النوعية على حساب الكم!

ما زالت بعض البلدان في العالم مسكونة بالحديث عن إنجازات لا وجود فعليا لها، وإنجازات لا تسمعها أو تشاهدها إلا على صفحات الجرايد لا أكثر.
المجال الطبي في المملكة تجاوز ــ ولله الحمد ــ مرحلة تشكيك البعض, فالبحوث والإنجازات الطبية السعودية تنشر أولا على صفحات كبريات المجلات العلمية البحثية المتخصصة في العالم، ثم تبدأ الصحف في تناولها سواء كمادة خبرية أو تحليل الأبعاد والفوائد التي يمكن أن تسهم به مثل هذه النجاحات الطبية في خدمة المواطن والوطن.
لم تأت هذه الثقة بالمنجزات الطبية السعودية من فراغ أو مصادفة أو مجاملة من كبار الصروح العلمية في العالم إطلاقا، إنما هي ثمرة لعمل طويل, مرورا بالتدريب حتى التخصص والممارسة الفعلية بكل اقتدار ونجاح، هذه الثقة هي نتيجة الشعور بالمسؤولية التي حملتها الكثير من الأسماء الطبية السعودية على عاتقها أثناء إقامتها الطويلة في أمريكا والدول الأوروبية للدراسة والممارسة، وهي تمثلت في جدية العمل ونجاحات هي مثار إعجاب حتى اليوم.
ولو أن المجال يتسع لذكرت أسماء سعودية عادت من كندا منذ سنوات أسماؤهم حتى اليوم يتم ترديدها في تلك الصروح والمحافل في كندا وغيرها بكل إعجاب وتقدير للمساتهم وجديتهم وإبداعهم الطبي.
شهادتي في الطبيب السعودي مجروحة بكل تأكيد، لكنني أحاول أن أنقل جوانب من الثقة التي يجدها الطبيب السعودي خارجيا, والتي نلمسها ــ ولله الحمد ـــ أيضا في بلادنا الحبيبة من المرضى عندما يكونون بين أيدينا, خاصة كبار السن من آبائنا وهم يشكون لنا معاناتهم كما يشكو الأب لابنه في حميمية ودفء قل مثيلها. هذه الثقة العظيمة لم تأت من فراغ أو مصادفة بقدر ما هي سنوات من الدراسة والتدريب والعمل، وهي لذة من السعادة لا يمكن وصفها ولا يعرف حجمها إلا كل من تذوق طعم الإنجاز ونعمة مساعدة الآخرين في صمت وحبور.
وهي أيضا علامة ودلالة على أننا في الطريق الصحيح بحول الله وقوته.
والمطلوب في هذه المرحلة أن يستمر الاهتمام بالنوعية والجودة، وألا نغفل عن هذا الجانب أمام متطلبات القطاع الصحي بمزيد من المقدرات البشرية الوطنية، ومحاولة ملء الوظائف الطبية، سواء على المستوى الطبي أو الكادر المساعد من التمريض وغيره بفئات غير مؤهلة بشكل ممتاز ومهني، فالكم سيتحقق عاجلا أو آجلا لكن المهم ألا يؤثر هذا الهدف في مسيرتنا والإنجازات وفي السمعة الطبية للمملكة في العالم, التي لم تتحقق في يوم وليلة، إنما كانت نتائج تراكمات عديدة من الإنجازات وسنوات من العمل لمبدعين صنعوا هذه المكانة لهذا الوطن العزيز.

الزمالة الكندية في الجراحة العامة، أستاذ مساعد واستشاري جراحة القولون والمستقيم. كلية الطب جامعة الملك سعود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي