نقد ومراجعة تفصيلية شاملة - 7

مؤشرات الرعاية الصحية الأولية

"تشمل الرعاية الصحية الأولية النشاطات الوقائية والعلاجية والتطويرية والتأهيلية التي تقدمها مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في جميع أنحاء المملكة، التي ارتفع عددها في السنوات الخمس الأخيرة من 1848 مركزا في عام 1425هـ ليصل إلى2037 مركزا في عام 1430هـ" ص 15. "وبلغ عدد الأطباء العاملين بها بنهاية عام 1430هـ 5766 طبيبا، إضافة إلى 1702 طبيب أسنان". "وتواصل الإدارات المعنية حاليا التوسع في البرامج التدريبية الخاصة بطب الأسرة والمجتمع، وزيادة أعداد الأطباء السعوديين المتخصصين في هذا المجال، وكذلك استقدام أعداد كبيرة من أطباء الأسرة لتوفير ألفي طبيب للعمل في المراكز الصحية التابعة للوزارة ضمن مشروع كبير لتطوير الرعاية الصحية الأولية وتطبيق برنامج طبيب أسرة لكل أسرة". وتشمل خدمات الرعاية الصحية الأولية حسب المذكور في الخطة الاستراتيجية لوزارة الصحة برنامج رعاية الأمومة والطفولة، والبرنامج الوطني لتشخيص وعلاج الربو، وبرنامج مكافحة الالتهابات التنفسية الحادة، وبرنامج رعاية مرضى الأمراض المزمنة.
بمراجعة ما ذكر أعلاه نجد أن الحديث عن الرعاية الأولية محصورة في المراكز التي تم إنشاؤها أو في طريقها للتنفيذ وفي طب الأسرة. أيضا لا يوجد تعريف للصحة أو الرعاية الأولية ومدى الرعاية والخدمات التي تقدمها إلا ما ذكر أعلاه من خدمات أساسية. حيث إن تعريف الرعاية الأولية يمكن أن يكون كالتالي: الرعاية الأولية هي الخدمات الطبية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية التي يقدمها أطباء الرعاية الأولية في تخصص طب الأسرة وتخصصاته الدقيقة والطب الباطني وبعض تخصصاته الدقيقة، وطب الأطفال وطب المراهقين والنساء والولادة والأسنان ومن يساندهم من مساعدين كالممارسات الممرضات والقابلات ومساعدي الأطباء وغيرهم من التخصصات الطبية المساندة.
أيضا عندما نأخذ برنامج الأمومة والطفولة نجد إنجازات مهمة مثل التطعيم ونسب التطعيم في المملكة، لكن هناك قصورا في شمولية الرعاية وتمكين أطباء الرعاية الأولية من الرعاية الشاملة المستمرة للمرضى (طبيب واحد لنفس المريض باستمرار = طبيبا خاصا للمريض) وتوفير الخدمات المساندة لهؤلاء الأطباء مثل تنوع الأدوية، الخدمات المختبرية السريعة، التدريب الطبي المتقدم والمستمر وغيرها. أيضا نلاحظ رعاية مشتتة مثل ما يلي ص 17 "تشتمل رعاية الأمومة على برامج خاصة بالعناية بصحة الأم خلال فترات ما قبل الحمل، وأثناء الحمل، وبعد الولادة"، لكن لا تشمل رعاية الأم خلال الولادة. بمعنى أن الذي يقوم بمساعدة الأم أثناء الوضع هم أطباء النساء والولادة فقط، وليس أطباء الرعاية الأولية؛ نظرا لعدم وجود المهارة لديهم وعدم تدريبهم عليها أو عدم تمكينهم من القيام بهذا الدور لمن هم مؤهلون لمثل هذا العمل. وفي هذا عدم استفادة عالية من الموارد البشرية المتاحة (أطباء النساء والولادة والجراحون وذوو التخصصات الدقيقة وغيرهم) بشكل يزيد الإنتاجية النوعية بحيث نستفيد من المهارات العالية لذوي التخصصات النادرة للعناية بالحالات الصعبة والمعقدة وترك بقية الحالات العادية لأطباء الرعاية الأولية ومساعديهم. حيث من المعلوم أن الولادات الطبيعية (غير الجراحية) في العديد من دول العالم يقوم بها أطباء الأسرة أو النساء والولادة أو القابلات.
ونحن في السعودية في أمس الحاجة إلى تدريب أكبر عدد من المواطنات (والمواطنين) في الرعاية العادية والوقائية الأولية (السكري والضغط والدهون وغيرها) وفي تخصص الحمل والولادة الطبيعية مع توافر الإشراف والمساندة الطبية المتخصصة (النساء والولادة وطب الأسرة والباطنية والأطفال وغيرها). مثال ذلك (طبيب نساء وولادة لكل خمس قابلات أو أطباء أسرة مدربين في رعاية الحمل والولادة من ما قبل الحمل إلى ما بعد الولادة بالتعاون مع أطباء النساء والولادة).
أما بالنسبة لطب الأسرة كتخصص فهو يجب أن يكون العمود الفقري للرعاية الصحية الشاملة بتوفير برامج تدريبية في جميع مناطق المملكة Residency Programs مدتها ثلاث إلى أربع سنوات بحيث تشمل الطب الوقائي والتشخيصي والعلاجي والتأهيلي من المهد إلى اللحد بما فيها التخصصات الدقيقة مثل رعاية المواليد الجدد، الرضاعة الطبيعية، الحمل والولادة، رعاية الأطفال، طب المراهقين، طب الطوارئ، الأمراض المزمنة كالسكري والسمنة والقلب والطب التأهيلي، والعناية المركزة من الدرجات المناسبة (المستشفيات الطرفية) وطب المناظير وغيرها. ولزيادة السعوديين في تخصص طب الأسرة يجب أيضا زيادة المحفزات المالية (الرواتب والبدلات لتكون أعلى من التخصصات الدقيقة).
ختاما سؤال لمن يعنيه الأمر: لماذا رواتب الأطباء حسب الجنسية وليست حسب التخصص والمهارات؟ حيث الأطباء من أمريكا الشمالية يحصلون على أعلى الرواتب (لتخصص ما) فقط لأن جنسيته من هذه الدول، أما غيرهم من الأطباء المواطنين ومن الدول الأخرى حتى إن تخرجوا من البرامج التدريبية نفسها رواتبهم أقل.. لماذا؟ يجب أن تكون الرواتب متساوية لنفس الدرجة والتخصص مهما ندر التخصص، وبغض النظر عن الجنسية ولا يوجد مبرر علمي أو أخلاقي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي