متى تكون أعيادنا أكثر فرحة؟

(العيد وحقوق الإنسان) كان هذا هو عنوان الحلقة السابقة، حيث تحدثنا عما حفل به الإسلام من أن جعل الأعياد تأتي في نهاية كل موسم كبير من مواسم العبادة (بعد رمضان وبعد موسم الحج وفي نهاية الأسبوع – يوم الجمعة) فتكون الأعياد حصادا وموسما لحمد الله تعالى وشكره على ما مَنّ على المسلمين من حسن عبادته وفرحا وسرورا غامرا ومحبة بين الناس، ومن مباهج العيد أن ترى المعيدين، خاصة الشباب والأطفال، وهم بملابس العيد الجديدة ذات الألوان البيضاء والزاهية يختال بها الناس وهم مع أسرهم زرافات زرافات متجهين لتأدية صلاة العيد أوعائدين منها، أو عندما يكونون في طريقهم لمعايدة ذويهم ومعارفهم، وفي العيد تُرفع الأعلام وتضاء أنوار العيد وتشم الروائح الزكية في كل مكان وتقدم الحلوى والمرطبات وتفتح متنزهات وملاعب الأطفال وتزدهر برامج التلفزيون والإذاعة بأناشيد العيد وبرامجه وأفراحه وتقام العرضات والألعاب الشعبية ويتبادل الناس التهاني بالمصافحة والابتسامة أو بالرسائل، ويجد الناس فرحة في العيد لإنهاء الخلافات والمشكلات المعلقة وعودة المياه لمجاريها وتذكر اليتامى والمرضى والمعوقين وكل المحتاجين فيزورونهم ويسألوا عنهم، والناس الذين في قلوبهم رحمة يتذكرون حق الإنسان المحتاج فيخططون في أوائل رمضان لأداء الزكاة والصدقات بسخاء للمستحقين وخاصة الفقراء والمساكين، ويحرصون على تقديم العون والهدايا للمحتاجين، خاصة الأطفال والشباب، ويَطّلعون على أحوالهم ويقدمون بأنفسهم ما أمكن لهم من مأكل ومشرب وملبس ليفرحوا بها في العيد فكم سمعت عن بعض الأطفال والشباب الفقراء الذين أهديت لهم ملابس جديدة للعيد في أواخر رمضان ففرحوا بها كثيرا سواء كانوا من الأولاد أو البنات الصغار وما زالوا وهم كبار يتذكرون تلك الهدية التي أتت في وقتها، لكن كيف نجعل أعيادنا أكثر تنظيما وحسن إدارة؟
حيث ما زلنا نتمتع بالعيد ونحس بأنه يمكن أن تكون أعيادنا أكثر بهجة وأبلغ فرحة وسعادة فما أحرانا أن نزيد اهتمامنا بإحياء ما كَتَب الله لنا منها فكم سمعت أن هناك من الناس من لا يكترث بصلاة العيد بسبب سهره وحاجته إلى النوم ولا يحرص على استقبال المعايدين، وقد يأتي إلى داره المعايدون عصراً فلا يجدونه في المنزل، بل ذهب للبحر أو إحدى المزارع والاستراحات وكأنه يهرب من العيد وزواره وفي كثير من المدن يأتي المعايد إلى جاره، خاصة في الضحى ليعايده فلا يفتح له الباب أو يخرج إليه متجهما وعليه آثار النوم ويسأل الزائر عما يريد؟ وكأنه لا يدرك أن الناس في العيد! وقد يأتي الناس المعايدون إلى حي من الأحياء ليعايدوا معارفهم فيجدونهم قد اتجهوا إليهم ليعايدوهم ومدعاة ذلك عدم التنسيق، وأذكر في طفولتي في المدينة المنورة أن العادة جرت منذ أزمنة طويلة أن أيام العيد (الضحى والعصاري) قد نظمت بين الحارات فاليوم الأول يعايد الناس سكان حي العنبرية فيبقى السكان في بيوتهم في انتظار زوارهم، واليوم الثاني يعايد الناس سكان حي الساحة وهكذا دواليك وقد يتركون عصر اليوم الأخير من العيد للأقارب والأرحام للتزاور بينهم أو لقضاء يوم مع العائلة في إحدى المزارع أو الاستراحات، لذا آمل أن تتولى إحدى مؤسسات المجتمع المدني بالتنسيق مع فروعها في المملكة تنسيق الزيارات في العيدين بين الأحياء مع عمد الحارات ويضعون برنامجا مناسبا لكل مدينة وأرشح من تلك المؤسسات جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي (واع) لتقوم بمبادرة التنسيق، خاصة وقد بدأت نشاطات مراكز الأحياء في بعض المدن كما يتم من خلال التنسيق المذكور الاهتمام بزينة العيد والاحتفال به على مستوى كل حي، كل ذلك يشجع الناس على إحياء الأعياد والبقاء في منازلهم ما يقوى الروابط الاجتماعية ويصلوا ما أمرهم الله بوصله، وفي الحلقة القادمة (188) نعود سيرتنا الأولى في البحث عن برامج التثقيف الدولي لحقوق الإنسان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي