نظام جديد للمصالحة لتقليص القضايا المنظورة في المحاكم

أعلن وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى تبني الوزارة مشروع المصالحة والتوفيق، الذي يهدف إلى تقليص أعداد القضايا المنظورة أمام المحاكم وتخفيف العبء عن كاهل القضاء، وذلك من خلال تفعيل دور مكاتب الصلح للمساهمة في حل القضايا ومحاولة التوصل إلى تسويات دون الحاجة إلى رفع الدعاوى لأصحاب الفضيلة القضاة وإيجاد الحلول المرضية للأطراف المتقاضية عبر كوادر مؤهلة ومختصة بالعمل القضائي لإنهاء المنازعات والخلافات وتقريب وجهات النظر حتى يتم التوصل إلى اتفاق مرضٍ للطرفين.
يأتي هذا المشروع ضمن منظومة كبيرة من المشاريع الواقعة تحت مظلة برنامج خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لتطوير مرفق القضاء، ويؤمل من هذا المشروع أن يخفف العبء عن كاهل القضاء ويسهم في معالجة مشكلة التأخر في البت في القضايا التي يعانيها القضاء في المملكة، إضافة إلى أنه سيسهم في معالجة مشكلة كبرى يعانيها المواطنون والمقيمون، خصوصا المستثمرين وتحسب على القضاء بحكم مسؤوليته عن قضاء التنفيذ الذي تمارسه حاليا إدارات الحقوق المدنية وأقسام الشُّرط، وتتمثل هذه المعضلة في إنفاذ العقود وتنفيذ الأحكام، التي كانت سببا قويا في حصول بلدنا على ترتيب متأخر جداً بين الدول في هذا الجانب من الجوانب التي يشتمل عليها تصنيف الدول في تقرير ''سهولة مزاولة الأعمال''. ولولا تأخر المملكة في هذا الجانب لكانت من بين أفضل عشر دول في هذا التصنيف، الذي يعوّل عليه المستثمرون، وتطمح إلى تحقيقه الهيئة العامة للاستثمار والتي تحتاج إلى تعاون الجهات الحكومية الأخرى معها لتحقيق طموحاتها الوطنية التي تستحق الإشادة.
وهذا المشروع البناء لوزارة العدل يستحق كل التقدير والإعجاب، كما يستوجب منا كمواطنين مستفيدين ومتخصصين أن ندلي بما لدينا من مقترحات تطويرية أو ملاحظات تصب في مساندة جهود الوزارة وسعيها للمضي قدما بمستوى العمل القضائي للأفضل وفق توجهات ولاة الأمر - حفظهم الله. ويدخل من ضمن المقترحات التي نلتمس من الوزارة دراستها مقترح وضع نظام للتوفيق والمصالحة بين المتنازعين يشتمل على آلية نظامية متكاملة لتسوية النزاعات بالطرق الودية بدءا من مرحلة ظهور النزاع ورغبة المتنازعين في تسوية نزاعهم عبر هذه الطرق ومرورا باختيار الموفق أو المصلح ووصولا إلى مرحلة إنهاء النزاع وإصدار قرار المصالحة أو التوفيق وقبوله من الأطراف ومن ثم آلية منظمة وسريعة للانتقال في حالة عدم قبول هذا القرار إلى وسائل حل النزاع الملزمة المتمثلة في التحكيم أو المحكمة المختصة بحسب ما يتفق عليه أطراف النزاع.
وهذا المشروع الذي وصفه بحق وزير العدل بأنه في غاية الأهمية ويعد بآمال كبيرة يحتاج إلى وجود نظام ينظم وسائل تسوية النزاع الودية ويكفل تحقيق رضا المتنازعين وفي الوقت نفسه عدم مخالفة الشريعة الإسلامية السمحة وقواعد النظام العام. وقد ترى الوزارة مناسبة إدخال فصل على مشروع نظام التحكيم الجديد يتضمن الأحكام والقواعد اللازمة لتنظيم وسائل التوفيق والمصالحة باعتبارها من وسائل فض المنازعات تحت إشراف وزارة العدل كجزء من التنظيم القضائي بجانب القضاء الرسمي.
كما يأتي من ضمن المقترحات إعادة النظر في أن يكون إيكال تنفيذ والقيام بوسائل حل النزاعات الودية عبر كوادر مؤهلة ومختصة في العمل القضائي، وأن يترك ذلك لاختيار أطراف النزاع ومنحهم الحرية الكاملة في اختيار من يرون لإنهاء المنازعات والخلافات وتقريب وجهات النظر بينهم بغض النظر عن تخصص الموفق أو المصلح ويترك لأطراف النزاع اختيار صاحب التخصص الذي يحتاجون إليه وبغض النظر عن جنسيته أو جنسه أو معتقده، وذلك على غرار ما هو مطبق في جميع دول العالم بالنسبة لوسائل حل النزاع الودية ومن بينها الصلح والتوفيق والوساطة، ويمكن الاستفادة في هذا الخصوص من قواعد الأونسترال للتوفيق الصادرة عن الأمم المتحدة http://www.uncitral.org.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي