ملتقى في مكة لإنقاذ سوق الذهب وتشجيع الاستثمار فيه

ملتقى في مكة لإنقاذ سوق الذهب وتشجيع الاستثمار فيه
ملتقى في مكة لإنقاذ سوق الذهب وتشجيع الاستثمار فيه
ملتقى في مكة لإنقاذ سوق الذهب وتشجيع الاستثمار فيه

أكد لـ "الاقتصادية" مصدر في قطاع الذهب التوجه لإقامة "ملتقى إنقاذ" قطاع الذهب تعقده الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة نهاية الشهر الجاري، الذي من المقرر أن يجمع الصناع والمستوردين في قطاع الذهب لبحث أوضاع القطاع في حال استمرارية ارتفاع أسعار المعدن الأصفر.

وأكد مختصان في صناعة الذهب والمجوهرات تحدثا لـ"الاقتصادية"، أن خروج مستثمرين من القطاع في فترة الشهرين المقبلين، إضافة إلى الذين سبقوهم بالخروج أمر أصبحت احتمالاته واردة بنسب كبيرة، مبينين أن ذلك يأتي في ظل عدم قدرة المواسم الدينية خلال العامين الماضيين، وعلى وجه التحديد موسم الحج الجاري في إنقاذ السوق من الخسائر الكبيرة بعد ضعف حجم المبيعات ووصوله إلى نسب متدنية جداً، وكذلك عدم قدرة هذه المواسم على تصحيح حالة السوق وإنعاشه من جديد.

وأبان المختصون أن إغلاق أبواب محال الذهب جاء بالتزامن مع ارتفاع سعر جرام الذهب وعدم قدرة القادمين إلى مكة المكرمة من الحجاج أو العملاء الفاعلين على الشراء، نظراً لضعف الملاءة المالية بشكل عام من جهة، أو بسبب عدم قدرتهم على تحمل ارتفاع الأسعار التي وصلت إلى أكثر 250 في المائة للقطعة الذهبية، مقارنة بسعرها قبل سنتين تقريبا، التي كانت في السابق مرغوبة ضمن تصنيف قائمة هدايا المعتمر والحاج.

بيد أن المختصين يؤكدون ارتفاع حجم خروج المستثمرين من السوق إلا أنهم ما زالوا يتمسكون برأيهم حول أن من يخرج من السوق ليس من الأسر المعروفة والعريقة في مجال صناعة وصياغة الذهب والمجوهرات، مشيرين إلى أنهم مجرد مستثمرين كانوا يرغبون في توزيع محافظهم الاستثمارية لتحقيق مكاسب أكبر، وكأنهم أصدموا بواقع الأسعار المرتفع وحجم المبيعات المنخفض في ظل عدم درايتهم وقدرتهم على التعامل مع ذلك الأمر بالشكل الأمثل، إذ إنهم عند دخولهم للقطاع لم يعتمدوا بشكل علمي على دراسات جدوى في ظل افتقاد الغرفة التجارية والجهات المختصة لبيانات إحصائية قادرة على توجيه المستثمرين التوجيه الأمثل.

#3#

وقال لـ "الاقتصادية" المهندس نواف جوهرجي رئيس مجلس إدارة مزاد مكة للذهب والمجوهرات: "كمختصين وعاملين في السوق لا نملك أي توقعات مستقبلية لسعر الذهب بارتفاعه أو انخفاضه، ولكن ما يجب الإشارة إليه، أننا نلاحظ منذ عشرات السنين أن الذهب في نهاية العام الميلادي أو قبله بشهر أو بشهرين دائما يبدأ في الارتفاع بالأسعار وينخفض بعد نهاية العام لانخفاض الطلب عليه ولأمور أخرى، ولكن ما أتوقعه مستقبلا أن يظل الذهب في الصعود، وربما لن يأتي منتصف العام القادم إلا وقد يسجل أرقاما جديدة من المحتمل أن تصل إلى 1800، كما كان عليه الأمر في السابق".

