طبيعة وخصائص المؤسسات الحقوقية الوطنية

في الحلقة الماضية تحدثنا عن مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية، وتم تعريفها والإشارة لرسالتها وأهدافها ومن أهمها تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته، والتصدي لانتهاك تلك الحقوق بجانب نشر الثقافة الحقوقية في أوساط المجتمع. ووضحنا كيف يمكن أن تنشأ وتقوم على سوقها، وأن تحصل على تصريح من صاحب الصلاحية، إضافة لدعم سخي من الدولة وكبار المسؤولين والتجار حتى تستطيع أن تغطي مصروفاتها وأن توظف المؤهلين للقيام بالأعباء والمسؤوليات الإدارية والمالية والاستثمارية والإعلامية والعلاقات العامة والقانونية والحقوقية بشكل عام. وأذكر على سبيل المثال أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في الرياض - التي أتشرف بأن أكون عضواً فيها - لم تكن لتقوم وتبدأ مسيرتها ويكون لها فروع في أنحاء المملكة إلا بعد أن منحها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - تغمده الله برحمته - مبلغ مائة مليون ريال استطاعت أن تُحسن استثماره في شراء عقار يدر عليها أرباحاً ساعدت على تغطية مصروفاتها ولكني لم أسمع أن أحداً من المسؤولين أو التجار قد ساندوها مالياً أو منحوها وقفاً أو دعموها بما هو مناسب حسبما يسمح به نظامها! وحسبما يقوم به المجتمع والقطاع الخاص في كثير من الدول. ومن الجدير بالذكر أن أمراً ملكياً كريماً صدر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في عام 1429هـ وفيه يوجه المقام السامي باستقلالية الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وضرورة تعاون جميع الدوائر الحكومية معها مما رفع معنويات سعادة مدير الجمعية ونائبه وجميع أعضاء ومنسوبي الجمعية وساهم هذا في زيادة فعالية وتقدم الجمعية. والجمعية حريصة دائماً على إقران الأدب والحكمة والشجاعة والصراحة وتحري العدل والاعتدال في تعاملها مع الجميع مما أدى إلى صدور تقاريرها الدورية بكل صدق وشفافية، والأمر السامي يؤكد ما هو معروف عن دولتنا الرشيدة بالاهتمام بحقوق الإنسان ومنع أي انتهاكات لتلك الحقوق، هذا وقد أشير في الحلقة السابقة إلى أهمية التعاون القائم بين هيئة حقوق الإنسان الحكومية والجمعية الوطنية المذكورة، ونأمل أن تزداد اللقاءات وتبادل المعلومات والتنسيق بينهما مما يزيد من قيام الهيئة والجمعية بأهدافهما ورسالتهما المشتركة في تعزيز حقوق الإنسان والوقوف ضد انتهاك تلك الحقوق وما ذلك بغريب على معالي رئيس الهيئة ومعالي نائبه، والآن ننتقل إلى:
خصائص المؤسسات الحقوقية الوطنية
من أهم الخصائص المذكورة التي توضح بجلاء طبيعة تلك المؤسسات ما يلي:
1- تعتبر تلك المؤسسات معيارا لإنجازات مشتركة للشعوب والدول كافة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، 2- تعتبر مصدر معلومات حقوقية تستفيد منه الدول ومؤسسات المجتمع المدني ومن له علاقة قانونية بحقوق الإنسان، 3- تساهم في توسيع نطاق الاحترام العالمي لحقوق الإنسان الذي يحتاج إلى جهود متساوية من جانب الحكومات والجماعات والأفراد وكل جهاز في المجتمع، 4- ثبت أن أكثر الجهات فعالية للحملات الإعلامية والثقافية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ينبثق بالدرجة الأولى من المؤسسات الحقوقية الوطنية التي لها تأثير كبير على الصعيدين الوطني والمحلي، 5- أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تعطى المؤسسات المذكورة سلطة أو سطع بقدر الإمكان لتعزيز حقوق الإنسان، 6- المؤسسات الحقوقية الوطنية ذات طابع إداري ولا تعتبر هيئة قضائية ولاهي جهة لإصدار القرارات، وبصفة عامة فإن تلك المؤسسات تكتسب الصفة الاستشارية فيما يتعلق بحقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي، 7- لتكون تلك المؤسسات أكثر قوة وسلطة فيجب على الدول عند إنشاء تلك المؤسسات أن تؤيدها وتعطيها التصريح القانوني لأداء وظائفها وتحقيق رسالتها ويؤدي لقيام الدوائر الحكومية ذات العلاقة بالتعاون مع تلك المؤسسات وتسهيل مهمتها وخاصة عند تعاملها مع المحاكم الإدارية ومع إدارة السجون وكل الإدارات الأخرى التي لها علاقة بحقوق الإنسان، هذا وأغلب هذه المعلومات التي وردت أعلاه والمتعلقة بالمؤسسات الوطنية مستقاة بتصرف من كتيب الأمم المتحدة رقم (4) من سلسلة التدريب المهني لمؤسسات حقوق الإنسان الوطنية ، وفي الحلقة (192) القادمة ننتقل إلى موضوع جديد: (التربية وحقوق الإنسان).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي