تأهيل وتدريب الكوادر البشرية في التأمين .. خطوات غير كافية
تعاني سوق التأمين السعودية من نقص في الكوادر البشرية، وذلك مع الحاجة الملحة لهذه الكوادر مع زيادة عدد الشركات وتوسع محفظتها التأمينية، ورغم بعض المحاولات للتدريب والتأهيل في تلك الشركات إلا أنها لا تزال دون المستوى المطلوب، ما يجعلنا نتساءل عن مصير خطة مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' باعتبارها الجهة المعنية بالإشراف على قطاع التأمين ووجهة نظر الشركات بالتدريب والتأهيل. وبالرجوع إلى القرارات الخاصة بالسعودة فإننا نلاحظ أولا القرارات والتعليمات الصادرة بخصوص السعودة في شركات التأمين ومنها المادة الثانية من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني التي تنص على أن أحد أهداف النظام هو تطوير قطاع التأمين في المملكة بما في ذلك التدريب وتوطين الوظائف. كما تنص المادة الرابعة من اللائحة على خطة العمل لشركات التأمين وأصحاب المهن الحرة المتعلقة بالتأمين يجب أن تتضمن العدد المتوقع للموظفين وخطة توظيف وتأهيل السعوديين.
وتنص المادة 50 من اللائحة في إحدى فقراتها على أنه يجب على شركة التأمين وأصحاب المهن الحرة المتعلقة بالتأمين تزويد مؤسسة النقد، قبل 45 يوماً من نهاية كل عام مالي ببيان يشمل عدد ونسب الموظفين السعوديين على مستوى الشركة ككل، ومستوى كل فرع أو إدارة، ومستويات الإدارات التي يشغلها السعوديون.
وتقضي المادة 79 من اللائحة على أنه ''يجب ألا تقل نسبة الموظفين السعوديين لدى الشركة وأصحاب المهن الحرة عن 30 في المائة في نهاية السنة الأولى، على أن تزداد سنويًا حسب خطة العمل المقدمة لمؤسسة النقد.
ورغم كل هذه القرارات إلا أننا نلاحظ أن هناك قصورا كبيرا في سعودة العاملين في قطاع التأمين، وضعفا في تدريب السعوديين في شركات التأمين وخاصة من هم على رأس العمل، وذلك لسبب بسيط جدا وهو سيطرة الوافدين على الوظائف.
وهنا يؤكد متعاملون في قطاع التأمين أنه يقع على عاتق ''ساما'' الجهة المشرفة على قطاع التأمين مهمة توسيع دائرة التدريب والتأهيل للسعوديين الراغبين في العمل في شركات التأمين، وبالتالي صياغة خطة تدريبية مكثفة لمدة عام كامل تستوعب برامج أكثر تخصصاً بما يتوافق مع عمل كل شركة تأمين، وبالتالي تخدم سوقنا الوطني باحترافية ومهنية أعلى، وتقدم برامجها كخطة مدروسة مستندة إلى استبيانات تقدم من شركات التأمين لبيان احتياجاتها وتوجيهاتها في قبول البرامج وتحديد الأولويات في الإدارات والفروع في المدن الرئيسية والمحافظات، وكذلك وضع برامج خاصة لوكلاء ووسطاء التأمين ومندوبي المبيعات أيضا.
كما أنه لا توجد أي شركة تأمين باستثناء شركتين أو ثلاث من أصل 31 شركة ـــ متداولة في سوق الأسهم السعودية ـــ وضعت برنامجا تدريبيا متقدما للسعوديين، مع العلم أن سوق التأمين شهدت في العام الماضي نموا كبيرا بنسبة 16 في المائة، حيث وصل حجمها بنهاية 2010م إلى 17 مليار ريال، والسؤال: ماذا سيصبح مصير السعودة في هذا القطاع، وما الدور الذي ستقوم به ''ساما'' لتطبيق مواد النظام الخاصة بالسعودة في شركات التأمين؟
وبما أن قطاع التأمين يشكل أحد أهم وأكبر الأوعية لتأهيل وتدريب وتوظيف أبناء وبنات الوطن، فقد طالب المهتمون بقطاع التأمين الجهات المعنية إلى بذل مزيد من الاهتمام لتطوير وتنمية موارده البشرية وسياسات التدريب ورفع معدل السعودة في شركاته بشكل عام، كما أنه على شركات التأمين أنفسها التحرك بجدية لتنظيم برامج تطوير فنية ومهنية لرفع درجة الوعي التأميني لدى المجتمع، والمساعدة على توفير كفاءات بشرية تخدم قطاع التأمين والاقتصاد ككل. وعلى شركات التأمين السعودية أن تبادر إلى دعم البرامج الفنية التي تنظمها مؤسسة النقد والعمل على إقامة دورات تدريبية وورش عمل بالتعاون مع الشركات المتخصصة في مجال التدريب والتأهيل، وكذلك استضافة خبراء متخصصين في مجال التأمين لتأهيل موظفيها على رأس العمل.
يشار إلى أن سوق التأمين شهدت نمواً كبيراً خلال السنوات الخمس الأخيرة بعد التنظيم وتطبيق عدد من التأمينات الإلزامية، حيث ارتفع حجم السوق من 1.7 مليار ريال عام 2000 إلى 17 مليار ريال عام 2010، ومع ذلك لا يزال عمق التأمين في المملكة وهو نسبة التأمين إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود 1 في المائة فقط، وهي نسبة محدودة للغاية عند مقارنتها ببعض الدول العربية والنامية والدول المتقدمة، حيث تصل هذه النسبة على سبيل المثال إلى 17 في المائة في تايوان، و13 في المائة في جنوب إفريقيا و12 في المائة في بريطانيا و10 في المائة في سويسرا واليابان، و3 في المائة في لبنان والمغرب والإمارات.