العيد وحقوق الإنسان

في الحلقة السابقة وبمناسبة فرحتنا الكبيرة بحلول الضيف الكريم رمضان بين ظهرانينا الذي اختصه تعالى بكثير من المزايا والبركات ولعل أعظمها نزول كل الكتب السماوية الخمسة من الله تعالى على رسله عليهم الصلاة والسلام في رمضان، ابتداء من صحف إبراهيم عليه السلام حتى القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم، من أجل تلك المناسبة العزيزة تم التركيز على القيم والمكارم التي يرسخها ويثبتها رمضان في نفوس وعقول وأرواح المسلمين، ولعل أهم هذه المكارم الخمس (التقوى)، (الصبر)، (الكرم)، (السماحة)، (الانضباط) باعتبار أن رمضان أشبه ما يكون بدورة تدريبية (ورش عمل)، فالمسلم يقرأ القرآن بتدبر ويسمعه من الإمام في الصلوات الجهرية، وكذا في التراويح والقيام فيخشع ويأتمر بما أمره الله به وما نهاه عنه، فيتقي الله ويصوم ليس فقط عن الطعام والشراب ولكن أيضا عن القول والعمل المفسد لصيامه ثم يصبر على الجوع والعطش والشهوات بجانب تحمله قراءة القرآن لفترات طويلة، وصبره على الوقوف لأوقات طويلة في الصلوات وخاصة في التراويح والقيام فيتعلم الصبر، ويتعلم الكرم والسخاء بما ينفق في سبيل الله من الزكاة والصدقات للمستحقين ويضبط نفسه إذا خاصمه أحد ويتسامح مع من أساء إليه فيتعلم الحلم والتسامح ثم يلتزم بدقة عند تناول إفطاره مع سماع أول الأذان، ثم يمسك قبل أن يؤذن للفجر، فيتعلم الانضباط الذاتي لذلك، فالصائم الحق يتدرب على تلك المكارم ليتعلمها في رمضان ويتذكرها ويطبقها فيه ثم يطبقها في بقية الأيام، ولذلك فإن مكونات الإنسان الأربع: (الروح + النفس + العقل + الجسم) تأخذ نصيبها من الفضل والتدريب حتى تنقاد لتكون أكثر خشية وإيمانا واحتسابا، فيسمو الإنسان وترتفع درجات تقواه وإيمانه في رمضان كل عام، أما الإخوة سامحهم الله الذين لم يتقنوا تلك الدورة الرمضانية وظلوا ينامون وجه النهار وربما تفوتهم صلاة الظهر فيضعف إنتاجهم ولا يتعرضون لمجاهدة الروح والنفس والعقل والجسم أثناء عملهم في النهار، ولا يحسون بالجوع والعطش ولا تحمل المنكر من القول فيأتي عليهم العيد شاحبا حزينا، أما الصائمون الصادقون فيأتيهم العيد في آخر الدورة ليتسلموا جوائزهم من الله تعالى (الخريجون) فتعلوا الفرحة محياهم فيذوقوا طعم النجاح بما كسبت أيديهم، وبما أن هذه المقالة تكون بين أيدي القراء الأعزاء قبل العيد بأيام معدودة فدعونا نتحدث عن:

العيد السعيد
من أروع ما حفل به الإسلام أن الأعياد تبدأ بعد موسم كبير من العبادة والمجاهدة في سبيل الله، فهذا عيد الفطر يأتينا بعد نهاية الصوم وما يقترن به من جد واجتهاد وصبر، ثم يحل علينا عيد الأضحى المبارك بعد سعي وطواف وتنقل بين المشاعر ورمي الجمرات وتقديم الأضاحي كل ذلك تقربا وعبادة لله، كما أن يوم الجمعة (العيد الأسبوعي للمسلمين) يأتي بعد ستة أيام من العبادة والعمل والمكابدة اليومية، لذا فالعيد ثمرة يحصدها العابد وموسم للفرح والسعادة وشكر الله تعالى وحمده على ما أعانهم عليه بعد انتصارهم على أنفسهم طيلة الأيام التي سبقت تلك الأعياد، والأعياد بجانب العبادة هي راحة وسعادة ومحبة وبر، لذلك فمن حق الإنسان على أخيه الإنسان أن يخطط ويغتنم فرصة العيد ليتواصل مع ذويه وأرحامه وأصحابه ومعارفه حتى يُوصِل ما أمره الله أن يوصله وأن يتسامح مع من كانت بينه وبينهم سوء تفاهم أو خصام، وعلى المسلم أن يبحث في أواخر رمضان عن اليتامى والمعوقين والمحتاجين والمرضى والمستضعفين فيقضي ما أمكن مما يحتاجون إليه في العيد من مأكل ومشرب وملبس ولا ننسى أن ثوب العيد الجديد لليتيم والمحتاج يعني الكثير من الفرح والسعادة للأطفال ولا ينسونه طول حياتهم فيدخل السرور عليهم، وبذلك ننشر الابتسامة والسرور والمحبة في المجتمع وخاصة بين إخواننا الفقراء والمساكين، وبذلك يكون العيد أكثر بهجة وأكثر سعادة ورحمة وفي الحلقة القادمة (187) نكمل ما تبقى من الحديث عن العيد.

طلوع سهيل: يطلع سهيل عادة في (25) أغسطس الموافق لـ 25 رمضان هذا العام وقد يطلع قبل ذلك بيوم أو بعده بيوم، وسهيل ألمع نجم في السماء بعد الشُعرى اليمانية الأشد لمعانا ومتوسط حرارة سهيل (7000) درجة مئوية مع أن حرارة الشمس (6000) درجة مئوية، وبُعد سهيل عن الأرض (1200) سنة ضوئية وإذا طلع بدأ الليل في البرود واكتمل نضج الثمار وأقبل الخريف وأدبر الصيف.

عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان *
فاكس: 014708199

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي