رفاهية المواطن في قرارات الملك
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - يحفظه الله -، يوم الجمعة الماضي الموافق 18 آذار (مارس) 2011، 20 قرارا اقتصاديا وتنمويا، استهدفت جميعها توفير العيش الكريم للمواطن السعودي، والتعزيز من مستوى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية التي ينعم بها المواطن في السعودية.
يتوقع لتلك القرارات أن تحدث نقلة نوعية غير مسبوقة في حياة المواطن السعودي؛ لكونها ركزت على علاج عدد كبير من القضايا والمشاكل الاقتصادية والتنموية، التي ظلت ملفاتها عالقة لفترة طويلة من الزمن، وتسببت في حدوث اختلالات تنموية كبيرة في المملكة، ألقت بظلالها على الاقتصاد السعودي.
من بين أبرز وأهم القضايا العديدة، التي ركزت القرارات الملكية على علاجها وإيجاد الحلول المناسبة لها، مشكلة الإسكان التي تسببت في حدوث فجوة إسكانية كبيرة بين المواطنين القادرين على امتلاك المساكن، والآخرين العاجزين عن ذلك، وبالذات في ظل تنامي الطلب المطرد على الإسكان والمساكن في المملكة، حيث توقعت دراسة أن يصل حجم الطلب على المساكن الجديدة في المملكة خلال الـ 20 عاما المقبلة للفترة 2005 وحتى 2025 إلى 2.9 مليون وحدة سكنية، بمعدل نمو سنوي يبلغ في المتوسط نحو 145 ألف وحدة، كما قد قدرت الدراسة نفسها أن أعداد المساكن، التي يجب إعادة بنائها خلال الفترة نفسها بنحو 1.1 مليون وحدة سكنية.
إن أمر الملك عبد الله ببناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة وتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لتمويل هذا المشروع الإسكاني الضخم، إضافة إلى رفع الحد الأعلى لقرض صندوق التنمية العقاري من 300 إلى 500 ألف ريال، سيسهم ذلك وبشكل كبير في حل مشكلة الإسكان في المملكة، كما أن ذلك سيخفف عن كاهل عدد كبير من الأسر السعودية الأعباء المالية المترتبة عن تكلفة الإيجار، التي تستحوذ على نحو 30 في المائة من رواتب السعوديين، وبالذات أن نحو 60 في المائة من السعوديين لا يملكون مساكن خاصة بهم في السعودية. كما أن أمر الملك الذي صدر في وقت سابق بدعم زيادة رأسمال صندوق التنمية العقاري بمبلغ 40 مليار ريال، سيمكّن البنك من منح 80 ألف مقترض بيسر وسهولة بعد رفع قيمة الحد الأعلى لقيمة القرض إلى مبلغ 500 ألف ريال؛ مما سيساعد على التوسع في بناء المساكن والتخفيف من حدة مشكلة الإسكان في المملكة.
أيضا من بين القرارات الملكية التنموية الحكيمة والصائبة، التي اتخذها الملك، وسيعم فور تنفيذها الخير عددا كبيرا من أفراد الشعب السعودي، وبالذات من فئة العاملين في القطاع الحكومي، رفع الحد الأدنى لموظفي الدولة إلى ثلاثة آلاف ريال، وصرف راتب شهرين لجميع موظفي الدولة وطلاب وطالبات التعليم العالي، واستحداث 60 ألف وظيفة عسكرية لوزارة الداخلية، ومعالجة إسكان العسكريين بشكل عاجل، حيث يتوقع لجميع هذه القرارات أن تسهم بفعالية في التخفيف من الأعباء المعيشية للمستفيدين منها، وبالذات في ظل اعتماد الملك لـ 500 وظيفة لدعم الجهود الرقابية لوزارة التجارة والصناعة؛ مما سيمكّن الوزارة من إحكام الرقابة على الأسواق المنتشرة في المملكة، والتضييق على ضعاف النفوس من التجار سوء استغلال تلك المكرمات، في رفع الأسعار والتقليل من قيمة الفوائد المرجوة من وراء تلك القرارات.
من بين القرارات الملكية التنموية الجديرة بالإشادة، اعتماد الملك عبد الله لمبلغ 16 مليار ريال لتطوير منظومة الخدمات الصحية الحكومية في السعودية، الأمر الذي سيمكّن وزارة الصحة من خلال المستشفيات التابعة لها من تقديم خدمات طبية ورعاية صحية متكاملة، بشكل متكافئ وعادل لجميع المواطنين في مختلف مناطق المملكة، بصرف النظر عن مكان تواجدهم، ولا سيما أن ذلك المبلغ سيتم توجيهه، للتعزيز من قدرات وإمكانات التجهيزات الصحية لعدد كبير من المستشفيات والمجمعات الطبية في المملكة. كما أن أمر الملك برفع الحد الأعلى في برنامج "تمويل المستشفيات الخاصة" في وزارة المالية من 50 مليون ريال، إلى 200 مليون ريال، سيمكّن القطاع الخاص من التوسع في بناء المستشفيات الخاصة، وهذا بدوره سيعمل على انتشار الخدمات الصحية في المملكة في كل مكان، وسيجعلها في متناول الجميع بصرف النظر عن المكان الذي يقطن فيه المواطن أو المقيم.
إن قرار الملك عبد الله بوضع حلول عاجلة للبطالة المتفشية بين السعوديين والسعوديات، يعد أيضا من القرارات الحكيمة، التي ستساعد على إيجاد وظائف لعدد كبير من المواطنين السعوديين، وستعمل - بإذن الله - على القضاء على البطالة في بلادنا، وبالذات في مجتمع مثل المجتمع السعودي، الذي تغلب على تركيبته العمرية فئة الشباب، لكن ولكي يتحقق هذا المطلب الوطني المهم، لا بد أولا من معالجة الاختلالات الهيكلية، التي يعانيها سوق العمل السعودي، والتي تأتي في مقدمتها وعلى رأسها، الاستقدام المفرط للعمالة الأجنبية دون وجود أسباب اقتصادية أو تنموية مقنعة لذلك، كما أن إيجاد مراكز وطنية لتأهيل الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وحصر وتحديد الوظائف المتاحة في السوق، واستحداث آلية للإعلان عنها للباحثين عن العمل، سيمكّن الجهات المعنية بشأن السعودة في الدولة من التوسع في برامج السعودة والبرامج المرتبطة بإحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة، بما يتناسب مع احتياجات ومتطلبات سوق العمل، والله من وراء القصد.