مواطن الخطر في عمل لجان العلاج والدواء في المستشفيات بين الموارد البشرية والمالية والعناية بالمريض
في جميع مستشفيات العالم، كما في مستشفيات المملكة توجد لجان للعلاج والدواء جل أعضائها من الأطباء والصيادلة، ومهمتها مراجعة وتنظيم جلب وإضافة أو حذف الأدوية والعلاجات المختلفة من قائمة العلاج والدواء لكل منظومة صحية، ومن ثم وضع أسس استخدام الدواء للمرضى المنومين ومراجعي العيادات الخارجية حسب ما هو متعارف عليه دوليا. وأداء هذه اللجان يعتمد على خبرة الأعضاء ومدى إدراكهم وفهمهم للعملية الطبية من تداخل التخصصات واعتمادها على بعضها البعض. وهذا يجعل اختيار هؤلاء الأعضاء من أخطر ما يقوم به أي قائد لأي جهة صحية لتأثيره المباشر على المستفيد الأول والأخير وهو المريض ثم أداء الطبيب ومدى الاستفادة من مهاراته وخبراته في استخدام الدواء والعلاج.
مواطن الخطر في عمل هذه اللجان يمكن تلخيصها في عدة نقاط. الأولى: محاولة تقليص عدد المستفيدين من المرضى لأقل عدد ممكن لتوفير المال دون أي مبرر طبي أو أخلاقي أو حتى رقابي أو تنظيمي من قبل القيادة المالية للبلد (حيث وُفرت ميزانيات ضخمة لهذا الغرض بدون تدخل من هذه الجهات في عمل هذه اللجان).الثانية: الحد من عدد الأطباء الذين يصفون الأدوية المشتركة والمتداخلة بين العديد من التخصصات لتقليل ما يصرف من دواء أو الحد من سوء الاستخدام أو الأخطاء الطبية أو لإرضاء جهل وغرور بعض الأطباء باحتكار أدوية معينة لتخصص معين دون أدنى مبرر علمي أو مهني أو أخلاقي أو قانوني مثل أدوية السكر والقلب والمكملات الغذائية وأدوية قصور الغدة الدرقية وبعض المضادات الحيوية وغيرها، والتي تعد في مجملها أدوية لتخصصات طبية متداخلة مثل طب الأسرة والباطنية والأطفال والنساء والولادة والغدد الصماء والقلب والطوارئ غيرها. الثالثة: منع الاستخدام اللاوصفي للأدوية والاعتماد فقط على وصفة الدواء الأساسية، وهذا ناتج عن قلة الخبرة في أن مثل هذا الاستخدام جائز ومتعارف عليه دوليا وبين الأطباء وهذا يلزم الطبيب بعدم استخدام الفوائد اللاوصفية المتاحة للأدوية (أعراض جانبية لدواء معين أو جرعات أقل أو أكثر مما في الوصفة الأساسية ذات فائدة علاجية مع عدم وجود أبحاث سريرية لهذا الاستخدام ولكن متعارف عليه بين الأطباء مع ضرورة علم المريض كتابيا أو شفهيا بهذا الاستخدام وموافقته عليه ثم تدوينه في ملفه الطبي ولا يؤدي إلى آثار جانبية سلبية) لفائدة المريض، مما يؤدي إلى أطباء مرجعهم الكتب ووصفات الأدوية الأساسية فقط مع إهمال الخبرة التراكمية للطبيب في استخدام العلاجات والأدوية والاستفادة من خبرات الأطباء الآخرين مما يؤدي إلى قصور شديد في علاج وشفاء المرضى. الرابعة تغيير أو تبديل دواء بآخر لأسباب مالية بحتة بحجة الرخص وهذا فيه أمران أحدها وجيه وهو أنهما متماثلان في القوة العلاجية وهنا يكون التبديل مقبولا وجيدا والثاني مذموم وهو أن الدواء البديل أقل فعالية (ولكن اختير بسبب قلة سعره) وأغفلت مصلحة المريض العلاجية والتي دائما وأبدا يجب أن تكون هي الهدف الأساسي.
وهذه الممارسات تؤدي إلى العديد من النتائج السلبية على المريض. ومنها عدم الحصول على الرعاية الطبية المناسبة في الوقت المناسب مع تأخير العلاج أو عدم الحصول عليه أو وقوع المريض في حرج طبي من مضاعفات أو وفاة أو إعاقة. وينتج عن هذا سوء استخدام لمهارات وخبرة العديد من الأطباء في مختلف التخصصات. ومثال ذالك حكر استخدام أدوية الدهون على أطباء القلب (رعاية متقدمة أو ثلاثية) فقط، مما يؤدي إلى تراكم المرضى لديهم أو عدم القدرة على رؤية المرضى ذوي الحاجات الأكثر تعقيدا وفي صلب تخصص طب القلب مثل من يحتاج إلى قسطرة وتصوير القلب وغيره من الإجراءات، ويكون جل وقتهم لمتابعة المرضى المستقرين صحيا والذين هم ليسوا بحاجة فعلية إليهم، والتي من المفروض أن يقوم بهذه الوظيفة أطباء الأسرة أو أطباء الباطنية (رعاية أولية وثنائية)، مما يؤدي أيضا إلى تراكم المرضى وتباعد المواعيد والتي تصل في بعض التخصصات إلى سنوات (وهذا مخز).
الحل هنا يكمن في أن يكون المريض هو محور عمل أي لجنة طبية وجميع القرارات الصادرة يجب أن تصب في مصلحته المباشرة وأي شيء آخر يكون ثانويا بجانب علاج وراحة المريض. أما بالنسبة لسوء الاستخدام أو الأخطاء الطبية فتصحح حالة بحالة ويكون هدفها حفظ حقوق المريض الشرعية والطبية والتعويضية مع الاستمرار في التعليم الطبي المستمر للأطباء والتدريب وإعادة التدريب.
وشعارنا دائما يجب أن يكون المواطن المريض أولا.