إيران.. حظر النفط أسلم من الحرب!
للتو فقط صحت أوروبا على وقع الاستفزاز الإيراني، بعيد الاعتداء على سفارة لندن في طهران. ''الباستيج'' الإيراني كرر فعلته التي مارسها كثيرا مع سفارات دول عدة، بينها البعثات الدبلوماسية السعودية في العاصمة الإيرانية، ولأكثر من مرة، بينما الأوروبيون كانوا ينأون بأنفسهم عن الدخول في مثل هذا، بل استمروا بتراخيهم في التعاطي مع الملف النووي الإيراني، وها هم يسارعون لبحث فرض عقوبات جديدة، بعد أن مسَّهم شيء من الحريق الإيراني المندلع أصلا منذ عقود في الخليج العربي.
لا يهم التأخر الأوروبي، فالمنطق يفرض نفسه في بحثهم عن مصالحهم لا مصالح الخليجيين، رغم أن هؤلاء الأكثر تضررا من التصرفات الإيرانية الحمقاء، المهم أن يأتي الغضب الأوروبي بنتيجة حاسمة، عبر تحجيم الخطر الإيراني الذي لن يُردع إلا بتغليظ العقوبات، ولعل أبرز هذه العقوبات المنتظرة فرض حظر على تصدير النفط، ولو بشكل جزئي، والتي لا شك سيكون لها وقع اقتصادي وسياسي سلبي على نظام الملالي فيما بعد.
حتى الآن فرضت الأمم المتحدة أربع دفعات من العقوبات على إيران، لكن أيا منها لا يتضمن فرض حظر تجاري أو بترولي أو منعا لسفر المسؤولين الإيرانيين، وهذا ما ساعد النظام الإيراني على الاستمرار في دعم أجندته الخاصة، حتى لو كانت تحوي إرهابا دوليا، كما في محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، أو حتى المضي في برنامجه النووي المثير للجدل، والذي لم يستطع العالم حتى الآن أن يواجهه، ولن نفاجأ لو صحونا يوما لنجد عرضا إيرانيا ببلوغها مرحلة تصنيع قنبلتها النووية المنتظرة.
صحيح أن أوروبا تستورد 30 في المائة من النفط الإيراني فقط، لكن صدور قرار بحظر تصدير هذا النفط سيقصم ظهر نظام الملالي، وسيجعله يعيد النظر في عائدات صادراته النفطية، التي لا يوجِّه إلا جزءا منها لمواطنيه، بينما الجزء الآخر يذهب لتنفيذ استراتيجياته المعلنة، سواء بدعم حزب الله أو النظام السوري، أو بتوجيه موارد مالية لجماعات إرهابية مختلفة في العالم العربي وخارجه.
لكن كيف سيستقبل العالم قرارا مثل هذا بحظر النفط الإيراني، في الوقت الذي يئن الاقتصاد العالمي تحت وطأة أزمة مالية غير مسبوقة؟ لا يُتوقع أن يكون تأثير هذا القرار طويلا على الأسواق، بسبب قدرة دول ''أوبك'' على تعويض هذا النقص في الإمدادات، أضف إلى أن هذه الخطوة ستكون هي التي تقيد حركة طهران، بدلا من ترك جميع الاحتمالات مفتوحة، ثم تفعلها إسرائيل بضربة جوية للمواقع النووية الإيرانية، حينها ستكون التكاليف المترتبة على الاقتصاد العالمي أكثر بكثير من تكاليف العقوبات على النظام الإيراني.
تغليظ العقوبات الاقتصادية على نظام طهران هو الحل الوحيد لاتقاء شرها، بعيدا عن الدخول في الأسوأ، وهو نشوب حرب إقليمية ستكلف المنطقة والعالم الشيء الكثير، وربما حماقة طهران في الاعتداء على السفارة البريطانية بهذه الصورة الهمجية، ستكون بداية حقيقية لتحجيم دور إيران العدواني، والبوابة الفعلية للوصول لهذه النتيجة: الحظر النفطي.