بعد الإرهاب .. المواجهة الآن مع المخدرات

■ سمو الأمير نايف بن عبد العزيز، قبل أيام، وجّه لنا رسالة مهمة، أو بالأحرى هو يضعنا أمام واجب وطني مقدس: إنه الحرب على المخدرات.
الأمير نايف وضع مواجهة المخدرات في مستوى مواجهة الإرهاب أو أكثر، وهذه أولوية وطنية تستدعي تعبئة الجهود, كما فعلنا وما زلنا نفعل لمواجهة الإرهاب، فالدولة والمجتمع يقفان على خط واحد لمواجهة الإرهاب، وقد نجحت جهود الدولة لأن المجتمع هو الذي قاد المواجهة، فقد كانت الأسرة هي الرقيب الأول على أبنائها، كما تحرك المدرسون والمرشدون الاجتماعيون وخطباء المساجد, وكل المؤثرين في الرأي العام كان لهم دورهم في مواجهة الإرهاب.
الآن, نريد أن ننقل المواجهة لمحاربة المخدرات، والمهمة التي حددها الأمير نايف تتطلب تفعيل الخطة الوطنية التي تضعها الدولة لمكافحة المخدرات.
إننا نريد أن يتحول الهم الاجتماعي إلى مواجهة المخدرات، نريد الحديث عن خطر المخدرات على مجتمعنا يكون حديث الأسرة في المساء، وحوار المدرسين مع الطلاب وموضوع الجمعة للخطباء.. نريده قضية جميع مؤسسات الأمن الوطني، ومراكز الأبحاث، نريد الوزارات والهيئات الحكومية التي تتعامل مع الشباب أن تجلس وتخرج بخطط ومشاريع وبرامج (تنفذ) على أرض الواقع.
عندما ضرب الإرهاب كانت المواجهة شاملة، وكانت هناك أفكار لمشاريع مهمة جدا لاستيعاب الشباب وإبعادهم عن خطر الفراغ واصطياد عصابات الإجرام وجماعات الإرهاب.. ويومئذ اجتمعت اللجان لدراسة المشاريع، مثل مراكز الأحياء، وتطوير الأندية الرياضية لتفعيل الأنشطة الاجتماعية والثقافية، وإنشاء الجمعيات الخيرية الموجهة للشباب.. ولكن لم نر المشاريع، لقد (سمعنا جعجعة ولم نر طحنا!).
شيء مؤسف بحق مجتمعنا وبحق شبابنا ألّا تعي أو تستوعب الأجهزة الحكومية التنفيذية والتشريعية والرقابية خطورة تجاهل مشاريع الشباب التي تستهدف (التربية الوطنية) الحضارية والتي تزرع في الشباب المسؤولية تجاه الذات والأسرة والمجتمع والدولة.
لقد خرجت بعض المشاريع للنور مثل برنامج التدريب المهني العسكري الذي كان نقلة مهمة للتعاون بين مؤسسات التدريب والتأهيل والمؤسسات العسكرية، وكان مشروعا رائدا مهنيا وتربويا، ورائدا في استثمار البنية الأساسية للمؤسسات العسكرية، ولكن هذا المشروع ليس له ذكر الآن، فهل نعيد مثل هذه المشاريع النوعية؟
مواجهتنا مع المخدرات أمامها تحديات كبيرة، فارتفاع دخلنا الوطني يجعلنا مطمع عصابات المخدرات في العالم، فالقوة الشرائية متوافرة، وعدد الشباب وصغار السن كبير، أي أننا سوق ثرية بالفرص لعصابات المخدرات. كما أن حدودنا الكبيرة وكثرة حركة السفر، وارتفاع حجم التبادل التجاري، كل هذه تعطي الظروف المناسبة لعمليات التهريب ومن ثم الترويج.
من حسن حظنا أن وزارة الداخلية أطلقت منذ خمس سنوات مشروعا كبيرا لمكافحة المخدرات، وتبني الآن طوقا أمنيا معلوماتيا دوليا حول المملكة، وطوّرت آليات وأدوات الرصد والمتابعة، وانخرطت بقوة في الجهد الدولي المنظم لمكافحة المخدرات، وحققت إنجازات كبيرة لضرب شبكات التهريب والترويج, وقدمت فداء للوطن (عشرات الشهداء) الذين قضوا في المواجهات مع العصابات.
هذه الجهود والتضحيات هي خط الدفاع الأول وهي مسؤولية وزارة الداخلية، ويبقى علينا جميعا الجهاد الأكبر ضد المخدرات، علينا جهود التوعية والمراقبة والتخطيط الاجتماعي والاقتصادي الذي يستهدف احتواء الشباب وإبعادهم عن سوق المخدرات وعصاباتها.
علينا مراجعة ظروف حياتنا الاجتماعية، بالذات (السهر)، لماذا يسهر الشباب إلى بعد منتصف الليل في الأسواق والاستراحات (والقهاوي) أيام الدراسة، أين الآباء والأمهات من هذه الظاهرة الخطيرة، وأيضا أين مؤسسات الدولة؟
ليت فينا من يستشعر المسؤولية الوطنية، ويجلس لحظة هدوء مع النفس وصفاء مع العقل ليطرح هذا السؤال البسيط الكبير: لماذا يسهر الشباب إلى بعد منتصف الليل، ما هي الأسباب، ما هي الدوافع، ما هي الظروف التي قادت إلى ذلك؟
إذا نحن نهمل الشباب.. علينا أن نتوقع أن تدهمنا المشكلات الكبرى!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي