Author

نحن والطاقة الشمسية.. والماءُ فوق ظهورها محمولُ

|
بعيداً عن أعين الإعلام، أنهى فريقٌ مكون من 20 طالباً من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وخلال 11 شهراً فقط، تصميم وتنفيذ أول سيارة سعودية تعمل بالطاقة الشمسية، وهم يشاركون بها الآن في سباق سيارات الطاقة الشمسية الذي يجري في أستراليا. هذا السباق، ينطلق من شمال أستراليا إلى جنوبها، من مدينة داروين إلى أدليد، وبمسافة 3000 كيلومتر، وتشارك فيه 37 جامعة من 20 دولة، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن هي الجامعة العربية الوحيدة من بين هذه الجامعات. السيارة التي يشارك بها الفريق السعودي، وتحمل اسم ''وهج''، تم صنعها بالكامل من قبل طلاب الجامعة، باستثناء الماكينة والعجلات والجنوط، وقد قام الطلاب بصناعة القالب الخاص بالسيارة والهيكل الخارجي وكل ما يتعلق بها، كما تم تسجيل السيارة عالميا لاستخراج رقم ''شاصيه'' خاص بها من منظمة Vin Number Association الأمريكية، ليكون هذا الهيكل أول هيكل يسجل لديها لسيارة سعودية الصنع. 11 طالباً من الفريق وصلوا إلى أستراليا للمشاركة في السباق، يرافقهم المشرف العام على المشروع عمرو قطب رئيس قسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة، وقد بدأت أخبار هذه المشاركة تنتشر بعد وصول الفريق إلى هناك ومشاركته فعلياً في السباق، رغم ما مر به من صعاب، ففرق جامعات الدول الأخرى متمرسة على هذا السباق، ولها مشاركات سابقة. ويضاف إلى هذا الفريق من طلبة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ثلاثة طلاب سعوديين اختارتهم جامعة يابانية للمشاركة في السباق ضمن فريقها. هذه المشاركة التي تعد إنجازاً يُضاف إلى إنجازات عديدة يحققها طلابنا، سواء من يدرس منهم في الجامعات السعودية، أو في الخارج، دليلٌ على أن لدينا من العقول والطاقات من هم قادرون على توطين التقنية، والاستفادة مما يتوفر في بلادنا من مصادر طاقة لم نعطها ما تستحقه من اهتمام، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية. فالطاقة الشمسية التي اهتمت بها دولٌ لا تعرف الشمس إلا أياما معدودة في السنة، واستطاعت استثمار هذه الطاقة، وجعلتها من مجالات البحث العلمي لديها، بل وتعرض علينا فرص ابتعاث أبنائنا لجامعاتها لدراسات تتعلق بهذه الطاقة، لم نُحقق في مجالها ما يعادل تجربتنا في هذا المجال التي مر عليها ما يزيد على 30 عاما. فالمملكة من أوائل الدول العربية التي اهتمت بهذه الطاقة، فأنشأت القرية الشمسية بالعيينة، وهناك جهودٌ تُبذل للاستفادة من هذه الطاقة من قبل مدينة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، إلا أن هذه الجهود لم تنقل إلى أرض الواقع عبر الاستخدام التجاري الواسع، وإنما بقيت ضمن نطاقات محدودة، وأبرز أسباب عدم التوسع في استخدامات الطاقة الشمسية، توفر البترول وانخفاض تكلفته، وارتفاع تكلفة استخدام الطاقة الشمسية بسبب قلة الاستثمار في هذا القطاع، ولو تحقق الاستثمار المطلوب وتم التركيز على أبحاث الطاقة الشمسية، لأدى ذلك إلى انخفاض التكلفة، مما قد يجعلها مستقبلا أقل تكلفة من الكهرباء. إن مما يميز استخدام الطاقة الشمسية، أنها طاقة نظيفة وغير قابلة للنضوب، واستخدامها سيقلل من الانبعاث الكربوني، ويحافظ على قدرة المملكة التصديرية للبترول، بدلا من ذهاب جزء كبير منه للاستهلاك المحلي، كما أن الاهتمام بهذه الطاقة قد يؤدي إلى أن تصبح المملكة مصدرة لهذه الطاقة ومركزاً مهما لأبحاثها. الاهتمام بهذه الطاقة التي بين أيدينا، ستحل أزمات الكهرباء عندنا، وقد توجد صناعات أفضل من كثير من الصناعات التي استنفدت مواردنا، ولها تأثيرها السلبي الواضح في البيئة. وقديماً قال الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماءُ فوق ظهورها محمول
إنشرها