ويرى جوهرجي، أن سبب إغلاق كثير من محال الذهب في مكة المكرمة لأبوابها، يعود لكون البعض دخلوا للسوق بغرض الاستثمار وليس التخصص، مؤكداً أنه فيما يخص استمرار بعض الأسر المعروفة بتجارة الذهب فهذا هو مجالهم، ولا يمكن خروجهم مطلقا، مشيراً إلى أنه قد تكررت عملية انخفاض حركة المبيعات خلال السنوات الأخيرة باستمرار، إلا أنهم بقوا في السوق، لأن ذلك هو التخصص الأساسي لهم ولعائلاتهم العريقة.

وأضاف جوهرجي: "ارتفاع أسعار الذهب يجعل كثيرا من القادمين لتأدية النسك الديني يتحولون إلى شراء أمور أخرى بخلاف التوجه لشراء الذهب على وجه التحديد، حيث إن ارتفاعه بهذا الشكل قد يكون أحيانا عائقا، وذلك لأن ميزانية بعض الأشخاص لا تتحمل أن يقدم هدية كانت في السابق بقيمة تراوح عند ألف ريال، والآن أصبحت تعادل أربعة أو خمسة آلاف ريال"، لافتاً إلى أنه خلال السنتين الماضيتين ارتفعت قيمة الأونصة مرتين ونصفا، أي كانت الأونصة بنحو 700 دولار، وأصبحت في الوقت الحالي تجاوز 1750 دولارا.

وزاد مالك أول مزاد متخصص في المجوهرات على مستوى الشرق الأوسط: "أعتقد أن عملية ضبط الأسعار لا تتوقف في سعر جرام الذهب العالمي فقط، ولكن هناك مكونات أخرى في قطعة الذهب يتم الاعتماد عليها، لكن لها ضوابط معينة كون المكونات الأخرى لا تمثل إلا نسبة معينة في قيمة الوزن الإجمالي للقطعة، وأقصد بالنسبة للحجارة المقلدة، وهي غالبا يجب نظاماً ألا تتجاوز نسبة 5 في المائة من وزن المكون الإجمالية، ولذلك أرى أنه يجب التعامل مع هذا الأمر لو أن وزارة التجارة سمحت باستخدام مكونات أخرى وبنسب مختلفة، على أن يتم رصدها والإشارة إليها والإفصاح عنها بشكل شفاف حتى يكون المشتري أو المستهلك على بينة تامة".

ويرى رئيس مجلس إدارة مزاد مكة للذهب والمجوهرات، أن كثيرا من الدول تجاوزت هذه المرحلة، وألزمت حتى المستخدمين، فيما يتعلق بالتيارات بسهولة التعامل، وأن هذا الأمر يحتاج إلى توعية مسبقة للمستهلك أو المشتري أو المستخدم، حتى يعرف من خلالها نسبة الذهب الموجودة في القطعة وما تمثله قيمة الإضافات من أحجار أو من مكونات أخرى تزيد في الوزن، مردفاً "أعتقد أن للتجار وكيفية التعامل مع القطع التي بين أيديهم وكيفية التصاميم أدوارا كبيرة جدا في المساهمة في رفع حركة المبيعات التي باتت متدنية، إذ ربما قد يلجأ في هذه الحالة أصحاب المصانع والمحال المعروفة المستمرة في ذات النشاط إلى استخدام موديلات غالبا يظهر الذهب فيها بشكل كبير ويعطي أوزانا أقل حتى تخف على المستخدم قيمة الشراء العالية لقطعة تقدم كهدية أو في مناسبة ما".

وتابع جوهرجي: "الذهب هو المقيم الأساسي لكل أنواع الاقتصاديات في أي بلد من بلدان العالم، ومن هذا المنطلق فعلا هو ملاذ آمن، لأن باستطاعة المستثمر دخول هذا المجال، وفي نفس الوقت حتى إن ارتفع أو انخفض فهذا ينطبق على كل السلع الأخرى المعرضة للارتفاع أو الانخفاض، وببساطة شديدة الذهب هو ملاذ آمن وارتفاعه أو انخفاضه سيؤثر في باقي السلع، ولكن هناك عوامل كثيرة ساعدت على خروج أعداد كبيرة من العاملين في مجال الذهب والمهتمين، ومن ضمنها الإحصائيات أو قواعد البيانات الخاصة في السوق بالنسبة لتخصص معين، وربما الغرفة التجارية الصناعية في العاصمة المقدسة تمتلك بعض الإحصائيات عن العاملين في هذا النشاط، ولكن في نهاية المطاف يهم المستثمر أن يعرف ماهية السوق وأبرز أبجدياته وما يطرأ عليه من تغيرات أو ظروف، وما هو الموقع الحقيقي الذي يستثمر من خلاله، ولا توجد به منافسة كبيرة، ذلك تجنبا لأن يعاني تكدس الإنتاج إذا كان مصنعا ولا يستطيع توزيعه في السوق حين لا يمتلك دراية كاملة عن السوق أو إلماما واضحا".

