معرض التعليم العالي.. ينفي عن شبابنا صفة الكسل

لم يكن مستغرباً أن يصل عدد المشاركين في المعرض الدولي الثاني للتعليم العالي الذي اختتم في مدينة الرياض يوم الجمعة الماضي 371 جامعة، من بينها 65 جامعة مصنفة ضمن أفضل 100 جامعة في العالم، إضافة إلى الجامعات والكليات السعودية، فما تصرفه الدولة من مبالغ طائلة على برامج الابتعاث يثير شهية أية جامعة في العالم، بدليل أن هناك جامعات من دول لم نعتد على الابتعاث إليها، كانت حاضرة في المعرض.
هذا الرقم الكبير من الجامعات المشاركة لم يثر الاهتمام قدر ما أثاره وجود شباب وشابات سعوديين يديرون أجنحة عدد من الجامعات الخارجية المشاركة في المعرض، وكذلك أجنحة الجامعات والكليات السعودية، فيقومون بالتعريف بهذه الجامعات، وشرح فرص وشروط الابتعاث إليها، وكان ما يقدمه هؤلاء الشباب من معلومات أكثر إقناعا، لأن هؤلاء الشباب السعوديين خاضوا التجربة، وجاءوا ليقدموا نتاج تجربتهم للراغبين بالابتعاث.
وإذا كان من الطبيعي رؤية عديد من الشباب السعوديين من خريجي الجامعات الغربية، إلا أن الحديث مع خريجي الجامعات الآسيوية، وما واجهوه من صعوبات في إكمال تعليمهم العالي بلغات تلك الدول، أمر مثير، ويدل على جدية الطلبة السعوديين وحرصهم على النجاح والتميز، وقد تجلى ذلك من خلال حوار عاجل مع عدد ممن أكملوا مرحلة الماجستير في الجامعات الصينية، بعد أن تلقوا تعليمهم باللغة الصينية، وتحدث الدكتور صالح الصقري الملحق الثقافي بالصين عن تميز هؤلاء الخريجين، وقال إن الملحقية تعتزم الاستفادة من خبرتهم بالمجتمع الصيني، وتساءلت لماذا لا يستفيد رجال الأعمال من هؤلاء الخريجين الذين عاشوا في الصين سنين عديدة وعرفوا المجتمع، بدلا من الاعتماد على عمالة أجنبية هي من يتولى أعمال هؤلاء التجار هناك، ولماذا لا نرى مكاتب لوزارة التجارة والصناعة وللجمارك في المدن الصينية التي تعد مراكز تصدير إلى المملكة، فيعمل فيها هؤلاء الشباب لحماية البلاد من تلك البضائع الرديئة والضارة التي تملأ الأسواق، والتي يؤكد المسؤولون الصينيون أن السبب في استيرادها يعود لمن يستوردها لا لمن يصدرها؟
لقد تميز المعرض الدولي الثاني للتعليم العالي بمستوى عال من التنظيم والهدوء رغم كثافة الحضور من الجنسين، وهذا أمر يحسب لوزارة التعليم العالي، وهو نتاج لخبرتها في تنظيم المعارض، وإذا كان من ملاحظات على المعرض، فهي المبالغة في مساحة أجنحة بعض الجامعات السعودية، مما أثر في مساحة أجنحة الجامعات الأخرى، كما أن الجامعات والكليات غير المعتمدة، كانت هاجس كثير من الشباب الذين كانوا يسألون عن هذا الجانب، ويشيرون إلى دور وكلاء هذه الجامعات والكليات في دخولها إلى المعرض.
النجاح الذي حققته وزارة التعليم العالي التي تشرف على نحو 120 ألف مبتعث يضاف إليهم أضعافهم من طلاب وطالبات الجامعات السعودية، يجب ألا ينسينا التساؤل عن دور الجهات الحكومية الأخرى والقطاع الخاص في توفير فرص العمل لهؤلاء الخريجين، فهؤلاء الخريجون والخريجات يجب أن نوفر لهم مجالات العمل المناسبة، خاصة في القطاع الخاص، وهذا لا يمكن أن يتم مع ما نشهده من توسع في الاستقدام، بل وسعي لإعادة فتح باب الاستقدام من دول يعاني مجتمعنا كثيراً من تصرفات أبنائها.
ولعل في تبني برنامج خادم الحرمين الشريفين للتوظيف الذي أشرت إليه في مقال سابق السبيل لحل مشكلة التوظيف، بدلا من تلك المعالجات التي لا تلقى صدى لا لدى القطاع الحكومي ولا القطاع الخاص.
نجاح معرض التعليم العالي ليس النجاح الوحيد الذي حققته الوزارة في هذه الأيام، بل يضاف إليه ما طرح من موضوعات مهمة خلال ندوات المؤتمر الدولي المصاحب للمعرض، وهي موضوعات تعالج أوضاعا تعانيها عديد من جامعاتنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي