مختصون: السماح للشركات الخليجية بالنقل الداخلي يوفر فرص عمل جديدة
أكد عاملون في قطاع الطيران أن فتح المجال أمام شركات الطيران الخليجية بالنقل الداخلي سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد الوطني، مبينين أن مساحة السعودية مترامية الأطراف ما يجعلها سوقاً مغرية لشركات الطيران الراغبة في النقل الداخلي.
ولفت المختصون إلى أنه في حال سمحت الهيئة العامة للطيران المدني لشركات الطيران الخليجية بالنقل الداخلي سيزيد الحركة والتنقل بين المدن للأفراد والبضائع، مشيرين إلى استفادة المدن الثانوية وانتعاشها اقتصاديا.
واستبعد المختصون أي آثار سلبية محتملة لتطبيق قرار من هذا النوع، لافتين إلى أن معظم شركات الطيران حول العالم تقوم بالأمر نفسه، وأن الدول الأوروبية تطبقه منذ سنوات طويلة جداً، إلا أن ذلك يعتبر قراراً سيادياً ومن حق الدولة اتخاذه في الوقت المناسب على حد قولهم.
وتوقع العاملون أنفسهم في حديثهم لـ ''الاقتصادية'' أن تقوم شركات الطيران الخليجية بدراسة الجدوى الاقتصادية لهذه الخطوة بناء على القرارات التي ستصدر بهذا الشأن من السلطات المعنية، مشيرين إلى أن فتح المجال للنقل الداخلي ربما يكون تدريجياً وليس كلياً في بداية الأمر.
#2#
وقال أحمد الإدريسي مدير عام الخطوط القطرية في السعودية إن فتح المجال لشركات الطيران الخليجية بالنقل الداخلي في المملكة سيكون له آثار إيجابية على تنقل الأفراد والبضائع بين مختلف المدن، وأضاف ''بالتأكيد سيكون بمقدورك شحن عدة شحنات من المزروعات من حائل مثلاً إلى جدة بدلاً من مرة واحدة، كذلك المسافر يمكنه حضور اجتماع في نجران مثلا والعودة في نفس الليلة دون تأخير وبسهولة تامة''.
وأشار الإدريسي إلى أن قرارا مثل هذا سيعطي المرونة في الحركة وستنتعش المناطق الثانوية بخلاف المدن الرئيسية الثلاث (الرياض، جدة، الدمام)، مستبعداً أي آثار سلبية للأمر، ويضيف ''معلوم أن معظم شركات الطيران تطبق ذلك منذ سنوات طويلة، ففي أوروبا تنقل شركات أجنبية داخل المدن الأوروبية منذ 20 عاما تقريباً''.
وأكد مدير عام الخطوط القطرية في المملكة أن هذا الأمر يعتبر حقا سياديا لكل دولة تتخذه في الوقت الذي تراه مناسباً، مبيناً أن السوق السعودية لا يمكن مقارنتها بالدول العربية الأخرى كبيرة المساحة مثل الجزائر أو السودان سابقاً، وتابع ''تعتبر السعودية أكبر دولة عربية من حيث المساحة ويتواجد سكانها من أقصاها إلى أقصاها ولهذا فهم يحتاجون إلى وسائل النقل بشدة''.
وبشأن بعض الانتقادات التي وجهت لشركات الطيران الخليجية وأنها مدعومة من الدول وربما ذلك يخلف نوعاً من المنافسة غير العادلة، أوضح الإدريسي أن المواطن لا يهمه إن كانت شركة الطيران مدعومة من الحكومة أو من أفراد، وإنما يفكر في الخدمة الجيدة والأسعار المعقولة إلى جانب الالتزام. وأكد أن جميع شركات الطيران في دول مجلس التعاون الخليجي مدعومة من حكوماتها، لكن الفرق يمكن في أن بعض الشركات تبني استراتيجيتها على الربحية في العمل ولا يمكنها أن تأخذ خط سير ما لم يكن مربحاً لها.
وأفاد بأن اتهام شركات الطيران الخليجية بالإغراق لا أساس له من الصحة، مضيفاً ''كلمة الإغراق انتهت منذ منتصف الثمانينيات ولا وجود لها، هناك ما يعرف بتوفير الخدمة للناس، تصور أن خط دبي – الدوحة هناك يومياً 25 رحلة ذهاب وعودة تتقاسمهما القطرية والإماراتية والطلب يتزايد كلما زاد عدد الرحلات''.
وتوقع الإدريسي أن تعمد شركات الطيران الخليجية في الوقت الراهن إلى دراسة الجدوى الاقتصادية للأمر بناء على القرارات التي سوف تصدرها هيئة الطيران المدني، لافتاً إلى أن التوقعات تشير إلى أن فتح المجال سيكون تدريجياً وليس كلياً في بداية الأمر.
فيما أوضح أحمد الإدريسي أن تطبيق قرار كهذا سيوفر آلاف فرص العمل للشباب السعودي خلال السنوات المقبلة، مبيناً أن ''خلال السنوات الخمس القادمة سيعرف الشباب ماذا تعني كلمة طيران، معنى تقديم خدمة للراكب، واحترام الراكب''.