أما فيما يتعلق بتزييف العيارات من قبل بعض الدخلاء على سوق الذهب واستغلال الموسم الديني لترويج مثل تلك البضائع قال جوهرجي: "هذه قضية محسومة، حيث بات من السهل جدا كشف المزيف من العيارات، وهناك أجهزة لدى وزارة التجارة بإمكانها كشف عيار الذهب، وهذه المسائل أصبح من النادر ملاحظتها وخاصة في المملكة، ومن الصعب أيضا حدوثها"، مستدركاً أنه عند الرغبة في ذكر رقم لحجم الاستثمارات أن يكون الرقم منطقيا وإحصائيا دقيقا، وهو الأمر الذي يعد من مهام الغرفة التجارية الصناعية، التي حتى الآن لم نر منها أي إفصاح عن أية أرقام تؤكد حاجة سوق الذهب إلى ضخ مزيد من الأموال أو تحديد المواقع المستهدفة التي من الممكن أن تساعد على زيادة حجم الاستثمار.

#2#

من جهته، كشف زياد فارسي، نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة ورئيس لجنة الذهب والمجوهرات، أن غرفة مكة ممثلة في لجنة الذهب والمجوهرات تتوجه في الوقت الحالي إلى تنظيم ملتقى بعد موسم الحج، وسيدعى له جميع المختصين في المجال من مستثمرين وباحثين ومتخصصين، وذلك في محاولة لإيجاد حلول تتواءم مع السوق المحلية وتداعيات ارتفاع الأسعار بشكل عام، مشددا على أن إيجاد الحل لمعالجة ظاهرة خروج المستثمرين من السوق أمر بات ملزما، والبحث عن وسائل المساعدة التي من شأنها تنشيط حركة المبيعات في السوق.

وقال: "إن الارتفاعات الكبيرة التي شهدها سعر جرام الذهب عالميا خلال العامين الماضيين، جعلت كثيرا من عملاء السوق يعزفون عن الشراء، ويتحولون إلى متسوقين بالنظر دون محاولة الشراء كما كان عليه الحال في السابق"، مشيراً إلى أن هذا العام ارتفعت فيه نسبة العزوف عن الشراء بشكل أعلى، حيث كان حجم المبيعات في شهر رمضان سيئا للغاية، وبات موسم المبيعات بالتزامن مع فترة الحج أكثر سوءاً.

ويرى فارسي أنه بالرغم من تكلفة المصنعية رغم تراوحها بين 3 – 100 ريال، حسب نوع الموديل، إلا أنها تعد الأقل على مستوى العالم، نظراً لوجود تنافس شديد وكبير بين المصنعين للذهب، ولكن بالرغم من ذلك، ورغم أن المستثمرين في مجال الذهب يحاولون تخفيض قيمة الذهب المصاغ عند البيع قدر المستطاع، لم يتمكنوا من تحفيز حركة المبيعات في السوق، التي بقيت في حالة ركود لم يمكنهم من إنعاش محالهم التي بات كثير منها مهددا بالخسائر بعد أن سبقهم وخرجت محال أخرى خلال الفترة الماضية، أو اندمجت محال أخرى لنفس المالك مع بعضها رغبة في تخفيض التكاليف التشغيلية.

وأشار فارسي إلى أن الحكم في الوقت الحالي على مستقبل أسعار الذهب يعتبر من التكهنات والأمور الخيالية التي لا يمكن أن تكون واقعا، حيث إن الظروف السياسية والاقتصادية غير المستقرة، التي يشهدها العالم، خاصة في منطقة اليورو، تجعل أسعار الذهب تدخل مرحلة ضبابية تمنع المحللين والمتخصصين في قطاع الذهب من التوقعات.

الأكثر قراءة