شركة وطنية مساهمة .. للأمن
في إطار الحديث عن فتح مجالات جديدة تستوعب الشباب الباحثين عن العمل، أعود اليوم للتأكيد على أهمية استقطاب وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، والحرس الوطني للشباب عبر دمجهم في برامج عسكرية للتأهيل الفني والمهني، وسبق أن تحدثت عن أهمية استقطاب الشؤون الهندسية في القوات المسلحة للشباب، واليوم أعود لأهمية استقطاب الشباب في شركات الأمن التي انتشرت وأصبحت كيانات كبيرة يعتمد عليها.
هنا لا بد أن أشير إلى أن وزارة الداخلية نجحت في تأسيس شركة العلم، وهذه الشركة قادت تطوير وتحديث العمليات الإلكترونية التي سهلت للمواطنين الكثير من الإجراءات، وأوجدت مركزا ربحيا مهما للدولة وللناس، وفتحت العشرات من فرص العمل، وتقود بنجاح مساهمات وزارة الداخلية في الحكومة الإلكترونية.
هذا النجاح نتطلع إلى تكراره في مجال آخر مهم، وهو الأمن المساند. وفي هذا الإطار هناك مقترح أن تسعى وزارة الداخلية إلى تأسيس شركة وطنية مساهمة تعمل في مجال الخدمات الأمنية التي تحتاج إليها الحكومة أو القطاع الخاص. وهذا المجال يتوقع أن يرتفع عليه الطلب في السنوات القادمة مع انتهاء الكثير من المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى خدمات الأمن المتطور والمحترف، خصوصا أن هذه المشاريع مجهزة بتقنية متقدمة للإنذار والرقابة تتطلب موارد بشرية مدربة ومؤهلة وذات تكلفة مرتفعة.
هذه الشركة أمامها العديد من الفرص التي تجعلها مشروعا اقتصاديا ناجحا. نحن نعرف أن القطاعات الحكومية لديها عقود كبيرة مع شركات الأمن، وهنا الفرصة لإنجاح مثل هذه الشركة عبر تخصيص نسبة من عقود الحكومة الأمنية لهذه الشركة. ثم بعد ذلك تأتي عقود الشركات المساهمة الكبرى التي تملك فيها الحكومة حصص ملكية رئيسية.
هذه الشركات يفترض أن تخصص نسبة من عقودها للشركة الأمنية المقترحة، وقد يكون هذا الإجراء الملزم لمدة بضع سنوات حتى تؤسس الشركة وضعها في السوق.
أما بخصوص ملكية الشركة، فيمكن أن تخصص حصة الثلث للحكومة (وزارة الداخلية)، والثلث الثاني يدعى له ملاك الشركات الأمنية الخاصة القائمة الآن حتى يساهموا بخبرتهم ورأسمالهم لإنجاح الشركة، والثلث الأخير يطرح مساهمة عامة. هذه المشاركة بالملكية ضرورية حتى يتم دعم الشركة، لكي تهتم بالمسؤولية الاجتماعية، فالمتوقع أن تدفع الشركة رواتب ومميزات مغرية تتفق مع حساسية المهمة الأمنية وخطورتها.
هذه الشركة يتوقع أن يكون لها العديد من المميزات الوطنية، وما يهم أولا قدرتها على استيعاب الآلاف من القوى العاملة، من الرجال والنساء، فنحن بحاجة إلى مجالات عمل جديدة، والوظيفة الأمنية لها حضورها الاجتماعي والنفسي لدى الشباب، فالإقبال بدون شك سيكون كبيرا ومتميزا. أيضا ستكون الشركة فرصة لاستقطاب العديد من الضباط وصف الضباط الذين يتقاعدون في قطاعات الأمن وجزء منهم يتقاعد قبل الـ 60، ولديهم الرغبة والتأهيل والخبرة، فهؤلاء ثروة وطنية تبحث عن الاستثمار.
ثمة ميزة أخرى، وهي أن مثل هذه الشركة الكبيرة سوف تحقق الاستقرار للوظيفة الأمنية، فالشركات العاملة وعملاؤها الآن يشتكون من عدم الاستقرار للقوى العاملة وضعف تأهيل بعضها، وهذا له تبعاته على الأمن الوطني، فنحن في مرحلة نحتاج إلى التخفيف من العبء على قطاعات الأمن حتى تتفرغ للتصدي لمصادر التهديد الأمني الأساسية كالمخدرات والإرهاب والجريمة المنظمة، نحتاج إلى قطاع أمن متخصص محترف، ويكون في مستوى التحديات الوطنية.