صَـمْتُ الفاشلين

تتباهى كثير من المنظمات بمقولة الصمت حكمة، أو إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.. إذ دائما ما تتكرر هذه الحكم كرؤية لتحقيق الجودة، وعلى النقيض منها هناك مؤسسات ترى الضجيج شرطاً لبقائها في دائرة الضوء، وبين هذا الصمت الذي أصبح يُجترّ بمناسبة ودون مناسبة للتظاهر بتطبيقه، وبين الأحاديث السلبية التي تكسر حاجز الصمت يتراجع الأداء وترتفع الأصوات المطالبة بالتطوير!
نظرياً، وفي مجال كرة القدم تحديداً لا أظن أن إدارة النصر ستخسر شيئاً بمجرد ترديدها الممجوج لهذه الحكم من عدمه، ولا سيما أن نتائج العمل تطلبت وفق تصريحات رئيس النادي ضجيجاً في البداية تمثل في مشروع النسب المئوية، وعندما تعثر المشروع بدأت مسيرة الصمت المطبق، كما أن المبادرين بالحديث المتزامن مع هذا الصمت توهموا أنهم يسيرون بشكل صحيح، ولا أعتقد أن هناك أمراً يمكن أن يؤزِّم الموقف أكثر إلا عندما يتداخل الصمت والحديث السلبي في آن واحد، فرغم أن الفريق يتلقى الخسارة تلو الخسارة، ويقدم أسوأ المستويات، ويجري تقييمه والحكم بفشله على الهواء مباشرة في كل مباراة من قبل النقاد والجماهير إلا أن إدارة النصر منقسمة إلى فريقين: فريق يمثله الرئيس ونائبه يلوذ بشعار ''لا أرى .. لا أسمع .. لا أتكلم''، أما الفريق الآخر فيقوده المشرف العام الذي كسر حاجز هذا الصمت، وأدخل الفريق في دوامة تصريحات آخرها (الاستقالة المنتهية بالعودة).
من الناحية العملية لا أرى إدارة كسَّرت مجاديف النادي بصمتها كإدارة النصر، فالصمت الذي يعتري الأمير فيصل بن تركي ونائبه المشيقح وقبله السلهام يطرح آلاف علامات الاستفهام من قبل الجماهير النصراوية التي تنتظر جواباً شافياً لما يحدث، فالإدارة ستمضي فترتها الرئاسية والنتائج تسوء عاماً بعد عام، دون أن تكون هناك مبادرات تصحيحية لكسر التراجع المخيف.
صمت أعلى الهرم قابله حديث الأمير الوليد بن بدر بعد مباراة الهلال، عبر استقالة ''يمكن إيه ويمكن لا'' التي قدمها فهي - وإن كانت مشروطة وسلبية على الفريق - إلا أنها تعد انسحاباً ذكياً من سيناريو موجة التخبط العنيفة التي ما زال الفريق يتعرض لتبعاتها، لكن التساؤل المهم: هل استوعبت الإدارة مغزى استقالة المشرف العام وهو الذي أعلن منذ قدومه منتصف الموسم أن مهمته الأساسية إدارية تنظيمية تنحصر فقط في جدولة ديون النادي واتباع سياسة تقشف مالي بعيداً عن الدخول في أعماق التفاصيل الفنية التي لن تتحسن وفق رؤية المشرف إلا خلال الموسم المقبل؟
في تصوري لن أجد إجابة عن هذا السؤال، لأنه لم يعد لدى إدارة النصر أي جديد يمكن أن ينعكس على النادي غير سياسة الصمت بعد أن فشلت في تقديم الحلول واستنفدت الوقت وأرهقت الميزانية وتراجعت بالفريق إلى موقع لا يليق به، وما دام الأمر قد وصل إلى هذا الحد، فلماذا لا تكمل الإدارة النصراوية ما بدأه الوليد ولكن هذه المرة عبر استقالة جماعية ''منتهية بالابتعاد لا العودة''؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي