هل استوعبنا نصيحة الأستراليين؟
اليوم ينتظر منتخبنا الوطني لقاء حاسم أمام الأستراليين لا يقبل أنصاف الحلول، وبالمناسبة قرأت تصريحا للوكاس نيل قائد المنتخب الأسترالي الحالي مطلع هذا الأسبوع يقول فيه: إن الأخضر تسيطر عليه حالة ضغط نفسي رهيبة سببها تأثير الإعلام والجماهير، ويؤكد في تصريح آخر بول واد كابتن الكنغر الأسبق في نهاية الثمانينيات أن المنتخب السعودي لا يزال في مرحلة يأس.
عندما يأتي هذا التشخيص الحقيقي الذي يضع النقاط على الحروف من قائدين أستراليين لهما علاقة وثيقة بجيلين من أجيال الكرة السعودية ولمسيرة امتدت نحو 24 عاماً، وأيضاً من منتخب ضمن التأهل للمرحلة الثانية من تصفيات كأس العالم، فإن القائمين على المنتخب يجب أن يتوقفوا كثيرا لتشخيص كهذا.. والسؤال المهم: هل تتم الاستفادة من هذه النصائح اليوم لتكون خريطة طريق أسترالية " بيد عمرو وبيدي" تدل الأخضر على مفاتيح المرحلة الثانية من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014، والأهم: كيف تمت قراءة هذه المسجات الأسترالية الصادقة في زمن التنافس؟
في الإجابة عن هذا التساؤل سأعود بذاكرتي إلى الوراء 24 عاماً، فما زالت في مخيلتي بطولة الكأس الذهبية الودية التي التقى المنتخب السعودي فيها الأسترالي عام 1988، وقبل تلك المواجهة كانت الأمنيات المفرطة في التفاؤل تحلِّق بنا يمنة ويسرة، فمَن قدم أجمل المستويات أمام الأرجنتين في المباراة التي انتهت بالتعادل، ومَن كان يملك جيل ماجد ورفاقه لن يتبادر إلى ذهنه للحظة واحدة أنه سيدفع ضريبة هذا التفاؤل بثلاثية أسترالية ومن لاعبين أستراليين كانوا يلعبون كرة القدم بجانب وظائفهم الأساسية على حد تعبير بول القائد الأسبق!
اليوم الوضع مختلف تماماً.. فالهواة الأستراليون أصبحوا محترفين احترافاً حقيقياً، وأخضر اليوم غير جيل الأمس، والتفاؤل المفرط انقلب إلى يأس مستمر.. إذن كيف نتعامل مع تعقيدات هذه المعادلة المتقلِّبة؟
أجزم أن تفكيك رموز هذه المعادلة ممكن لو أحسنا استيعاب هذه الآراء التشخيصية الحقيقية والتعامل معها بواقعية واحترافية من الجانب النفسي بدءاً من لقاء اليوم وهو الأهم، فمنتخبنا على الأقل في هذه المرحلة يتفوق على المنتخبين العُماني والتايلاندي فنياً وعناصرياً، ولا خوف عليه اليوم بمشيئة الله إذا طبّق الهولندي القدير ريكارد وتوليفته الشبابية الجديدة استراتيجية المباريات الودية في معسكر أستراليا بالشكل المطلوب، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية تجاوز الأخضر المأزق النفسي الذي يسيطر عليه منذ خروجه من تصفيات كأس العالم 2010، وكأس آسيا الأخيرة في قطر.
التوفيق بين مواجهة الأمس واليوم يكمن في التهيئة النفسية الخبيرة والتقدير السليم للموقف، فلا التفاؤل المفرط أفاد كوكبة النجوم السابقين لتجاوز الأستراليين، ولا حالة التشاؤم التي لم تعالج ولم نستطع الفكاك منها طيلة البطولات الماضية كفيلة بتجاوز عقبة اليوم، فماذا نفعل إذاً؟
الجميل أن تكون الأجهزة الإدارية والفنية قد استوعبت بشكل سريع وعاجل نصيحة قائد أستراليا الأسبق عندما قال إن الأخضر سيكون يائساً واليائس دائماً يقدم نتائج مرضية، والأجمل تطبيق هذا الاستيعاب على أرض الواقع من خلال علاج الثغرات النفسية المتراكمة والقضاء على هذا اليأس وتحويله إلى عنصر إيجابي، ليكون "حافز" المنتخب الجديد إلى عاصمة السامبا.. عموماً حانت ساعة المواجهة.. دعواتكم للأخضر ونتمنى أن يتفاعل المنتخب مع هذا اليأس ما دام إيجابياً على غير العادة!