بين الافتراش .. والافتراس!

تحولت ظاهرة الافتراش إلى عملية افتراس .. وتصور مليون مفترش تحولوا إلى مليون مفترس .. فهم يفترسون الأرض والغذاء والشراب والشوارع ويزاحمون أصحاب الحقوق الشرعيين في حقوقهم .. وتبذل الدولة في حج كل عام جهوداً جبارة لخدمة حجاج بيت الله الحرام .. من لحظة وصول الحاج إلى لحظة مغادرته .. وهي حريصة كل الحرص على سلامته وأن يتاح للحاج أداء الفريضة بكل يسر وسهولة.
إلا أن ظاهرة الافتراش ما زالت من السلبيات التي تواجه الجهات المعنية بشؤون الحج كل عام .. وكما قال أمير منطقة "مكة المكرّمة" ورئيس لجنة الحج المركزية الأمير "خالد الفيصل": "إن الافتراش يعد أبرز سلبية في المشاعر المقدسة .. وهناك تقديرات بأن عدد المفترشين هذا العام وصل إلى نحو مليون مفترش .. بمعنى أن مليون مخالف ذهبوا للحج بدون ترخيص وقاموا بالتسلل بطرق غير مشروعة، ومعظمهم تسللوا من داخل "مكة المكرّمة" مما يصعب مهمة إيقافهم، كما أن هناك عصابات تتولى تهريب المخالفين من خارج مكة "إلى داخل المشاعر المقدسة".
والافتراش يربك خدمات الحج ويشكل خطراً على الحجاج كما أنه يؤثر سلباً في الحجاج النظاميين، فإن له أيضاً أضرارا صحية بالغة الخطورة على الجميع داخل وخارج المشاعر المقدسة من خلال نقل الأمراض الوبائية وانتشارها إلى داخل مدن المملكة وتعريض حياة الأطفال والمرضى وكبار السن للخطر.
وعليه، يجب تضافر الجهود الرسمية والشعبية لمكافحة ظاهرة الافتراش والقضاء عليها مهما كان الثمن .. ولعل التوعية تأتي أولاً عن طريق الإعلام والمساجد وكل المنابر المتاحة، وثانياً لا بد من تطوير أساليب ووسائل المنع والاستفادة القصوى من التقنية الحديثة لتحقيق هذا المهمة ولتمكين الأجهزة الأمنية من التصدي لعصابات التهريب المجرمة، ومضاعفة العقوبات على المخالف، سواء كان مواطناً أو مقيماً.
بعد كل هذا يأتي على رأس معالجة هذه الظاهرة تخفيض تكلفة رسوم حجاج الداخل .. حيث إن نسبة كبيرة من المفترشين يقدمون على الافتراش لعدم قدرتهم المالية على الانضمام لحملات الحج الداخلية لارتفاع أسعارها.
على الجهات المعنية سرعة دراسة إجراءات خفض تكلفة رسوم حجاج الداخل .. يجب أن نبذل كل جهد لإيقاف هذا العدوان بعد أن تحول المفترشون إلى "مفترسون" مع الإخلال بقواعد النحو.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي