ما يفقد قاعدته السياسية في تايوان

لم تبق سوى سنة على إجراء الانتخابات الرئاسية في تايوان، بينما تجد استطلاعات الرأي العام أن الرئيس ما ينج - جو يفقد قاعدته السياسية في البلاد. وأظهرت دراسة كشفت عنها TVBS في الخامس عشر من آذار (مارس) 2011 أن شعبية الرئيس قريبة من شعبية رئيس الوزراء السابق، سوتسنج - شانج، كما أنه يتخلف عن رئيس الحزب التقدمي الديمقراطي، تساي إنج - ون. وقد ظل الرئيس يعاني شعبية متدنية منذ انتخابه عام 2008، حيث يعود ذلك جزئيا إلى الظروف الاقتصادية للبلاد. ولم يثبت الرئيس أنه شخصية ذات جاذبية عالية. غير أنه كان ناجحا بصفة ملحوظة على مستوى إقامة العلاقات المباشرة مع الأطراف السياسية الأخرى في البلاد.
الحقيقة الملموسة هي أن التوترات بين الجهات السياسية المتعددة تراجعت على نحو ملحوظ. وتم خلال سنته الأولى من الرئاسة توقيع عدد كبير من الاتفاقيات المتعلقة بالنقل الجوي، ونقل البضائع السائبة، والنقل البحري، وسلامة المواد الغذائية. ويضاف إلى ذلك أنه تم في العام الماضي التوصل إلى اتفاقية تجارية بعد مفاوضات شاقة. غير أن النتائج على صعيد الدور الخارجي للبلاد، كانت مختلطة بعض الشيء. ولم تحاول الصين خلال السنوات الأخيرة ثني أي من البلدان الـ 23 التي تعترف بتايوان عن موقفها هذا. والدليل على ذلك هي الزيارة التي قام بها إلى تايوان رئيس باراغواي، فرناندو لوجو، في الأسبوع الماضي. وكان هذا الرئيس قد أعلن خلال حملته الانتخابية في عام 2008 أنه يريد إقامة علاقات دبلوماسية مع الصين. غير أنه لم يقطع علاقات بلاده مع تايوان بعد أن تم تنصيبه رئيسا، الأمر الذي يفيد بأن الصين لم تكن تحثه على القيام بمثل هذه الخطوة.
حدث الأمر نفسه مع الزعيم اليساري موريشير فيونز في السلفادور الذي تعهد كذلك أثناء الحملة الانتخابية بأن بلاده ستقيم علاقات مع الصين. ولم تبد الصين اهتماما كبيرا بذلك، حتى أن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الصينية قال ''على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الصين والسلفادور، إلا أن الشعب الصيني لديه مشاعر الصداقة إزاء الشعب السلفادوري، كما أن الصين راغبة في استمرار العلاقات القائمة على المصالح المشتركة للطرفين، وتحرص على التعاون المفيد في هذا المجال، وعلى صعد عدة''. ولم تتحدث الصين عن ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية.
لم تتحرك بكين لكي تضغط على أي من حلفاء تايوان الدبلوماسيين على نحو معلن. غير أن تايوان ما زالت ترغب بشدة في أن يكون لها دور في المنظمات الدولية، حيث سمحت لها الصين بأن تكون عضوا مراقبا في جمعية الصحية العالمية خلال العامين الأخيرين. غير أن بإمكان بكين مراجعة هذا الموقف سنويا. فإذا عاد الحزب الديمقراطي في تايوان إلى الحكم، فإن الصين قد تحجب هذا الامتياز. وإلى جانب ذلك، نجد أنه لم يكن هنالك تقدم على صعيد رغبة تايوان في المشاركة في أعمال منظمة الطيران المدني الدولي، وإطار الأمم المتحدة الخاص بالتغير المناخي.
إن حجة الصين بهذا الشأن هي أنها لا تريد أن توجد سابقة وجود تمثيليين للصين. وتفضل السلطات الرسمية أن يتم تمثيل تايوان في بعض الجهات الدولية من خلال أعضاء في المنظمات غير الحكومية، بدلا من المسؤولين الرسميين. بل إن الصين راغبة في الوقت الراهن في الحد من وجود تايوان في المنظمات الدولية، حتى لو لم يكن هذا الوجود على المستوى الرسمي.
لذلك طالبت الصين خلال المهرجان الثالث والعشرين الدولي للأفلام الذي تم تنظيمه في طوكيو بأن يكون اسم البعثة التايوانية ''بعثة تايوان، الصين''. وبعد أن اعترض التايوانيون على ذلك، رفضت السلطات اليابانية المعنية الطلب الصيني. وكانت النتيجة عدم مشاركة ممثلي الصين، وممثلي تايوان على حد سواء.
نتيجة لمثل هذه الأمور، اقترح الرئيس الصيني، هو جنتاو، أن تقوم تايوان باتصالات مسبقة مع الصين قبل محاولة الاشتراك في أي نشاط لأي منظمة دولية على الصعيد الحكومي. إلا أن سلطات تايوان سارعت إلى رفض هذا الاقتراح. وترى تايوان أن من غير المفهوم إصرار بكين حتى على حصول ممثلي المنظمات غير الحكومية في تايوان على إذن مسبق من السلطات الصينية للمشاركة في نشاطات الدولية، حيث ترى تايوان أن ذلك يعمل على تضييق أفق نشاطها الدولي.
يبدو أن الصين تلعب في النار، حيث بات من المتوقع أن يخسر الرئيس ما الانتخابات الرئاسية المقبلة لمصلحة زعيم الحزب الديمقراطي الذي يتحرك للعودة إلى حكم البلاد. ولا بد أن بقاء ذلك الحزب لمدة ثماني سنوات في السلطة علّم الصين درسا بأن حكمه ليس في مصلحتها.
غير أن الإجراءات الصينية المختلفة تعمل على إضعاف موقف الرئيس داخليا، رغم بعض نجاحاته في سبيل زيادة مرونة تعامل الصين مع تايوان لتحقيق أهدافها في توسيع دورها على الصعيد الدولي. ويرى كثيرون في تايوان أن مساعي الرئيس بهذا الخصوص لم تحقق درجة كبيرة من النجاح. وإذا استمرت بكين في اتباع سياستها هذه، فإن من المتوقع أن تكون نتائج انتخابات العام المقبل مأساوية ليست فقط للرئيس التايواني.

خاص بـ «الاقتصادية»
حقوق النشر: Opinion Asia

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي