متى تدفع مكافآت ورسوم هؤلاء؟!
في بدايات مراحل التعليم كان هنالك تزاحم على التسجيل في المعاهد العلمية، حيث تصرف مخصصات شهرية للطلاب. تلك المكافآت كانت السبب بعد الله في إعاشة الكثير من الأسر وتشجيع أبنائهم على الدراسة.
في وقتنا الحاضر صارت كليات المجتمع Community Colleges حاضنة كبرى لكثير من الطلاب، ممن لهم ظروف اجتماعية معينة، وقد كتب الكثيرون عن كليات المجتمع وأهميتها في دعم وتطوير التعليم الجامعي، إضافة إلى أهميتها في المحافظة على التركيبة السكانية لأي مدينة، ودعم النمو الحضري لها، حيث كانت السبب الكبير في تطوير الكثير من القرى الصغيرة وعدم هجرة سكانها منها إلى المدن الكبرى.
المثير للاستغراب أن الطالب الجامعي يعطى مكافأة شهرية وهذا شيء جيد، ولكن ما هو غريب وغير قابل للفهم، حرمان طلاب وطالبات كليات المجتمع من أي مكافأة، رغم احتياج كثير منهم لها لدعم أسرهم!! هذه السياسة سوف تدفع الكثير من الطلاب، على المدى البعيد إلى العزوف عن دخول تلك الكليات، مما يعطل دورها التعليمي والحضري. كما مما ينبغي التنبيه عليه أن من بين الطلاب الذين يتقدمون إلى تلك الكليات عددا ليس بالقليل، ممن هم من أضعف الطلاب من الناحية المادية، وقد سمعنا كثيراً بأن هنالك مشروعا لمعاملتهم معاملة طلاب الجامعة من حيث المكافآت، وكم نتمنى صدور ذلك القرار سريعا وبأثر رجعي من بداية هذه السنة الدراسية.
موضوع آخر جدير جداً بالاهتمام والاعتبار هو إلزام الطلاب المنتسبين للدراسة الجامعية، بدفع رسوم التعليم في الجامعات الحكومية التي تقرر لها ميزانية من الدولة. لقد شكت إلي شخصياً أرملة أوضاع أبنائها، حيث تدفع من تقاعد والدهم المتوفى رسوماً تصل إلى عشرة آلاف ريال سنوياً لإحدى الجامعات الحكومية!! حين بحثت الموضوع مع أحد المسؤولين فيها، سألني إن كانوا مسجلين في إحدى الجمعيات الخيرية؟! فعرفت منه أن الجمعيات الخيرية تقوم بصرف تكاليف الدراسة لبعض المسجلين لديها!! هذا والله العجب والعجاب أن تأخذ الجامعات أموال تلك الجمعيات، التي ينبغي أن تصرف في وجوه أخرى، طالما أن جامعاتنا مكفولة ومعتمدة كلياً على ميزانيات مجزية من الدولة!! وما هو منطبق على الدراسة بالانتساب قد ينطبق على التعليم الموازي الذي أصبح مكلف جداً، لكن الأمر الخطير في الموضوع ليس في ارتفاع الرسوم بل ما معرفته أن الأساتذة الذين ترشحهم الأقسام للتدريس يحصلون على المكافأة، لكنهم لا يأخذون التدريس على محمل الجد، فترى غياباً للأستاذ وتأجيلا للمحاضرات، وهو ما سوف ينعكس على جودة التعليم.
مسألة أخيرة جديرة بإعادة النظر، وهي أن الدولة حين ابتعثت آلاف الطلاب لإكمال دراساتهم العليا في خارج المملكة وتدفع مبالغ كبيرة، أن تتحرى الجامعات التي يدرسون بها هناك، كما كان من الأولى أن يستثمر مثلها في المؤسسات التعليمية في هذا البلد لتطوير التعليم العالي. إن حسن اختيار الجامعة التي يدرس فيها الطالب سوف ينعكس على كامل العملية التعليمية، حيث لا يجب أن يكون وضع التعليم العالي في الجامعات الأهلية، أو في جامعات دول الابتعاث، مشابه لما حصل في بعض المدارس الأهلية التي كانت تتنافس على ترضية الطلاب على حساب العملية التعليمية المنضبطة.