السمنة منبع الأمراض ومحطمة الآمال
داء أو مرض السمنة في ازدياد مطرد في جميع دول العالم كما في بلادنا كنتيجة للاستعداد الوراثي وتوافر البيئة المناسبة لظهورها. وأسباب ظهورها عوامل عدة منها المدنية الحديثة وما جلبته من الدعة في العيش وزيادة في استهلاك المواد السكرية والنشوية والدهون، قلة النشاط البدني، وعدم التعرض للشمس، ما يؤدي إلى نقص حاد في فيتامين (د) ومن ثم نقص هرمون الكَلسي ترايول، سوء التغذية مع زيادة في السعرات الحرارية المستهلكة الفارغة، واختلال الغدد ومنها الدرقية والكظرية، الاكتئاب والإحباط واليأس، متلازمة الأكل الليلي Night eating syndrome، متلازمة الأكل المفرط Bing eating syndrome، وغيرها من الأسباب النفسية والعضوية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتكمن خطورة مرض السمنة أنه مصدر للعديد من الأمراض أو عامل كبير في ظهورها ومنها السكري رقم 2، واعتلال الدهون كارتفاع الدهون الثلاثية Triglycerides ونقص الدهون الحميدة HDL وزيادة الدهون السيئة LDL، وبالتالي تصلب الشرايين، ما يؤدي إلى جلطات القلب والمخ وجلطات الرجلين العميقة والسطحية نتيجة لصعوبة حركة الدم بسبب قلة حركة المريض، والصداع المزمن الناتج عن ارتفاع ضغط المخ، ارتفاع ضغط الدم، فشل عضلة القلب، الشخير وتوقف التنفس المتقطع أثناء النوم Obstructive sleep apnea ومن ثم نقص الأكسجين للمخ والقلب، ما ينتج عنه ضعف في جودة النوم مع كثرة الاستيقاظ الواعي واللاواعي ومن ثم النعاس النهاري وما ينتج عنه من حوادث السيارات، جلطات الرئتين، صعوبة التنفس، الربو المزمن، حصى المرارة، الكبد الدهنية، تضخم الكبد، زيادة حموضة وارتجاع المعدة والمريء وما ينتج عنه من تقرحات المعدة والأمعاء الدقيقة وسرطان أسفل المريء وسرطان المعدة، تكيس المبايض والعقم وحب الشباب وظهور الشعر على الوجه عند النساء، سرطان الرحم والكلى والمبايض والبروستاتا والقولون، وتآكل المفاصل وآلام الظهر المزمنة، نقص فيتامين (د) ومن ثم هشاشة العظام، الاكتئاب وقلة الثقة بالنفس، التمييز العنصري ضد البدناء، تأخر أو تأخير أو عدم القدرة على الزواج.
ولو نظرت إلى أمراض مجتمعنا اليوم لاستنتجت أن تغير سلوكنا ونمط حياتنا من ظهور البترول إلى الآن مع الاستعداد الوراثي أدى إلى السمنة ومن ثم الأمراض المذكورة أعلاه، ومن ينكر ذلك فعليه أن يقرأ المراجع والأبحاث العلمية المنشورة إلى اليوم. وبسبب السمنة تدفع الدولة والمجتمع ثمنا غاليا للسمنة فما عليك إلا النظر إلى نسبة السكري في المجتمع، نحو 28 في المائة و و و و و .... غيره من الأمراض التي يمكن أن نقلل منها ومن ثم نقلل من التكلفة المالية والنفسية والاجتماعية والسياسية.
وبناء على ما سبق فإنه يجب أن تكون التوعية الصحية المستدامة ومحاربة وعلاج والوقاية من السمنة من أولويات وزارة الصحة والجهات الأخرى ذات العلاقة مثل شركات الغذاء والقطاع الصحي الخاص والبلديات ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وفوق كل هذا المقام السامي ومجلس الشورى نظرا لخطورة الوضع وما يمكن أن يؤدي إليه. ومن دراسات الدول الغربية نعلم أن ما نراه ظاهرا من الأمراض هو قمة جبل الجليد أو الثلج والباقي مغمور تحت سطح البحر. ما يعني أنه إذا كان مرضى السمنة وزيادة الوزن تصل نسبتهم إلى ما فوق 70 في المائة عند البالغين و20 في المائة عند المراهقين و16 في المائة عند الأطفال ما قبل سن المدرسة والسكري رقم 2 فوق 28 في المائة ممن تم تشخيصهم ويتلقون العلاج الآن، فالذين يمشون بيننا ولديهم هذه الأمراض الناتجة عن السمنة ولم يتم تشخيصهم هو ضعف هذا العدد على أقل تقدير وإن لم نفعل شيئا الآن بحزم وعزم وقوة فسندفع الثمن غاليا ماليا واجتماعيا ونفسيا وسياسيا.
وكما قيل: الوقاية خير من العلاج .. لقد أسمعت لو ناديت حيا، و(إذا فات الفوت ما ينفع الصوت) و(الشق أكبر من الرقعة).