الاقتصاد العالمي: مزيداً من التشاؤم وتبعاته
كتبت الأسبوع الماضي عن المخاوف التي تعتري الاقتصاد العالمية جراء تباطؤ الاتحاد الأوروبي في اتخاذ خطوات حاسمة تجاه الأزمة الأوروبية، وتحديدا أزمة اليونان. واليوم أكتب المقال ومؤشرات جديدة سلبية للغاية طفت على سطح الأسبوع الفائت. ومنها عدم اتفاق اللجنة العليا لحل مشكلة سقف الدين الأمريكية في الوصول إلى حل، وبالتالي فإن على إدارة أوباما أن تخفض نحو 1.2 تريليون دولار من عجز الموازنة العامة في السنوات العشر القادمة. وتبعات مثل هذا القرار خطيرة على السياسة الضريبية التي قد تصيب دخول الطبقات المتوسطة والفقيرة مما يساهم في تراجع النمو الأمريكي، إذ إن الإنفاق يمثل ثلثي إجمالي الناتج المحلي. يضاف إلى ذلك توقع وزارة التجارة الأمريكية تراجع النمو إلى 2 في المائة في الربع الثالث بدلا مما هو مقدر عند 2.5 في المائة. وقد تؤثر هذه الأنباء على التصنيف الذي ستصدره وكالة التصنيف الائتماني ''فيتش'' نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، الذي أصبح في حكم المؤكد انخفاضه عطفا على هذه المؤشرات.
وأدخلنا الاقتصاد الألماني في حيرة مساء الأربعاء الماضي عندما عجزت ألمانيا عن بيع سندات طويلة الأجل بقيمة ستة مليارات يورو، حيث باعت 3.889 مليار يورو فقط، مما يعكس النظرة السلبية طويلة الأمد للمستثمرين عطفا على كون تلك السندات طويلة الأجل. وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع العائد على السندات الألمانية، وتراجع اليورو. والاقتصاد الألماني الذي يعول عليه إنقاذ دول الوحدة الأوروبية، أصبح في وضع يجعلنا نؤكد أن التردد في اتخاذ قرارات مصيرية لإنقاذ الوحدة الأوروبية أمر لم يدركه الساسة الأوروبيون حتى الآن، رغم استقالة وهزيمة ثلاث حكومات أوروبية كان آخرها هزيمة الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا الأحد الماضي. ولا تنأى فرنسا عن تداعيات ما يحدث في ألمانيا، خصوصا مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة الفرنسية، والتوقع بتجاوزها العجز المتوقع في الموازنة الحكومية، مما يؤدي إلى أن تتخذ وكالات التصنيف الائتماني خطوات لتخفيض تصنيفها.
وفي اعتقادي أن أهم الأخبار السيئة هو ما يتوارد إلينا من الصين عن تراجع ثقة المديرين، وتشاؤم نائب رئيس وزراء الصين في قوله في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) ''إن من المؤكد حدوث ركود عالمي طويل الأجل وإن على الصين أن تركز على المشاكل الداخلية''. إذ إن أي تراجعات واضحة في الاقتصاد الصيني ستعود سلباً على اقتصاد المملكة، فهي تعد الآن من أكبر المستوردين للنفط السعودي، والبتروكيماويات، مما قد يترك أثرا سلبيا على أسعار هذه المنتجات. ويبدو أن السوق السعودية، قد أدركت خطورة تراجع النمو الاقتصادي الصيني وتبعاته المحتملة على آسيا، فتراجعت خلال الأسبوع بضغط من شركات البتروكيماويات - ''سابك'' تحديدا، والبنوك، الأمر الذي يؤكد لنا أن هذا التراجع يعكس القلق الناتج عن توارد مؤشرات عالمية غير سارة. لقد اتكأت أسعار النفط والبتروكيماويات خلال العام الحالي على حجم الطلب الكبير من دول شرق آسيا، ولعبت الصين دورا مهما في قيادة الاقتصاد العالمي في الفترة التي انكفأت فيها أمريكا على معالجة اقتصادها المحلي، وتساقط الحكومات الأوروبية المتتالية مع تراجع في مؤشراتها المالية والاقتصادية.
ويمكنني الاسترسال في هذه النظرة التشاؤمية لو استعرضت مشكلة المديونية اليابانية التي وصلت إلى مستويات مقلقة لصندوق النقد الدولي، ناهيك عن تراجع العملة الهندية مع معدلات تضخم متزايدة، مما جعل القول إن نبرة التفاؤل الصامتة خلال 2011 تحولت لدى الكثير إلى صرخة متشائمة قبل أن تنتهي سنة 2011. دعونا نودع هذا العام بهذه النظرة، آملين أن تتغير وأنتم تقرؤون هذه المقالة، فالأمل هو نبراسي دائماً.