نحو رؤية وطنية موحدة
تنوعت مجالات ومراكز البحث والدراسات الوطنية، وأخذت معظم جامعاتنا ومراكزنا الأكاديمية على عاتقها إثراء البحث العلمي المتنوع. لكن المتأمل يرى فيها جهودا مشتتة قد يناقض بعضها بعضا، كما أنها في مجملها لا تخدم رؤية وطنية مركزة للتميز.
ولكي أوضح أكثر، دعوني أعطي بعض الأمثلة: في جامعة الملك سعود لوحدها ما يزيد على 15 مركزا بحثيا متنوعا، ويمكن القياس على ذلك في بقية الجامعات والمدن العلمية والتقنية في المملكة. لذلك يوجد لدينا كم هائل من مراكز الأبحاث المتعددة، وفي المقابل مردود متدن من الإنتاج لهذه المراكز. وما ذلك في نظري إلا ما أصفه بتشتيت القوة.
إنني أنظر إلى هذه المراكز كموطن لعقول بشرية فذة، وأنظر إليها كتجهيزات ضخمة، وكذلك ميزانيات عالية، لكنها تضيع في توزيعها وتفريقها بين المراكز.
ولو نظرنا إلى بعض هذه المراكز البحثية لوجدنا أن عملها يمكن أن يوكل إلى جهة خارجية لقلة نشاطها وتوفر البديل الخارجي.
في المقابل، لو كثفت كافة المراكز البحثية نشاطها وفق استراتيجية وطنية موحدة ورؤية واحدة مثل ''أن نصبح أحسن دولة في الطب والعلوم الطبية على مستوى قارة آسيا'' بتبنينا فكرا مثل هذا، ستصبح العقول التي تعمل في هذه المراكز والتجهيزات والميزانيات تخدم هدفا واحدا، وستصبح هذه المراكز المتنوعة روافد في إثراء البحث العلمي الطبي، خصوصا إذا تخصصت في جزئيات العلوم الطبية المتنوعة.
أنا لا أطالب بأن نلغي المراكز البحثية للتخصصات الأخرى، لكن ينبغي الاستفادة مما هو متوافر عالميا، والتركيز على مجال واحد للتميز. لقد كان للمملكة علامات بارزة في المجال الطبي، فلماذا لا نجعله الخيار الأول طالما أن هذا الخيار يستلزم العقول البشرية في المقام الأول؟
أوجّهها دعوة للمعنيين بهذا الأمر لتبني رؤية وطنية موحدة في المجال الطبي. ولنضع لنا هدفا يتحقق خلال مدة أقصاها عشر سنوات.. ''بأن نصبح أحسن دولة في الطب والعلوم الطبية على مستوى قارة آسيا''.