دعوا الأطفال يعملون .. ولكن بشروط!
وجوه بريئة ذابلة .. تطاردك .. تستعطفك .. لتشتري منهم .. تراهم منتشرين في الطرقات والأسواق وإشارات المرور في البلاد العربية يحملون بضاعتهم الرخيصة وهي على كل حال ظاهرة عالمية خاصة في الدول الفقيرة .. أو النامية.
نتحدث عن عمالة الأطفال التي بدأت تنتشر على استحياء في المملكة .. بضعة أطفال سعوديين والباقي من المقيمين.
هل سبق أن شاهدت أطفالاً يعملون في المدن السعودية؟
استطلاع رأي طرحته جريدة "الحياة" على مئات المواطنين أجاب 29 في المائة بنعم و71 في المائة أنهم لم يشاهدوا ذلك .. ولكن وأنت في طريقك لتجديد استمارة سيارتك أو ترخيصها متجهاً إلى أقصى الشمال الشرقي من العاصمة "الرياض"، حيث الفحص الدوري للسيارات .. لا تشغل تفكيرك بالزحام الذي قد يواجهك .. أو الوقت الذي يستغرقه إنجاز هذا العمل .. أو مزاج الموظف ورضاه عن سير سلوك سيارتك وجاهزية أوراقك, لأنك هناك ستجد من يسهل لك مهمتك وينجزها بأسرع مما تتخيل مقابل بضعة ريالات قد تصل إلى 50 ريالا, ستفاجأ هناك بمجموعة من الأطفال تراوح أعمارهم بين 12 و15 سنة .. عددهم من 15 – 20 طفلا .. يتحركون بسرعة ويعملون بنشاط وكأنهم في خلية نحل .. تقبض أيديهم الغضة على "مفكات" ومجموعة من المسامير والبراغي والزرادية .. هي عدة عملهم .. يسارعون إليك عارضين خدماتهم من تركيب لوحات السيارات .. وتسهيل إجراءات تسديد الغرامات والمستحقات للاستثمارات, وكله بثمنه .. فتركيب اللوحة بـ 20 ريالا .. متابعة الاستمارة وتسديد غرامات وغيرها بـ 50 ريالاً .. يعملون في السابعة صباحاً حتى الثانية ظهراً .. تحت شمس الحارقة تاركين مقاعد دراستهم ليلتحقوا بمدارس ليلية .. عملهم هذا ليس رفاهية أو شغل وقت .. إنهم يعملون لأنهم يعيلون أسرهم الفقيرة لوفاة الأب أو الظروف الأسرية المفككة .. إنهم أطفال بـ 100 "راجل" .. يستحقون منا الاحترام والإشادة والوقوف معهم, نساعدهم ونساند أسرهم الفقيرة ونشجعهم على العمل الشريف, ولكن ليس على حساب طفولتهم وبراءتهم وتعليمهم ومستقبلهم, فمكانهم مع أقرانهم على مقاعد الدرس وفي النوادي الاجتماعية .. ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية صنعت منهم رجالاً قبل الأوان .. ألا يستحقون منا وقفة .. نعم نحن ضد ظاهرة عمل الأطفال .. ولكن لما لا تكون هناك رقابة إيجابية على من في مثل ظروفهم نشجعهم على العمل الذي يناسب سنهم وأجسادهم الغضة .. نوجههم للعمل المناسب في الوقت المناسب, أي الإجازات، حيث لا درس ولا تعليم, ولا سيما أن العمل الشريف ليس عيباً .. العيب أن يتم استغلال الأطفال استغلالا سيئا .. نتيجة عوزهم وحاجتهم.
القضية تحتاج إلى وقفة كأن يحدد سن العمل بـ 15 وما فوق وفي فترات محددة وأعمال مناسبة.
العمل الشريف ليس عيباً ولا سبة, ولطالما بدأ بعض رجال الأعمال الكبار بهذه الأعمال البسيطة حتى وصلوا لما وصلوا إليه.
دعوا الأطفال يعملون .. ولكن بشروط!