القادة العرب: رؤيتنا الجديدة للعمل العربي المشترك هي التكامل الاقتصادي
اتفق الزعماء العرب ورؤساء الوفود العربية المشاركة في القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، التي اختتمت أعمالها أمس في شرم الشيخ، على أن العمل الاقتصادي بات في المرحلة الراهنة من عمر العمل العربي المشترك يحظى بأولوية تتفوق على العمل السياسي، وأن إشراك القطاع الخاص ومؤسسات التمويل العربية في تنفيذ البرامج والأفكار التي تطرحها القمم الاقتصادية هي السبيل الوحيد لتحقيق النتائج المرجوة اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا في العالم العربي.
وبيّن القادة، أن الرؤية الجديدة للعمل العربي المشترك والتي تمثلت في الابتعاد عن نقاط الاختلاف في القضايا السياسية والتركيز على الفرص والتحديات والمتغيرات الاقتصادية في العالم العربي؛ مما يسهم في إنجاح مقاصد وأهداف القمم الاقتصادية العربية.
ونادى الزعماء العرب بتكثيف العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية، ومنها الأمنان الغذائي والمائي، إضافة إلى مكافحة الفقر والبطالة من خلال تكامل الجهود التنموية المشتركة بين الدول العربية ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة عبر ربط النقل البري والبحري والسككي والربط الكهربائي ،وإقامة شبكات لنقل النفط والغاز بين الدول العربية.
حسنى مبارك: منح القطاع الخاص دور الريادة والتركيز على الشباب
أكد الرئيس حسني مبارك، أن الشباب العربي هم أغلى ما تمتلكه الدول العربية، موضحا بقوله: "إن الشباب العربي هم أغلى ما نمتلكه من ثروات وموارد؛ فهم يمثلون أكثر من 25 في المائة من سكاننا بفكرهم وسواعدهم نصنع مستقبل أمتنا، ونضع علاماته ونبني قواعده".
وأضاف مبارك، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية: "إننا نتطلع إلى إتاحة فرص العمل وتطوير التعليم والبحث العلمي على طريق النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية الشاملة وهدفا رئيسا لسعينا لتعزيز الاستثمارات فيما بيننا".
وأبدى الرئيس المصري ثقته فيما يمتلكه أكثر من 300 مليون عربى من طاقات وإمكانات وموارد، وما يمتلكه الجميع، سواء كان شعوبا أو قادة أو زعماء من الإرادة والعزم والتصميم.
وحول القطاع الخاص، أشار مبارك إلى أنه "لا سبيل أمامنا سوى تشجيع القطاع الخاص ومنحه دورا رئيسيا فى تنفيذ هذه المشروعات فى إطار شراكة فاعلة لا غنى عنها مع الدول والحكومات تُغطي كافة مجالات التنمية، وتصل بها لآفاق أرحب وتعطي جهودها زخما جديدا واستثمارات جديدة".
ولفت إلى أن العالم العربي في حاجة إلى تحقيق أولويات الأمن الغذائي، ومواجهة تداعيات تغير المناخ، وأضاف: "نتطلع لتعزيز التعاون فى مجالات الطاقة التقليدية ومصادرها الجديدة والمتجددة، بما في ذلك الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، أمامنا استكمال البنية الأساسية الإقليمية ومشروعات الربط البري والكهربائي وخط الغاز العربي، وشبكات المعلومات والاتصالات، نسعى للمزيد من تعزيز الاستثمارات والتجارة البينية، ولتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية، ونتطلع للارتقاء بها إلى اتحاد جمركي عربي منتصف العقد الحالي، ولنصل معا فى نهايته إلى السوق العربية المشتركة".
صباح الصباح: علينا الاستفادة من خروج العالم من أزمته المالية
من ناحيته، قال الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت: "إن قمة الكويت السابقة وضعت اللبنة الأولى لتعاون اقتصادي تنموي فعال بما صدر عنها من قرارات جادة لامست الواقع وعملت على تهيئة الظروف لمناخ اقتصادي تنموي اجتماعي أفضل".
وأضاف: "لقد تقدمنا بمبادرة خلال تلك القمة تعمل على توفير موارد مالية لتمويل ودعم مشاريع القطاع الخاص والأعمال الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي عبر الصندوق الذي أنشئ لهذا الغرض برأسمال قدره مليارا دولار، وقد كان لمساهمتكم السخية والتي كان لها الدور الفاعل في بلورة هذه المبادرة وانطلاقها؛ إذ تم اتخاذ الخطوات العملية والإجرائية لتنفيذ هذا المشروع العربي الطموح من خلال تكليف الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لوضع اللائحة التنفيذية لإطلاق الحساب الخاص بهذه المبادرة، حيث تم إقرارها خلال الاجتماع الأول لوزراء مالية الدول العربية المساهمة فيها خلال انعقاده في دولة الكويت".
