبء الأسعار، إذ تراجع سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) في المبادلات الإلكترونية صباح أمس، 15 سنتا ليبلغ 105.26 دولار، بينما انخفض سعر برميل البرنت لبحر الشمال 16 سنتا ليصل إلى 124 دولارا.
أمام ذلك أكد لـ ''الاقتصادية'' حجاج بوخضور – مختص في الطاقة - أن اتجاه المملكة في السعي لدعم تخفيض أسعار النفط، مع احتمال السحب من مخزونات النفط الاستراتيجية في الولايات المتحدة ودول أوروبية، يصبان في الغاية نفسها المتمثلة في الحد من ارتفاع أسعار النفط الحالية.
وأوضح بوخضور، أن ارتفاع الأسعار الحالي نتج عن استغلال المضاربين للعوامل الجيوسياسية في دفع الأسعار إلى الارتفاع، لتحقيق مكاسب آنية على حساب تماسك الاقتصاد العالمي الهش، من الانهيارات والتعقيدات التي تترتب على هذا الارتفاع، ولكي يتحقق هذا التماسك للاقتصاد العالمي لا بد من اللجم أو التحكم في أسعار النفط.
وقال ''إن من أفضل الوسائل الحالية للتحكم في ذلك ما تقوم به المملكة من ترجيح لاتجاه أسعار النفط إلى الاستقرار، ومواءمة التوازن الاقتصادي لاتجاه هذه المعالجات الاقتصادية في العالم، حيث يعتبر ذلك مسؤولية الدول المنتجة للنفط وكذلك المستهلكة''.
وأضاف ''إن السعر المعقول حاليا للنفط يراوح بين 100 و120 دولارا للبرميل، بحيث لا يكون هناك تآكل لقيمة العوائد أو إيرادات النفط من انخفاض أسعار صرف الدولار، الذي يتأثر تبعا بارتفاع أسعار النفط، فيكون سببا في انخفاض قيمة العوائد، وذلك لكون مبيعات النفط مسعرة بالدولار، حيث إن ما يمكن تحقيقه من ارتفاع أسعار النفط يذهب أدراج الرياح مع انخفاض سعر صرف الدولار''.
ولفت بوخضور، إلى أن مثل هذه القرارات التي تتخذها السعودية أو دول منظمة التنمية الاقتصادية، تعتبر رسالة للمضاربين، لعدم استغلال العوامل الجيوسياسية في رفع أسعار النفط، وبالتالي ما تقوم به المملكة أو أمريكا من خلال السحب من مخزونها الاستراتيجي، يعد مناورة للجم أسعار النفط وإبعادها عن الارتفاع غير المعقول، وتحريرها من استغلال هؤلاء المضاربين، إذ استخدمت أمريكا على سبيل المثال مخزونها الاستراتيجي قبل نحو عام للغرض ذاته، كما استخدمته في عام 2002 عندما ارتفعت حينها الأسعار بشكل غير معقول متجاوزة 30 دولارا للبرميل، أي أنه استخدام روتيني يتم عند ارتفاع الطلب على النفط بشكل مؤقت، أو عند ارتفاع الأسعار بسبب العوامل الجيوسياسية، أو حدوث كوارث طبيعية تصيب منصات النفط، وذلك لمنع استغلال المضاربين مثل هذه الأحداث.
وكان المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أمس، قد أكد في كلمته أمام منتدى الطاقة الدولي الذي عقد في الكويت منتصف آذار (مارس) الجاري، أن السعودية ملتزمة بسد أي نقص ''حقيقي أو متصور'' في إمدادات الخام، وذلك في ظل ارتفاع الأسعار، نتيجة مخاوف من فقد محتمل لإنتاج إيران.