وفيما يتعلق بتقييم القطرية للأمر، قال الإدريسي ''بالنسبة لنا في القطرية سوف نرى الأمر بعين الاعتبار حتى تتضح الرؤية ووجودنا في السوق السعودية يعطينا أولوية وربما أفضلية عن غيرنا''.
من جانبه، يرى الدكتور سعد الأحمد أستاذ الطيران المساعد بكلية الملك فيصل الجوية والمتخصص في شؤون الطيران أن نجاح الشركات الخليجية في النقل الداخلي سوف يسهم في تنمية المناطق من خلال تكثيف الرحلات البينية وزيادة حركة السفر. وأضاف ''بالنسبة لأثر ذلك اقتصادياً فإن صناعة النقل الجوي ترتبط ارتباطا مباشرا بأغلب الصناعات، والمملكة تعيش الآن نهضة قوية في صناعات أساسية كصناعة الإنشاءات في مناطق مختلفة، ومشاريع النفط والغاز وصناعة السياحة. ونقص الرحلات الجوية الداخلية وعدم وجود جداول فاعلة للرحلات الجوية الداخلية أثر سلبا على تلك الصناعات''.
ولفت الأحمد إلى أن الإشكال يتمثل في عدم كفاية وجودة النقل الجوي الداخلي وكذلك الخارجي، وقال ''السوق تحتاج إلى مضاعفة الرحلات من قبل الشركات المشغلة الآن أو السماح لشركات جديدة''، مشيراً إلى أن صناعة النقل الجوي وخاصة الخطوط الجوية والمطارات تعامل كقطاعات سيادية لا تسمح حكومات الدول بمنح امتياز استثمارها لشركات أجنبية دون مشاركة وطنية بنسبة معينة، مبيناً أن الولايات المتحدة على سبيل المثال تشترط ألا تتجاوز الحصة المؤثرة للأجنبي 25 في المائة، بينما في أوروبا ولكونها تكتل اقتصاديا واحدا هناك حرية شبه كاملة في التملك وكذلك تشغيل الرحلات داخل الدولة غير المالكة للخطوط.
وأوضح الأحمد أن أهم الإيجابيات لفتح النقل الداخلي للشركات الخليجية سيكون في سد النقص الحالي من الرحلات الجوية الداخلية وقد يكون هناك تفاضل في الأسعار والخدمات والعروض، كالحزم الخاصة بالحجوزات الجماعية المتكررة. وتابع ''السعوديون يتميزون بارتفاع عدد أفراد العائلة ووجود رحلات سنوية ثابتة ومكررة لهم. كذلك من أهم الإيجابيات زيادة تنمية هذا القطاع وإيجاد فرص وظيفية جديدة''.
فيما عبر عن خشيته أن تؤدي المنافسة غير الشريفة إلى إلحاق الضرر بالمنافس أو التلاعب بمعايير الخدمة التي قد تؤثر لا سمح الله على السلامة الجوية.
وأشار الدكتور سعد إلى أن الدعم المعلن والخفي لشركات النقل الجوي موجود في أغلب الدول وحتى المتقدمة منها ولكنه بأشكال مختلفة قد لا يراه المراقب على صورة أسعار مدعمة للوقود كما هو موجود في المملكة، وأردف ''قد يتخذ هذا الدعم صورا مختلفة كأولوية الناقل الوطني في تسيير رحلات إلى مطارات كبيرة في أوقات الذروة، وتقديم مساعدات مباشرة وغير مباشرة للخطوط الجوية عند شراء طائرات جديدة تمكنها من الاستحواذ على أسواق جديدة بينما تمتنع حكومات المنافس عن دعم عمليات تمويل الشراء كون الاقتصاد ذا طبيعة مستقلة وحرة''.
خليجياً، أكد الأحمد أن الدعم الحكومي موجود، فالخطوط السعودية والخطوط القطرية وطيران الاتحاد وطيران الإمارات، جميعها شركات حكومية في حقيقة الأمر وإن لبس الكثير منهم جلباب الشركات التجارية.
وتوقع الدكتور الأحمد أن تشهد الفترة المقبلة خلق فرص عمل كبيرة للسعوديين سواء الطيارين أو الكادر الوظيفي في الخدمات الملاحية، وفند ذلك بقوله ''نحتاج إلى شركة نقل داخلي ذات كيان خاص بطبيعة المسافات بين المطارات السعودية والعدد المتوقع للمسافرين بين تلك المدن. من حسن الحظ أن هناك ثلاث طائرات جديدة صممت لتنامي سوق الرحلات القصيرة في أغلب دول العالم، هذه الطائرات ستدخل الخدمة هذا العام وكلها من فصيلة 100 مقعد وأقل وهو المطلوب الآن لأغلب الرحلات الداخلية ما عدا رحلات الرياض جدة''، مضيفا أن السوق الداخلية بحاجة إلى 50 طائرة من هذه النوع الآن، وهذا يعني وظائف 500 طيار وأكثر وكادر من القوى البشرية بحدود ثلاثة آلاف موظف.