برنامج خادم الحرمين الشريفين للتوظيف
لم تكن القرارات الملكية التي أعلن عنها يوم الأربعاء الماضي، متزامنة مع عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أرض الوطن مستغربة، فالكل كانوا ينتظرون هذه العودة الميمونة، وما تحمله من خير للوطن والمواطنين.
القرارات الملكية التي صدرت تناولت جوانب عديدة تتعلق بحياة المواطنين، وتخفيف الأعباء المالية عليهم، وتحسين مستوى معيشتهم. كما هدفت إلى معالجة قضايا ملحة طالما طرحت على الساحة المحلية، سواء عبر وسائل الإعلام، أو من خلال حديث الناس في مجالسهم، ومن أبرزها قضية البطالة، وتراجع فرص العمل للمواطنين.
قضية البطالة التي لم تكن غائبة عن القيادة، تحتاج إلى إجراء حاسم، شبيه بالعملية الجراحية، التي قد تحمل قدراً من الألم، إلا أن فيها سلامة وصحة الجسد، والجسد هنا هو المجتمع، الذي يرى انعكاسات البطالة على كثير من قضاياه وقطاعاته، خاصة القطاعات الأمنية التي تتحمل تقصير بعض الجهات التي أنيط بها معالجة هذه القضية.
المرسوم الملكي الذي صدر بتشكيل لجنة عليا من صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وعدد من الوزراء لدراسة هذا الموضوع بشكل عاجل، ووضع حلول عملية وسريعة مناسبة للقطاعين الحكومي والخاص، يعد بداية الطريق الصحيح لمعالجة هذه القضية، خاصة أن كل تأخير في معالجتها سيضاعف من تأزمها وصعوبة حلها.
كما أن المرسوم الذي تضمن توظيف جزء من موارد صندوق تنمية الموارد البشرية المالية لإقرار إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل لفترة مبدئية لا تتجاوز عاما واحدا يتم خلالها دراسة نطاق نظام التأمينات الاجتماعية بهدف إحلال العمالة الوطنية بدلا من الوافدة ومما يمكن مؤسسة التأمينات الاجتماعية من وضع برنامج للتأمين التعاوني للمواطنين العاطلين عن العمل، دليل على أن المسؤولين على متابعة مباشرة لما تحققه الأجهزة التي أنيط بها معالجة مشكلة البطالة من نجاح أو إخفاق.
علاج قضية البطالة في بلد لديه من الخيرات الشيء الكثير، ويحتضن ملايين الوافدين، ولديه قطاع خاص كبير وقادر على الإسهام في معالجة هذه القضية، أمر يسير، بشرط توفر النية الصادقة من قبل القطاع الخاص، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الخاصة التي بلغت لدى البعض من الجشع محاربة أية جهود لتوطين الوظائف، بحثاً عن الأرخص، في ظل سوق استقدام مفتوح على مصراعيه، دون قيود تحد من إغراق البلد بعمالة متدنية التأهيل.
لقد راهن خادم الحرمين الشريفين على التعليم، ووضعه في مقدمة اهتماماته، فرعى افتتاح عشرات الجامعات والكليات، واستحدث برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وهذه الرعاية الكريمة للتعليم، لن تحقق النتائج المرجوة منها ما لم يكن هناك برنامج آخر، طموح وفعال، وبيده قرار، لتوطين الوظائف وتوفير فرص العمل للخريجين، ولعل أفضل وسيلة لذلك هو قيام برنامج مواز اسمه ''برنامج خادم الحرمين الشريفين للتوظيف'' يكون مختصا بمعالجة عوائق التوظيف في القطاعين الحكومي والخاص، ويكون من ضمن مهماته، ربط الاستقدام بما يتحقق من نجاح في تطبيق خطط توظيف المواطنين، ويناط هذا البرنامج بجهة قادرة على تطبيق هذا البرنامج، وإلزام جميع القطاعات بما تصدره من قرارات.