«الشورى» يبحث نظاما للتحكيم التجاري يسرع فض المنازعات

«الشورى» يبحث نظاما للتحكيم التجاري يسرع فض المنازعات

شرع مجلس الشورى أمس في مناقشة مشروع نظام التحكيم الجديد، الذي يستهدف سرعة فض المنازعات التجارية، وإزالة ما في النظام المعمول به حالياً من تداخل وازدواجية بعد اعتماد الحلول التنظيمية المتعلقة بدراسة القضاء والتحقيق وفض المنازعات بعد صدور الأنظمة القضائية، وبما يتفق مع متطلبات انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية.
وأثار موضوع تحديد ديانة المحكم في المنازعات التجارية الدولية المنظورة داخل المملكة جدلا واسعا بين أعضاء المجلس خلال مناقشة تقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بشأن المشروع. ففي حين أكد البعض - وهو ما مثل رأي الأقلية داخل اللجنة - أن صيغة المشروع في وضعه الحالي غير مانعة لدخول غير المسلم كمحكم في المنازعات التجارية وهذا خلاف ما حملته الشريعة وما عليه فقهاء الأمة، التي جعلت الحكم قضاء وتحكيما بين المسلم وغير المسلم في جهة المسلمين للمسلمين، فلا ولاية لكافر على مسلم، مطالبين في هذا الصدد بضرورة اشتراط أن يكون المحكم مسلما كامل الأهلية للقضاء. في المقابل، يرى أعضاء أن ما ذهب إليه الأقلية في اللجنة لا يخص التحكيم عموما، وإنما يخص مسألة فيما كان النزاع بين المسلمين، حيث لا يجوز أن يحكم بين المسلمين كافر، ولكن المقصود في نظام التحكيم في الدعاوى التي يكون أحد أطرافها دولية كالشركات الأجنبية التي يتعامل معها رجال الأعمال السعوديون، وهنا لا يمكن اشتراط الإسلام في المحكم، "فالإسلام لا يكون شرطا في عموم قضايا التحكيم ولكن في بعضها".
وأكد أعضاء في مستهل مداخلاتهم أن مشروع النظام الجديد يمثل تقدماً لمسيرة التحكيم التجاري ويسد حاجة ماسة في هذا المجال في المملكة، داعين في هذا الصدد إلى أهمية إشراك القطاع الخاص وممثلين عن مجلس الغرف التجارية السعودية في مناقشة تفصيلات النظام ومواده. كما طالب الأعضاء بضرورة وضع تعريف دقيق لمصطلح التحكيم، فيما تساءل آخرون عن التعريف الذي ضمنته اللجنة في مشروع النظام بشأن المحكمة المختصة، الذي قيدته بمحكمة الاستئناف، وأيضا عن الحالات والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح والتي نص عليها النظام في إحدى مواده، مطالبين بضرورة أن يوضح مشروع النظام كيفية التعامل مع طرفي النزاع إذا كان أحدهما من خارج المملكة بخصوص ما قد يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة. وفيما يختص بهيئة التحكيم، رأى أحد الأعضاء ضرورة عدم فرض محكمين على طرفي النزاع، بل يترك اختيار الحكم للمتخاصمين والاتفاق عليه بما يناسب موضوع الخلاف، سواءً كان المحكم ذا تخصص شرعي أو نظامي أو خبيراً في موضوع النزاع، فيما تساءل آخر عن عدد المحكمين الذين سينظرون في قضية النزاع، حيث أوردت إحدى المواد أن العدد فرد واحد، لكنها لم تحدد الحد الأقصى، ولم تحدد متى يكون الاجتماع نظامياً إذا كان عدد المحكمين أكثر من واحد. أمام ذلك، أوضحت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في تقريرها أنها اطلعت خلال مناقشتها مشروع النظام على عدد من التنظيمات والتعليمات الصادرة في المملكة، والقوانين المشابهة لبعض الدول العربية، وعدد من المؤلفات الفقهية والقانونية وقرارات المجامع الفقهية المتعلقة بالتحكيم، واستضافت عددا من مندوبي الجهات ذات العلاقة لاستطلاع آرائهم بشأن مواد النظام وتفصيلاته. كما دعت اللجنة في تقريرها إلى قيام وزارة العدل ووزارة التجارة والصناعة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء والجهات الأخرى ذات العلاقة بإعداد مشروع اللائحة التنفيذية لهذا النظام، ورفعها لمجلس الوزراء للنظر في الموافقة عليها إنفاذاً للمادة السادسة والخمسين من مشروع النظام.
وجاء مشروع نظام التحكيم في 58 مادة منظومة في ثمانية أبواب، الأول منها تضمن أحكاماً عامة جرى التأكيد من خلالها على الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، والنظام العام في المملكة، والاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفاً فيها. كما تضمن هذا الباب أحكام الإبلاغ وبيان جهة الاختصاص في نظر دعوى البطلان.

الأكثر قراءة