مشاهير بلاط السلطة!
استفزني كثيرا ما عرضته قنوات التلفزة المصرية الرسمية، أثناء سعيها لتحشيد أصوات مؤثرة في ضمير الشارع، ومنها استضافتهم لعشرات الأسماء من مشاهير السينما والتلفزيون والموسيقى وغيرهم .. في محاولة أخيرة لتأييد نظام لم يتماش مع إرادة المرحلة وتكوين قوتها الأكبر! ربما تذكرون مقال الأسبوع الماضي، قبل تنحي مبارك عن الرئاسة، ويقيني باختلاف المطلب وجدّيته بسبب الشباب!
المهم! استضافت القنوات المصرية مشاهير “نظاميين” قال بعضهم وبعضهن:
** “أنا شخصياً، وده رأيي يا جماعة، مفيش مشكلة لو حد (ولّع) في اللي موجودين في ميدان التحرير..! يتحرقوا كذا.. مفيش مشكلة.. عشان نخلص”.
** مشهور آخر قال: “اللي قايمين بالمظاهرات دي.. شوية عيال! يعني عيّل من دول أمه تبعتوا يجيب رغيف عيش وتقول له: الحاجة غليت قوي يا ابني!! فيتحمق عشان أمه.. ويتبنّى ثقافة الغضب من الحكومة! ودي اسمها ثقافة أمّه”.
حاول كاتب مشهور أن يحتوي فداحة الإساءة للشعب فقال: “معلش يا أستاذ فلان.. بس مش لازم نهزأ، حضرتك، من مشاكل الناس، أنا فاهم قصدك... بس فيه ناس في البلد بتفتش في صفايح الزبالة عن الأكل..!”.
** قاطعه نجم الكوميديا الشهير وقال: “وأنت “بأى” عايز (أمني) يتهدد من ناس بتفتش في صفايح الزبالة؟؟!”.
السادة والسيدات قراء هذه الزاوية، هذا أيسر ما استطعت أن أنقله لكم من لغة مشاهير بلاط السلطان! أولئك الذين يدفع السائح العربي عموما، والخليجي تحديدا، مليارات الدولارات لمشاهدة عروضهم المسرحية والسينمائية.. ولكي يحظى بشرف التصوير معهم بـ 200 جنيه مصري.. لكل فلاش.. فقط لا غير!!
شخصيا، أنا مدرك لحجم الذعر الذي يعيشه هؤلاء، فمن حياة الفقر إلى فحش الثراء .. ومن التهميش إلى التجييش .. ومن المهانة إلى الإعزاز .. ومن النسيان على قارعة طريق اللاوجود إلى التمكين من مصافحة ومسامرة السلطان .. هناك فروق! ولكن هل نحن مطالبون بتفهم “عربدة” فهمهم لأوجاع من صنعوهم؟! هل يكفي أن يذبح هؤلاء “عِجل” عند تصوير كل فيلم وتوزيع شيء من لحمه عـ “الغلابا” لكي نوقن أنهم يفهمون حاجة أبناء شعبهم؟! هل نعذرهم في تقاضي ملايين عشرة من الجنيهات عن كل “تهريجة” و”أرجزة” بضمان حبهم في قلب مكافح يقتطع من قوت أولاده ليشتري تذكرة “سيما” بـ 30 جنيهاً من إجمالي راتب شهري لا يتجاوز الـ 300 جنيه فقط؟!
هؤلاء هم مشاهير السلاطين.. في مصر.. وفي كل مكان.. وهذا هو فهمهم لنا!
ولكي نحسن التصوّر.. معاً! قارنوهم بشهير آخر تم تقريبه.. ثم ما لبث أن ابتعد!! أحد أجمل الأصوات الغنائية العربية منذ عقود.. الفنان المصري الكبير محمد ثروت، والذي أنفق جل ثروته على إنشاء دار لاحتواء الأيتام والمعوزين! علماً أنني عندما أقول “ثروته”.. فإنني أقصد تلك التي لا تعادل عُشر ثروة هؤلاء من سائل وأصل! فقد غنى الرجل في زمن اللافيديو ــ كليب.. واللا ــ طوني.. واللا ــ أبشر!! واعتزل.. قبل أن يرضى تأصيل التهمة بكونه “بلديّات الريّس” و”مطرب الحكومة” و”منشد البلاط”!!
مدّاح السلطان.. أسيره! لا لشيء.. إلاّ لخوفه من ذاته! فهو أعلم الناس بمكانة نفسه وماهيّتها دون تصفيق ومديح و”تزكية”... وصفع السلطان لصدغيه، في أحيان، تعبير عن الرضى السلطاني “الحشيد”!