العناصر البيئية للمجتمع التعليمي والتربوي
يمكن تعريف التربية البيئية في الإسلام بأنها (النشاط الإنساني الذي يقوم بتوعية الأفراد بالبيئة وبالعلاقات القائمة بين مكوناتها، وبتكوين القيم والمهارات البيئية وتنميتها على أساس من مبادئ الإسلام وتصوراته عن الغاية التي من أجلها خلق الإنسان، ومطالب التقدم الإنساني المتوازن مثل قيم المحافظة، قيم الاستغلال، قيم التكيف والاعتقاد، قيم الجمال).
''البيئة المادية'' هي البيئة الأكثر فاعلية في قيادة عجلة التنمية التعليمية والتربوية في المجتمع بالتزامن مع الرؤية الاستراتيجية والعلمية الشاملة التي تجمع ما بين دمج المناهج التعليمية التربوية النظرية مع البيئة المادية المحيطة بالطالب والكادر التعليمي والتربوي في معادلة متوازنة المعطيات والمدخلات تجسد البيئة النفسية والسلوكية العامة وتتناغم مع توافر البيئة الصحية في جميع تطبيقات ومقومات الاحتياجات الخدماتية والعلمية والتقنية والتدريبية الحديثة في فصول وردهات المدرسة أو المعهد أو الجامعة التي تخدم تهيئة تدفق المعلومة وتنامي الحس التربوي، وقبل هذا تنامي الشعور والمسؤولية القابل للإنتاجية والعطاء، وقد أشارت بعض الدراسات العلمية إلى أن اليوم الدراسي العادي في المدرسة أو الجامعة هو أكثر الأماكن والفترات الزمنية المناسبة للإبداع شريطه تهيئة الفرصة لموهبة الطالب مع تشجيع ودعم المعلم في هذا الخصوص، وكذلك توافر وتنوع الأنشطة التربوية والتعليمية الحديثة المناسبة، حيث إن الإبداع العلمي والفكري موجود ولكن بدرجات متفاوتة بين الطلاب، ولكن يلاحظ أن بعض المناهج الدراسية في المنظومات التعليمية الحكومية تتم تهيئتها وإعدادها في الغالب على مستوى عقلية الطلاب العاديين من حيث القدرات والاستعدادات، ومن ثم لا بد للمعلم أن يطور المهارات والمعارف والأنشطة والفعاليات المتضمنة في هذه المناهج الدراسية حتى تلبى احتياجات الطلاب المبدعين في المدارس.
ويمكن لنا تفعيل وتهيئة البيئة والمناخ العلمي والعملي والإبداعي المطلوب لشريحة مهمة في مجتمعنا، وهي الفئة العمرية من الأطفال والمراهقين والشباب، التي يعول عليها بعد المولى - عز وجل - في عملية البناء والتنمية الشاملة والمستدامة في المجتمع السعودي من خلال المزج ما بين بعض تطبيقات ومحاور البيئة بشكل عام يضمن مواكبة استراتيجيات التربية والتعليم الحديثة لدول العالم المتقدمة في هذا الخصوص، حيث إن تفعيل مفهوم وتطبيقات الصحة البيئية المادية المدرسية يساهم في تلافي بعض المخاطر والسلبيات المتنوعة مثل (تكرر غياب الطالب عن التحصيل العلمي، إعاقة النمو البدني والعقلي، ارتفاع نسبة وتنوع الأمراض والأعراض الصحية والمعدية) وكذلك يساهم في مجتمع صحي آمن ونظيف وطموح من خلال توافر بعض المعطيات والعناصر الأساسية المتمثلة في (التهوية والإضاءة الكافية في المدارس والفصول، الجاهزية الصحية والوقائية للمقصف المدرسي والعاملين، سلامة موارد وعينات مياه الشرب، جاهزية دورات المياه في المدارس من ناحية العدد والنظافة وأحواض الغسيل والتهوية ومواد التنظيف، شبكة تصريف صحي متكاملة للفضلات الصلبة والسائلة، مكافحة الحشرات والزواحف بالطرق العلمية، تجهيز الخدمات الطبية المدرسية للطلبة والكادر التعليمي مع الفحوص الدورية) وتعتبر المدارس ''بيئة حاضنة'' يسهل فيها ظهور وانتقال الأمراض والعدوى منها، خصوصا في مرحلة الطفولة، حيث يلاحظ انتشار بعض الأمراض مثل (الحصبة، السعال الديكي، النكاف، الجدري الكاذب، الرمد، الإنفلونزا .. وغيرها).
كما أن الرقابة والمتابعة المشتركة والتنسيق بين المنزل والمدرسة لطبيعة الأعراض الصحية والنفسية للطالب عامل مهم ومساعد في هذا الخصوص، بالتزامن مع التثقيف والتوعية بمفهوم وتطبيقات البيئة المادية والصحية للطلبة والكادر التعليمي والمنظومة الإدارية للتربية والتعليم، وكذلك لأولياء أمور الطلبة دور في توافر التهيئة والتناغم المطلوب مع مسيرة التخطيط والتنمية والإبداع لمختلف شرائح المجتمع بهدف رفع مستوى وكفاءة التحصيل العلمي وتهيئة المناخ البيئي والصحي الآمن.
وحتى نضمن بعد مشيئة الله توافر جميع المحاور والتطبيقات والمعطيات العلمية والمهنية الحديثة في التوجه والتخطيط التربوي التعليمي في المملكة، ينبغي الإشارة في عجالة إلى أهمية تفعيل استخدامات علم ''النفس التربوي'' كمعيار ومقياس لتسارع نجاح وتحقق الأهداف المنشودة، ويعرف هذا العلم الذي يندرج كتخصص من فروع علم النفس النظرية والتطبيقية على أنه (الدراسة العملية لسلوك المعلم والمتعلم في جوانب أو مواقف أو مشاكل تربوية والبحث فيها من خلال ربطها ببرامج التأهيل النفسي، برامج التعليم، أساليب العلاج ونظريات التطور المعرفي أو نظرية الذكاء أو غيرها من النظريات التربوية الأخرى)، كما هو الحال مثلا في دراسة واقع سلوك أو تصرف المعلم والمتلقي خلال ممارسته عملية التعلم داخل الفصل الدراسي أو قاعة المحاضرة.