مَن يحل هذا اللغز؟!
هناك تضارب صارخ وعجيب في المنشآت الصحية في محافظة جدة، ففي الوقت الذي يشكو فيه المواطن السعودي من طول المواعيد في الانتظار للحصول على فرصة لإجراء عملية جراحية، أو حتى الكشف العادي، بدعوى عدم وجود العدد الكافي من الأطباء والكوادر الفنية والإدارية، هناك الآلاف من خريجي المعاهد والكليات الصحية يعانون من البطالة!
أليست هذه حالة مثيرة تدعو للعجب، يعني عندنا مشكلة وتحت أيدينا حلها. فلماذا لا يتحقق الحل، خصوصا أن مشكلة البطالة في المملكة تتفاقم يوما بعد يوم. وإذا كان نقص العمالة المدربة في أماكن أخرى غير المنشآت الصحية يمكن انتظاره، أو البطء في حله، فإنه في مجال الصحة لا يجب الانتظار، خصوصا أن هناك زيادة في الطلب على الخدمات العلاجية مع انتشار الأمراض المزمنة وتخصصات الأطفال وطب الطوارئ وزيادة أعداد المصابين بمرض السكري وزيادة الوزن وارتفاع نسبة الدهون في الدم وأمراض القلب وغيرها من الأمراض التي بدأت تظهر بشدة في المجتمع السعودي. فكيف يتحرك مجتمع يشكو من اعتلال الصحة، ولا يجد الرعاية الصحية التي تعينه على ممارسة حياته بشكل طبيعي.
المواطن في جدة يشكو من أن المستشفيات العامة سعتها محدودة الحجز في المواعيد. ولذلك يطول الانتظار، في الوقت الذي يشكو فيه من أن الأماكن المجهزة غير مريحة. وإذا كان القطاع الخاص الطبي لا يمثل سوى ربع ما هو مطلوب، فلماذا لا نتوسع في إنشاء المراكز الطبية والمستشفيات، ودعمها بالكوادر الطبية اللازمة. إن هذه المراكز وهذه المستشفيات يلجأ إليها عدد من المواطنين الذين لا يتحملون نفقات العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة، وهم يمثلون الأغلبية في المجتمع السعودي. وهذا هو دور الدولة في توفير العلاج لهؤلاء البسطاء. في الوقت نفسه لماذا لا يصدر تشريع يلزم الشركات باستخدام التأمين الصحي للعاملين فيها، فهذا يرفع الكثير عن كاهل الدولة.
إن محافظة جدة تئن من أمراضها، ولا تجد من يمد لها يد العون، وهذا العون ليس منة أو تفضلا من أحد، بل هو واجب ومسؤولية يتحملها العاملون في مجال الصحة العامة.
نعود مرة أخرى إلى تلك الحجة الواهية التي يقدمها العاملون في المستشفيات والمراكز الحكومية. وهي حجة نقص الكوادر الصحية الفنية والإدارية في الوقت الذي يقف فيه خريجو المعاهد والكليات الصحية في الشارع باحثين عن عمل، ولا أظن أن الميزانيات هي السبب، في الوقت الذي لا تبخل فيه الدولة بتوفير كل الإمكانات اللازمة لخدمة المواطن السعودي.
أنقذوا جدة من أمراضها، وابحثوا عن حل لهذا اللغز. لغز نقص الكوادر في الوقت الذي يقف فيه الخريجون يبحثون عن عمل!
أفيدونا أفادكم الله.