مؤسساتنا التعليمية وتنمية وتطوير مواردنا البشرية
''كل ما عليك عمله لتعلم طفلك هو أن تعلمه القراءة وتتركه، أي شيء غير ذلك فهو غسيل مخ''..!!!
"إيلين جيلكرست"
تبادر إلى ذهني وأنا أتمعن في مقولة الكاتبة مداخلة شاب في نهاية العشرينيات من عمره في أحد ملتقيات الحوار الوطني عن التعليم والتدريب، وبنبرة حزينة توحي بفقدان الأمل فطر لها قلبي، قال لقد أمضيت 18 عاماً في حياتي في التعليم ولم أتعلم أو أتذكر شيئا، أو أستطيع القيام بأي شيء غير القراءة والكتابة باللغة العربية.
وأضيف للشاب: أنك أيضاً لا تملك مهارة التعبير أو حتى القدرة على كتابة خطاب أو رسالة صحيحة لغوياً باللغة العربية التي تعلمتها.
نعم أيها الشاب فشلنا في تعليمك وتأهيلك وعلى مدار ١٨ عاماً أمضيتها داخل الفصول الدراسية من عمل شاق وجهد وهدر وسلب لطاقاتك وقدراتك ولعقلك وذكائك الفطري.
نعم أيها الشاب أمضيت ١٨ عاماً تتعلم على الفشل وتتدرب على مهارات الاكتئاب والضغوط والعقد النفسية المركبة بأنواعها؛ أهمها فقدانك ثقتك بنفسك وبقدرتك وإمكاناتك.
وبمهارة فائقة فصلناك عن عالمك الذاتي الداخلي وأوهمناك على مدى السنين بأنك لا تستطيع حتى التفكير وأخذ قرار في أبسط أمور حياتنا بمفردك، وأننا نعرفك ونعرف عالمك الذاتي الداخلي أكثر مما تعرفه عن نفسك، وأنك خلقت لتتبع وتنفذ التعليمات.
١٨ سنة داخل صنادق الفصول المغلقة والخرائط والحدود والخطوط التي طوقت وتعمقت داخل عقلك ودفنت القدرات والمهارات والخيال والحماس والرغبة للاكتشاف والتعليم الذاتي والجرأة والإقدام والتصميم واقتحام المخاطر وسرعة البديهة والملاحظة والاستنباط التي ولدت بها.
نعم فشلت ليس فقط بحرماننا لك من أن تتعلم وتمارس وتقوم بما تحبه وترغب، ولكن أيضاً جعلناك تفشل فيما علمناك ووجهنا تفكيرك ودربناك على ما يجب القيام به لتنجح على مدى كل هذه السنين, فشلت أيضاً في الحصول على الوعود ألتي تلقيتها منا بأن تدرس وتجتهد لتحصل على أعلى الدرجات كي تستطيع أن تلتحق بالجامعة لتحصل على وظيفة مرموقة كي تعيش!!!! وصدمت بعد التخرج بأنك أصبحت بلا عمل، واتهمناك بأنك السبب وراء فشلك وأدئك المتدني وأنك لا تستطيع القيام بأبسط المهن التي تحتاج إلى مهارات مهنية سلوكية وفنية بسيطة يتأهل لها أي خريج ثانوية عامة في أي دولة في العالم. نعتذر منك يا ابن الوطن أنه بعد كل ذلك حرمناك أيضاً فرصة إعادة بناء وتنمية مهاراتك وقدراتك الشخصية والحياتية والمهنية بنفسك بعزلك تماماً من المشاركة الفعلية في بناء وتطوير مجتمعك، وبدلاً من ذلك لجأنا لسياسة إعادة الترميم العشوائي والمنفصل عن الواقع يديرها خبراء ومتخصيون مستقدمون أقل منك كفاءة وقدرة، التي هي بنفسها موارد فاشلة وغير قادرة في تنمية وتطوير أوطانها ولكنها تتفوق عليك بمهارة التسويق الذاتي وانعدام المصدقية والأمانة العلمية والمهنية، هدفها الكسب المادي السريع بأي وسيلة كانت، وهذه الكفاءات التي نرغبها والناجحة لدينا والتي احتلت أغلبية المراكز القيادية لأننا أرض خصبة وفرصة عظيمة للفاشلين والعاطلين من جميع أنحاء العالم. وأنهي مشاركتي هذه وكلي أمل بالتطبيق الفعلي لتوجيهات وسياسة قيادتنا الرشيدة متمثلة في خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ بتمكين المواطن وتأهيله والرفع من كفاءته وإعطائه فرصة المشاركة في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات لتحقيق التنمية والازدهار للوطن والمواطن.