مؤشر لحساب قيمة السعادة!
منذ القدم كانت مسألة السعادة هي الشغل الشاغل للفلاسفة، ومن بعدهم بدأ علماء الاجتماع والنفس في تقييم فكرة السعادة ومسبباتها، وفي عصرنا الحالي الذي غلبت فيه المادة على كل مناحي الحياة، كان من الطبيعي أن يتقدم إلى ساحة النقاش حول قضية السعادة المهمة في حياة الإنسان رجال الاقتصاد في محاولة منهم لحساب السعادة كمياً وذلك بتقييمها بالمال ودخول الأفراد.
في مؤتمر عقد منذ فترة ليست بالبعيدة "في ميلانو"، "في إيطاليا" حضره رجال اقتصاد من أصحاب التخصص الجديد في السعادة البشرية جاءوا من مختلف دول العالم ليناقشوا نظرياتهم المبتكرة والمتناقضة في هذا المجال، وكان من أبرز المشاركين في المؤتمر الاقتصادي البريطاني "أندرو أوسوالد" الذي بنى نظرياته على دراسة لقياس السعادة لدى 7500 شخص على مدى سبع سنوات، حيث جعل لكل حدث في حياة الفرد – سواء كان كسب جائزة، أو زواجاً، أو فقدان رفيق الحياة، أو الإقالة من الوظيفة، أو زيادة الدخل – قيمة مالية تعادل مدى ارتفاع أو انخفاض مؤشر السعادة لدى هذا الفرد.
وضع الاقتصادي "أندرو أوسوالد" جدولاً يحسب فيه المكسب والخسارة للدخل بالدولار، فمثلاً الزواج يعني إضافة 90 ألف دولار، والانفصال يساوي إضافة 16 ألف وخمسمائة دولار، وموت رفيق الحياة يكافئ خسارة تقدر بنحو 21 ألف دولار، وفقدان الوظيفة خسارة بنحو 34 ألف دولار، وتمتد قائمة "أندرو أوسوالد" إلى كل شيء، فكل شيء عنده في الحياة يقدر بالمال.
في رأي الاقتصادي البريطاني "أوسوالد" أن علم السعادة سيسهم في تقييم الكثير من أمور الحياة مادياً، الأمر الذي كان يصعب تقييمه في الماضي، مثل المساهمة في تحديد المبلغ الذي يستحقه زوج أصيبت زوجته في حادث وتقضي بقية حياتها في غيبوبة.
وهناك دراسات في جامعة "كاليفورنيا"، أجراها الدكتور "نيل بيتو فيتز" أوضحت أن هناك "جيناً" له علاقة بالجهاز الذي يطلق عليه مركز الرضا، يفرز مادة "الدوبامين"، حيث تبين أن الذين تحدث لهم طفرة في هذا الجين يمكن أن يقعوا فريسة للإدمان والتدخين في مرحلة مبكرة. لكن هناك بعض العلماء يرون العكس من ذلك.
إن الإجابة عن السؤال: هل أمور عدم الرضا والسعادة تتعلق بالجين"؟ هو أن المسألة أعقد من ذلك بكثير، وأن الجين قد يكون أحد الأسباب.
ومن الأبحاث التي تختلف مع ما جاء به الاقتصادي "أوسوالد" ومع منهجه في البحث، أبحاث استخدم القائمون عليها جمع المادة العلمية المتراكمة على مدى العقود الأخيرة، ومنها قاعدة بيانات السعادة في العالم التي جمعها عالم الاجتماع الهولندي "روث فينهوفن" من 68 دولة للخروج بمعدلات رياضية لقيمة ما يسمونه الرضا والسعادة.