الرياض .. مدينة بحجم دولة

لا أدري لماذا عاد بي الزمن وأنا أقرأ تلك الإحصاءات عن حركة المرور وأعداد المركبات التي تجوب شوارع مدينة الرياض، والتي وردت ضمن خبر ترؤس الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة، اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية واجتماع النقل العام يوم الثلاثاء الماضي، إلى فترة الطفولة التي قضيت جُلها في المنطقة الواقعة بين شارعي آل سويلم والظهيرة، وكان الشارع مكان اللعب في وقت لم تكن فيه حركة المرور عائقة لنا بسبب قلة السيارات آنذاك.
المقارنة بين تلك الفترة التي لا تعد طويلة في عمر المدن، وما عليه الرياض الآن يبين مدى القفزة العمرانية والاتساع المكاني والسكاني الذي شهدته مدينة الرياض، وكيف أخذت تزحف في الاتجاهات الأربعة، لتدخل أماكن كانت إلى عقود قليلة مناطق تنزه خارج المدينة ضمن أحياء المدينة، بل رأينا كيف أن الطرق الدائرية التي كان من المتوقع أن تحيط بالمدينة لفترة طويلة من الزمن، وقد أصبحت في وسط المدينة، وتكاد تكون هي المركز بسبب اتساع المدينة وتمددها الأفقي الكبير.
وإذا كان اتساع المدينة الأفقي وبهذا الحجم الكبير يشكل ضغطاً كبيراً على الخدمات التي يتطلب الوضع أن تلاحق هذا الاتساع، إلا أن الرياض ورغم اتساعها وارتفاع عدد سكانها إلى ما يزيد على خمسة ملايين نسمة، تمكنت من أن تحقق كثيرا مما يطمح إليه السكان.
اتساع المدينة صاحبه بروز عدة إشكالات، منها نمو حجم الحركة المرورية بمعدل كبير، ونتج عن هذا أزمات مرورية في أجزاء عديدة من المدينة، وارتفاع في عدد الحوادث المرورية وما ينتج عنها من وفيات وإصابات، وكان الحل أن تم إعداد خطة استراتيجية للسلامة المرورية في مدينة الرياض، بُدئ في تنفيذها عام 1425هـ ، ونتج عن ذلك أن انخفض عدد الوفيات من 479 حالة وفاة عام 1424هـ إلى 256 حالة وفاة عام 1431هـ أي بنسبة بلغت 47 في المائة، كما انخفضت الإصابات الخطرة خلال الفترة نفسها من 1546 إصابة خطرة إلى 910 إصابات خطرة، أي بنسبة انخفاض 41 في المائة خلال سبع سنوات، وهذا الانخفاض جاء رغم ارتفاع عدد السكان، وعدد المركبات خلال هذه الفترة.
نتائج تطبيق الاستراتيجية لا تتوقف على هذه النتيجة رغم أهميتها البالغة، بل أدت إلى تعديل في سلوك قائدي المركبات والتزامهم بأنظمة المرور، فطريق مثل طريق التخصصي ـ على سبيل المثال ـ كانت نسبة المركبات التي تجاوزت حد السرعة عام 1429هـ تشكل 77 في المائة من المركبات، لتنخفض هذا العام إلى 16 في المائة.
هذه النتائج تسعد كل إنسان، فالمحافظة على سلامة الناس وأمنهم وتحقيق السكينة في شوارع المدينة، هدفٌ يجب أن يتعاضد الكل لتحقيقه، مهما كانت الصعوبات.
خبر اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية واجتماع النقل العام، وما تضمنه من إحصاءات ومشروعات مستقبلية، ورؤية لما ستكون عليه حركة النقل في مدينة الرياض مستقبلا، أمرٌ يستحق أن نقرأه بتمعن، لنعرف مدى الجهد الذي يبذل، وما تحقق من نتائج، ولنعرف مدى التسارع الكبير في نمو مدينة أصبحت مساحة وسكاناً بحجم دولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي