حجم قطاع التشغيل والصيانة من قيمة الأصول التي تبنيها الدولة يفوق 20 %
حدد رجال أعمال في قطاع التشغيل والصيانة في غرفة الرياض عددا من الموضوعات المهمة التي تفتقر إليها بعض الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وخاصة فيما يتعلق بتلك الأنظمة المتقادمة، مؤكدين أن كثيرا منها يسبب اختلالا في موازين التنافسية بين قلة من الشركات، وكثرة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي لا حول لها ولا قوة.
وطرح أصحاب الاختصاص في قطاع المقاولات في الندوة التي جمعتهم بعض الطرق التي تسمح بنفاذ بعض السلوكيات الفاسدة من النوع الذي يطيح أحيانا بشروط الجودة ويتسبب في إهلاك البناء الأساسي للمشاريع قبل أوانها، وقد ذكر بعضهم بصريح العبارة (إن ما خفي ربما كان أعظم وأفدح).
وفي السطور التالية نستطلع معا آراء المشاركين فيها وهم: المهندس فهد النصبان رئيس لجنة التشغيل والصيانة، المهندس وائل الراشد نائب رئيس لجنة التشغيل والصيانة، وعدد من الأعضاء من بينهم المهندس عبد العزيز الشريم وإبراهيم العنقري، الذين أجابوا عن المحاور التي تضمنتها الندوة وهي: كيف نقيس دور قطاع التشغيل والصيانة في المشهد التنموي؟ وهل ثمة إخلال بمتطلبات هذا المشهد من خلال القصور في أدوات التشغيل والصيانة؟ وما الدور وحجم المسؤولية الملقاة على هذا القطاع؟
#2#
بدءا أكد المهندس فهد النصبان رئيس لجنة التشغيل والصيانة، أن قطاع التشغيل والصيانة يلبي احتياجات البلد الحضارية في إطالة عمر المنشأة، ويؤدي دورا مهما في المحافظة على أصول البلد وبنيته التحتية سواء كانت حكومية أو خاصة، ويمكن تشبيه دور التشغيل والصيانة بخدمة ما بعد البيع، وليس بالضرورة أن يكون المشغل هو من بني الأصل لكن ذلك لا يمنع أن يكون الباني هو المشغل، وتتمثل أهداف التشغيل الرئيسية في التشغيل والصيانة لضمان استدامة الخدمة الوظيفيّة التي من أجلها تم إنشاء المبنى، كما تتمثل أهمية القطاع في حجمه الذي يتعدى 20 في المائة من قيمة الأصول التي تبنيها الدولة.
#5#
من جهته أوضح المهندس عبد العزيز الشريم عضو لجنة التشغيل والصيانة، أن قطاع التشغيل والصيانة هو الحصن الذي يحمي ويتابع سير العمل للقدرات الإنشائية للدولة، والمساند لعمليات إحلال واستبدال الأنظمة التي تتطلب الاستبدال والتحديث، وللقطاع رصيد ثر من الخبرات يراوح بين 20 إلى 25 عاما، ويضم نخبة قديرة من خبراء التصميم الهندسي والمعماري.
وقد أتيحت لي فرصة اللقاء بالمصمم البريطاني الذي صمم وصنّع نظام التكييف الموجود في مجمع الخدمات في جامعة الملك سعود في الرياض، الذي يخدم كافة المرافق الأكاديمية في المدينة الجامعية بما فيها المستشفى الجامعي، وقد أبدى إعجابه حينما رأى أن هذا النظام الذي صممه قبل ربع قرن لا يزال يعمل بأكثر من 75 في المائة من طاقته، فأكد إعجابه وذهوله مما رآه، وقال إن تلك المدة الطويلة تستدعي عمل إحلال أي (استبدال كامل للنظام).
وأشار المصمم إلى أنه من المفترض لعوامل الزمن أولاً وحرارة الجو لديكم أن يعطي دون 50 في المائة من طاقته، مما يدل على الاحترافية في اتباع أسس التشغيل والصيانة وما وصل إليه قطاع التشغيل من قدرات، ويمكن أن تكون تلك القدرات مضاعفة بشكل أكبر لو أزيل كثير من العوائق القائمة.
• هناك مشاريع حكومية كبيرة في طور الإنشاء وأخرى في انتظار البدء في إنشائها.. ما استعدادات القطاع لتولي مهام التشغيل والصيانة داخل هذه المنشآت؟
#3#
أوضح إبراهيم العنقري عضو التشغيل والصيانة أنه قياساً على حجم هذه المشاريع مجتمعة يمكن القول بوجود عجز واضح - للأسف - مرده عوائق عدة، فالمشاريع كبيرة، والمقاولون الأكفاء القادرون على الحفاظ على هذه البنية لا يتجاوزون 30 في المائة فقط من مجمل مقاولي التشغيل والصيانة، ونحن نربط الكفاءة بالتهيئة المستمرة للقطاع وهي مفقودة. فالصيانة لها أسس وكثير من الشركات تجهل أو تتجاهل تطبيق كثير من معايير الصيانة.
وإنه بالرغم من قدراتنا في التشغيل والصيانة - ولله الحمد - لا بد من الاعتراف بأحد أوجه القصور ومنها تدني كفاءة الصيانة، ويزداد الأمر سوءا مع عدم وجود كفاءة في التدريب فهي مهمة للمحافظة على المعدّة، وهذا جزء من المعوقات، نحن لا نستقدم الكفاءات المتميزة ولا يوجد عند بعض الشركات التعليم والتدريب المستمر، ومن يقوم بتشغيل كثير من المعدات أشخاص (في الغالب من شرق آسيا) ولم يسبق لهم حتى أن رأوا الجهاز من قبل، ومع عدم تطبيق المعايير في موضوع الصيانة لا بد أن تتهالك البنية في النهاية ويقل عمرها الافتراضي.
ولطالما كان الحديث عن تهالك البنية فهنا نشير إلى عائق إداري يعد ظاهرة خطيرة، ونبهنا لها دون فائدة وهي النزول المستمر في قيمة العقود والتخفيض المستمر للأسعار، فكل سنة تقل أسعار الصيانة عنه سابقتها وذلك عكس ما هو مفترض باعتبار أن الأجهزة دائماً تزداد تكلفة صيانتها مع مرور الوقت، والسبب في ذلك التنافس السلبي على الأسعار بتشجيع ورضا من الجهات الحكومية المسؤولة، والضحية هي البنية التحتية، وأي مقاول يأخذ عقد صيانة وتشغيل بسعر متدن فبالتأكيد لن يستطيع تنفيذ ما نُص عليه في العقد حرفياً، وهو موضوع يجب أن يدرس، فالخلل يكمن في الأخذ بأقل الأسعار فقط وليس الأفضل فنيّاً وماليّاً، ودائماً هناك إشكالات بين مقاول الصيانة والجهة المعنية بسبب ذلك، ولهذه الأسباب ننبه إلى أن قطاع التشغيل والصيانة في الطريق الآن يواجه أزمة مماثلة لأزمة مقاولي البناء التي حصلت قبل خمسة أعوام من حيث وجود عجز في المقاولين المؤهلين للقيام بالمشاريع قيد التنفيذ وعدم قدرتهم على استيعاب مثل هذه الأعمال.
• ماذا عن المعوقات المالية؟
أضاف العنقري أن من أبرز المعوقات التي تواجه هذا القطاع المعوق المالي، فهو حجر الأساس لما يعانيه القطاع، وهناك شركات خرجت طوعاً بسببه، والتمويل الذاتي لن يفي بالغرض لعقود قيمتها عالية مع إحجام البنوك عن التمويل، أيضاً يزداد الأمر صعوبة مع عدم التزام جهات الصرف بتنفيذ مقتضى قرار مجلس الوزراء رقم 23 وتاريخ 17/1/1428هـ، الموجه للجهات الحكومية، الذي ينص على أن تصرف للمقاولين عند توقيع العقود في المشاريع الحكومية دفعة مقدمة مقدارها 10 في المائة من قيمة العقد.
وهو لم يفعّل في كثير من الأجهزة الحكومية باستثناء نسبة قليلة منها، وهذا له محاذير، فمقاول التشغيل والصيانة له أهميّة توازي مقاول الإنشاءات فهو من يحافظ على استمرارية المنشأة بعد التنفيذ، وأخشى مع استمرار الوضع على ما هو عليه أن تهيمن الشركات الكبيرة فقط على السوق مما يؤدي إلى تسرّب المقاولين الأقل حظاً.
والحل في تفعيل قرار مجلس الوزراء لتخفيف الحمل وتوسيع قاعدة المقاولين المتعاملين مع المشاريع الحكوميّة.
ويجب أن تقابل تقلّص التمويل من البنوك مرونة حكومية من ناحية الصرف، والحل يكمن في تفعيل صندوق لتمويل المقاولين، بحيث يتم تمويل المقاولين من هذا الصندوق وفق ضوابط، ويعطى كل مقاول حسب حجم مشروعه تمويلاً مناسباً، على أن يتم السداد من المستخلصات كما هو معمول به في البنوك.
ومن المعوقات المالية كذلك إيقاف الصرف قبل نهاية العام بنحو ثلاثة أشهر بسبب الميزانية العامة للدولة، ليبدأ مجدداً بعد بداية العام الجديد بنحو شهرين، وبذلك يكون قد ضاع خمسة أشهر دون صرف، فمن المقاول الذي يستطيع الصرف على المشروع لخمسة أشهر دون أي تمويل.
• دائماً تنظرون لنظام المنافسات الحكومية كعائق أمام تنمية أفضل لقطاع التشغيل والصيانة، فما عناصر هذه العوائق؟
أوضح المهندس الشريم أن ما يعيب بعض مواد نظام المنافسات والمشتريات الحكوميّة أنه يأخذ بالناحية الماليّة كأفضلية دون الاهتمام بالناحيّة الفنيّة لعرض المقاول، وعلى سبيل المثال كشف أسعار المقاولين المتقدمين للمنافسة عند فتح المظاريف، الأمر الذي بموجبه من الممكن أن ترسى المنافسة على المقاول الذي ترتيبه الرابع أو الخامس في بعض الأحيان للوصول للمبالغ المالية المعتمدة، وكذلك الأمر عند إعادة طرح المنافسة مرة أخرى.
وأشير هنا إلى تجربة نظام المنافسات في ''أرامكو'' و''سابك'' والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ونأمل من القطاع الحكومي أن يتبنى مثل هذه التجارب، فعند تقديم عروض المنافسات لدى هذه الجهات تخضعها للتمحيص الفني وتقوم بتقييم العرض دون النظر للجوانب المالية ويتم استبعاد العروض غير المتوافقة فنيّاً أولاً، ومن ثم تبدأ موازنة العروض فنياً ومالياً ويؤخذ بالأنسب، كما أن هناك ممارسات لضمان الحقوق قبل الترسية تتبعها هذه الجهات، حيث تتم المناقشة بين مُقدم العرض ومالك المشروع فيما يخص الجوانب الفنية المتعلقة بالعمل، بهدف التأكد من أن المقاول على علم واطلاع على كافة جوانب المشروع، كما نأمل أن تستعين وزارة المالية ببعض بنود نظام (الفيديك) العالمي بما يخدم الطرفين: الجهة الحكومية والمقاول للعقد الموحد المزمع طرحه.
من جهته قال النصبان إن أنظمة الترسية في المنافسات العامة تحمل كثيرا من الفوضى التي تمنع التطبيق بشكل عادل، مما يؤثر في سير وكفاءة العمل، وهي العامل الرئيسي في تعثر المشاريع، التي بلغ عددها - بحسب مصادر إعلامية - أربعة آلاف مشروع متعثر، وقد يستمر هذا التعثر طالما المسؤولؤن عن المشاريع يبحثون عن الأقل سعراً، وهذا هو السبب المباشر في سحب كثير من المشاريع من بعض المقاولين.
وفي السياق ذاته أوضح العنقري أن الأمر السامي الذي صدر سابقاً للجهات الحكومية يوجه للأخذ بأقل الأسعار، ولم يكن القصد منه تقليص المصاريف على حساب الجودة، بل إن الدولة - أيدها الله - تدفع بسخاء طالما كان الدفع من أجل الرقيّ والتقدم وتنفيذ الخدمة بجودة كافية، بل كان القصد منه محاربة الفساد، غير أنه فهم بشكل خاطئ مما أبقى على الفساد بصور أخرى، فبعض الجهات الحكومية لغرض غير مفهوم تلجأ عند الترسية لعدم مطابقة العرض مع الشروط والمواصفات، ومتى ما قضينا على هذا النوع من الممارسات في المنافسات الحكومية ستخف أزمة التعثر بشكل كبير، وتخفف من الممارسات غير الشرعيّة في ترسية المشاريع، وإغلاق كافة الأبواب على المتحايلين.
من جانبه أوضح المهندس الشريم أن المادة 21 في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية واللائحة التنفيذية نصت على أنه يجوز للجنة فحص العروض التفاوض مع صاحب أقل عرض مطابق للشروط والمواصفات ثم يليه المتنافسون في حالتين منهما: إذا ارتفعت العروض عن أسعار السوق بشكل ظاهر تحدد اللجنة (لجنة فحص العروض) مبلغ التخفيض بما يتفق مع أسعار السوق وتطلب كتابياً من صاحب العرض الأقل تخفيض سعره فإن لم يتم التوصل للسعر المحدد تلغى المنافسة.
• من الذي قام بتقييم أسعار السوق وكيف؟ هل هي وزارة المالية؟ أم الجهة المالكة؟
أوضح النصبان أنه من الأخطاء الجسيمة ترسية بعض الجهات المسؤولة المشروع على المقاول صاحب العرض المالي الأقل، وتلك دائماً ما يكون عرضها الفني متواضعا وهو أحد أسباب تعثر المشاريع، فالمقاول الذي يقدم عرضا أقل يعلم مسبقا أنه لن يؤدي العمل بالجودة المطلوبة، وما يدعو للتساؤل هو أن موضوع القرار السامي بالترسية على أقل الأسعار قد تم تنفيذه سريعاً، أما قرار دفع 10 في المائة من قيمة الترسية مقدماً، وكذلك قرار إنشاء صندوق لتمويل المقاولين ما زالا مُعطلين، فإذا كانت القناعة بعدم جدوى الدفعة المقدمة بمقدار 10 في المائة وبعدم جدوى صندوق المقاولين، فكيف سيتم التعامل مع قرار مجلس الوزراء رقم 23؟ وإذا كانت القناعة بأهميتهما فلماذا لم ينفذا؟ وما دور الجهات الرقابية في المحاسبة على التأخير في تنفيذ هذا القرار؟ الواقع الآن يؤكد أنه لا يوجد حتى 10 في المائة من المقاولين، فمن يستطيع القول إن له حدودا مالية أو ائتمانية مع البنوك لم تستنفد جميعها، فكيف يمكننا العمل في مثل هذا المناخ؟ والموضوع الآخر هو الاعتمادات المالية التي تقررها وزارة المالية، حيث يُطرح سؤال: كيف قُررت ومن يقدرها؟ ومن الشخص القادر على تقييمها فنياً ومن ثم يملك القدرة على تحويلها إلى تكلفة مالية؟ وأستطيع أن أجيب وأقول إنه لا يوجد، والدليل أن المشاريع التي تطرح أصبح من المعتاد أن تكون تكلفتها أعلى من اعتمادها المالي حتى بالرغم من منافسة المقاولين لكسبها، وذلك لا يخرج عن أمرين.. إما أن من قدم الاعتمادات غير مؤهل، وإما أن هناك فسادا ينبغي تتبع منابعه.
من جهته قال العنقري: ''جاءني عرض للدخول في مشروع حكومي سحبته هذه الجهة من مقاول لتدني إنتاجيته، وقد كانت قيمة العرض بنفس قيمة المقاول الذي تم سحب المشروع منه، ولكني رفضت لعلمي أن العمل الذي سأقدمه لن يكون بالجودة المطلوبة قياساً إلى السعر المقدم، ثم تمت مفاوضتي مرة أخرى بسعر أفضل فقبلت، أنا لن أزكي العاملين في القطاع ولكن الجهة المعنية بالمشروع هي المسؤولة، وأذكر مسؤولا استدعى مقاولا وقال له أنت تعطي هدايا لمديرين لهم ارتباط بمشروعك، فهل هذا صحيح، فرد عليه.. أوقف الفساد ولن أقدم هدايا.. وهنا أقول للمسؤولين إنه إذا ما أردتم القضاء على الفساد فلا بد من قياس العمل وتكلفته بمعايير دقيقة، ولن نقضي على الفساد إذا لم نستطع أن نقيس ما نريد أن نديره، أيضاً من التحديات التي تواجه القطاع مع بعض الجهات الممارسات غير الشرعيّة من المشرفين على المشروع، من خلال إعطائهم مقاولاً ما درجات عالية من التقييم لا يستحقها بالرغم من تواضع العمل، وذلك يؤثر في المنشأة، وهنا يمكننا أن نتساءل ونقول لماذا البنية التحتية في المرافق الحكومية تتهالك في زمن قياسي، فلو قضينا على الفساد سيكون لدينا مستوى عال من العمل، لا بد من التشهير بالمفسدين بصورهم وأسمائهم وعندها لن نجد مثل هذه الممارسات، وقد ظهرت مشاريع في جدة بمستخلصات دفعت قيمتها بالملايين ولم ينفذ منها شيء على أرض الواقع، وصدر تقرير خاص بالفساد في إحدى الدول ذات الشفافية المعروفة، أكد أن ما يهدر من مال يعادل ثلث الميزانية العامة للدولة.
• ما منافذ الحلول لعوائق القطاع؟ وكيف يمكن سد الثغرات التي يتسلل منها الفساد في إجراءات ترسية العقود؟ وهل يمكن اعتبار عقود الباطن إحدى هذه الثغرات؟
#4#
أوضح الراشد أنه إذا طبقت عناصر القدرة والجاهزية سينتج عن ذلك أداء عال وإيجابيات لا حصر لها، ومنها الأسعار العادلة وتوطين وظائف القطاع. ويجب أن تتواءم أسعار المنافسات مع تغيرات أسعار المواد.
لا بد من خريطة طريق واضحة، وتفعيل نظام الصيانة الوقائية التي تدخل في الحسومات وليس في المستخلصات، وكفاءة الأداء يجب ألا ترتبط بقيمة المشروع، ولا بد من تغيير سياسة العمل بحيث نضمن أن لا يدخل المشروع إلا المقاول المؤهّل وجهة الإشراف المؤهلة، وبذلك سنصل لجعل القطاع واجهة مشرفة، أيضاً يجب عدم طرح المشاريع بصورة تكون فيها حكرا على كبار المقاولين.
من جانبه أوضح العنقري أن ظاهرة هيمنة الشركات العملاقة هي أحد منافذ الفساد، ورغم أن من محاسنها حدوث تكتلات بين الشركات الصغرى والمتوسطة، فإن عقود الباطن أصبحت مظهرا من مظاهر الفساد وتلغي المقاول الصغير.
من جهته قال النصبان: ''المشكلة ليست في عقود الباطن وحدها ولكن في غياب أدوات المحاسبة والقياس والمراقبة، وتلك يجب أن تكون بحذافيرها لدى الدولة، ونعلم أن للنزاهة فاتورة، فهل نحن مستعدون أن ندفع قيمتها، فقد بات التنافس بصورة غير محمودة والمهم المحصلة المالية وليس تقديم الخدمة، مجرد الدخول والحصول على حصة ومناقصات وكعكة وليس المهم الخدمة في النهاية.
وأضاف العنقري أن في كل وزارة لجنة تسمى مجازاً اللجنة الفنية منوط بها فحص العروض ودراستها من الناحيتين الفنية والإدارية وتكتب تقريرا يذهب للجنة عليا تسمى لجنة البت والترسية وتتكون في الغالب من مدير المشتريات أو نائبه في الجهة الحكومية أو مدير المالية أو نائبه أو مستشار في الوزارة أو ممن يثق بهم الوزير، يضاف إليهم ممثل من وزارة المالية، وتدرس اللجنة العرض الذي يأتيها من اللجنة الفنية وتبدي ملاحظاتها على التصنيف، الضمانات، القدرات الفنية والمالية.
وأحيانا يكون الحل لدى الممثل المالي لو توافقوا جميعاً على مقاول معين، فللممثل المالي الحق بالرفض وهو ما يضعف دور اللجنة الفنية، والأفضل في رأينا هو التصويت.
حيث يضطر وزير ما للاتصال على وزير المالية فيقول إن مندوبكم رفض التوقيع لأسباب معلومة وأحياناً مجهولة، وفي النهاية يوقع.
وأحياناً يتم الاتصال بالمرشح من قبل عضو مجهول في اللجنة أو ممثل المالية ويتم الضغط عليه ليدفع، وبعد اعتماد المحضر يرفع للوزير لاعتماده ثم تصدر برقية الترسية على المقاول الذي اعتمد في المحضر، ليتم إبرام العقد ورفعه لوزارة المالية.
وبين الراشد أن الارتجالية يمكن اعتبارها إحدى صور الفساد، فالصيانة الجيدة لم نشهدها حتى الآن، ادخل أي مرفق حكومي من المرافق العامة وانظر هل يسرك المنظر، والغريب أن من يمسك الترسية أحياناً شركات لها باع طويل ومعروفة، حيث ستجد في عقد هذه الشركة نصوصا كثيرة تقول افعل كذا وكذا ولا يطبق منها شيئا، وذلك على الوجه المنظور.. فما بالك بالمخفي، وإذا تم الإخلال بالظاهر فكيف هو الباطن؟! ..
وقال النصبان إن قطاع التشغيل لا بد أن يكون جاهزا عددا وقدرة وتهيئة للمرحلة المقبلة، وذلك عبر تذليل معوقاته المالية والبشرية وعبر تسهيل الإجراءات، وإلا أعدنا مسلسل مشكلات مقاولي الإنشاءات الذين اتهموا بعدم تنفيذ الأعمال بشكل صحيح، وحتى ذلك الوقت فالقطاع الخاص يتفوق بمراحل على القطاع العام في التشغيل والصيانة، لأن أعماله تتم ترسيتها على الأفضل بينما في القطاع الحكومي تتم الترسة على من يدفع أقل، والمنافسة في القطاع الخاص تجري من أجل تقديم خدمة أفضل بينما في القطاع العام من أجل الحصول على نصيب من الكعكة، فبات تنافسا من أجل تقديم خدمة سيئة.