جاهلية القرن!
أتساءل بأسف شديد: هل نحن نعيش جاهلية جديدة في القرن الحادي والعشرين! سبب التساؤل هو قضية "عضل البنات" و(العضل) هو منع البنت من الزواج من المتقدم لها، حتى لو كان مناسباً من حيث دينه وخلقه. فالموافقة على المتقدم تخضع لإرادة الولي إن كان أباها أو أخاها أو أحد أقاربها، ما دامت له ولاية عليها، حتى إن كانت البنت موافقة على هذا الزوج.
وأمامي إحصائية أصدرتها هيئة حقوق الإنسان في المملكة تقول إن فرعها النسوي في "الرياض" تلقى 233 قضية خاصة بالنساء في العام الماضي, منها 19 قضية مرفوعة تطالب بالحق في الزواج. فالفتاة عندما تستنفد قدرتها في إقناع والدها – ووليها – تلجأ إلى القضاء حتى تنال حقها في الزواج. وأمامي أكثر من إحصائية في هذه القضية واحدة منها تقول: إن نسبة الموظفات السعوديات غير المتزوجات ممن تجاوزن سن 28 عاماً فأكثر نحو 44 في المائة! جانب منها بسبب قضية عضل البنات. وهي نسبة مخيفة يمكن أن تؤثر في المجتمع السعودي.
إحصائية أخرى تقول إن 70 في المائة من قضايا العضل في المجتمعات الإسلامية سببها عضل الأب لابنته وهي أيضاً نسبة مخيفة.
الباحثون أرجعوا عضل البنات إلى عاملين: عامل مادي، وهو جشع الأب - أو الولي - في راتب الفتاة الموظفة أو العاملة. وعامل اجتماعي يتمثل في رفض الولي أي شخص ينتمي إلى قبيلة غير قبيلته. أو حجز البنت لابن عمها مثلاً.
نحن إذن أمام قضية خطيرة تهدد المجتمع السعودي، ليس هذا فقط، بل هي قضية ضد ديننا الحنيف. يقول سبحانه وتعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن". وقضية العضل كانت موجودة في الجاهلية. وجاء الإسلام ليمنع هذه الجريمة. ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير".
ما المطلوب إذا كان الدين يمنع هذه الجريمة؟! في الوقت نفسه فإن الشرع يعطي الفتاة الحق في الموافقة على من يتقدم لها، فهناك آباء يضغطون على بناتهم لقبول من لا توافق عليه طمعا في مهر كبير. وكأن الأب يتاجر في ابنته. وأعرف أن هيئة حقوق الإنسان تعمل بشكل جدي على جريمة عضل البنات من الزواج ضمن جرائم الاتجار بالأشخاص، التي تصل عقوبتها إلى السجن 15 عاماً.
إن جريمة "عضل البنات" جريمة في حق البنت السعودية وإهدار لكرامتها وإنسانيتها، وهدم للمجتمع. فهل عدنا إلى الجاهلية القديمة، أم أنها جاهلية القرن الحادي والعشرين؟!