وقال المهندس النعيمي، حينها ''إن سوق النفط متوازنة بوجه عام، وإن هناك وفرة في الإنتاج والطاقة التكريرية، مضيفا أن السعودية وآخرين مستعدون لتعويض أي نقص في معروض النفط الخام، ولكن الموضوع المحوري يتمثل في كيفية الحد من تقلبات أسواق البترول العالمية، فهذه التقلبات تلحق الضرر بالمستهلك والمنتج، وأيضاً بالتخطيط بعيد المدى لصناعة الطاقة، ولا تحقق مصالح أي من المشاركين في هذا المنتدى، كما نعلم جميعا أن أسعار البترول عادة ما كانت تتسم بدرجة أعلى من التذبذب مقارنة بالكثير من السلع الأخرى، غير أن العقد المنصرم شهد، رغم قوة أساسيات العرض والطلب في السوق، تغيرات غير مسبوقة في الأسعار، وفي الوقت الراهن تتسم سوق النفط عموما بنوع من التوازن، مع توافر قدر كبير من الإنتاج والطاقة التكريرية، وكما أشرت في مرات عديدة من قبل، فإن المملكة، والدول المنتجة الأخرى مستعدة لتعويض أي نقص متوقع أو فعلي في إمدادات النفط''.
وأشار إلى أنه ''في الماضي القريب ساعدت المعلومات الخاطئة حول بلوغ النفط ذروة إنتاجه، واحتمالية نفاده، إلى جانب المخاوف غير المبررة بشأن الطاقة الإنتاجية، على زيادة هذه التقلبات، ومن الواضح أن الأحداث العالمية قد أثرت في أسعار البترول، وأن التقارير التي تصدر عن تلك الأحداث والتي تتسم في الأغلب بنوع من الإثارة تؤدي إلى تشويه الصورة، فالتقلبات في نهاية المطاف، تسببها المضاربات التي تشهدها أسواق البترول بناء على توقعات بشح المعروض في مقابل الطلب في المستقبل، وزيادة الاهتمام بمصادر الطاقة كنوع من الأصول المالية للمستثمرين، والتركيز على ما يُعرف بالبراميل الورقية (براميل النفط في العقود الآجلة) بدلاً من الشحنات الفعلية، الأمر الذي يسبب بعض المشكلات''.
ولفت المهندس النعيمي، إلى أهمية المبادرة المشتركة حول معلومات الطاقة، بقوله: ''من الواضح أنه ما من دولة، أو مجموعة دول، تستطيع وحدها أن تضمن استقرار السوق البترولية، وقد تعاونت المملكة على مدى سنوات طوال مع المنتجين والمستهلكين للحد من التقلبات، وتحقيق الاستقرار في السوق، كما أن قراراتنا الإنتاجية والاستثمارية، وما نقدمه من دعم لمنتدى الطاقة الدولي، وللمبادرة المشتركة لمعلومات الطاقة، إنما تسهم في تحقيق هذا الهدف''.
وأكد في ذلك الوقت، أن نقص المعلومات المتاحة عن أسواق الطاقة يزيد من حدة المضاربات، ولهذا السبب فإن المبادرة المشتركة حول معلومات الطاقة توفر لصنَّاع القرار حلاً مميزاً، كما تحظى هذه المبادرة، التي تتيح للعامة معلومات مهمة حول الطاقة، بإشادة وزراء الطاقة وغيرهم من واضعي السياسات، حيث تسهم في تحقيق الشفافية والاستقرار في الأسواق، كما تغطي هذه المبادرة، التي تشارك فيها نحو 100 دولة، نسبة 90 في المائة تقريبا من العرض والطلب العالميين على النفط، حيث ينظر منتجو الطاقة ومستهلكوها إلى هذه المبادرة باعتبارها وسيلة مهمة للحد من تذبذبات أسعار الطاقة في المستقبل، ومساعدة الدول على التخطيط للمستقبل بصورة أفضل، مهيبا بجميع الحكومات أن تعمل على دعم هذه المبادرة وتفعيلها.

الأكثر قراءة