وبيّن أمير الكويت، أن خروج هذا الصندوق إلى الواقع واعتماد لائحته التنفيذية يعد دليلا على الإرادة القوية في دعم العمل العربي المشترك، كما أنه يجسد حرص القادة العرب على تمكين القطاع الخاص والأعمال الصغيرة والمتوسطة من القيام بالدور المطلوب في منظومة العمل التنموي على مستوى عالمنا العربي والإسهام في خلق فرص عمل جديدة للشباب العربي القادم إلى سوق العمل بما يحقق تطلعاتهم وآمالهم المشروعة في العيش الكريم.
وزاد: "يأتي اجتماعنا اليوم ليؤكد تمسكنا بالفلسفة التي انطلقت وفق رؤانا الجديدة في عملنا العربي المشترك، والتي تمثلت في الابتعاد عن نقاط الاختلاف في قضايانا السياسية والتركيز على الفرص والتحديات والمتغيرات الاقتصادية في عالمنا العربي؛ مما يسهم في إنجاح مقاصد وأهداف قمتنا الاقتصادية الأولى وتكريس فكر ونهج جديد للتعاون العربي يسعى لتطوير آليات عملنا التنموي المشترك لتعود بالنفع في المقام الأول على الإنسان العربي، وتوفر له فرص العمل المنتج والحياة الكريمة وتضع إقليمنا العربي في مكانة متقدمة على المستوى العالمي".
وأوضح أمير الكويت، أن الاقتصاد العالمي بدأ يتعافى من أزمة غير مسبوقة تاريخيا في حجمها وشموليتها ووقعها، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل بإمكانية استغلال هذه الأجواء الإيجابية للعمل على الاستفادة من ذلك التعافي النسبي في تحقيق ما يصبو إليه العرب من نمو اقتصادي، وإيجاد السبل الكفيلة في التخلص من الآثار السلبية لتلك الأزمة واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب أية اهتزازات مستقبلية والإسهام في الجهود الدولية لصياغة نظام عالمي اقتصادي قائم على أسس راسخة توفر الضمان والاطمئنان لمساعي المجتمع الدولي في تحقيق معدلات النمو المطلوبة في اقتصاديات العالم.
وتابع يقول: "كما تنعقد هذه القمة الثانية بعد مضي عامين على قمتنا الأولى، شهد خلالها العالم ظروفا مناخية صعبة تسببت في العديد من الفياضانات وحالات الجفاف والزلازل والأعاصير، وكانت لها آثار سلبية بالغة تمثلت في النقص الحاد في إنتاج المحاصيل الزراعية، وارتفاع حاد في أسعارها عانت معها الفئات محدودة الدخل؛ الأمر الذي يشكل تحديا إضافيا يعزز من قناعتنا بحتمية انعقاد قمم تنموية واقتصادية واجتماعية يمكن معها تطوير آليات عملنا واتخاذ القرارات المطلوبة في الوقت الملائم؛ لمواجهة تلك التحديات والأزمات".
البنك الدولي: سندعم التوجهات العربية نحو التنمية الاقتصادية
من ناحيته، أكد محمود محيي الدين، ممثل البنك الدولي، أن مبادرة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بإنشاء صندوق لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة سيكون لها أثر إجابي في حل مشكلة البطالة؛ لما ستتيحه من فرص عمل لقطاع الشباب.
وقال محيي الدين، في كلمة ألقاها أمام القادة العرب في افتتاح قمة شرم الشيخ أمس: "إن تطلعات الشعوب العربية كبيرة وهي تنتظر من هذه القمة قرارات إيجابية تساعدها في حل مشاكل الفقر والبطالة وتحسين المستوى المعيشي في مختلف الدول العربية".
وأوضح، أن هناك عددا من التحديات التي تواجه المنطقة بشكل عام، التي من أهمها مشكلة التغيير المناخي والتصحر وتنويع مصادر الطاقة، مشيرا إلى أن برنامج هذه القمة ضم الكثير من الملفات التي تدعو الى التفاؤل.
وأكد محيي الدين، أن تعاون الدول العربية مع البنك الدولي في تطور مستمر؛ وهو ما يجعل البنك يمد يد التعاون على الدوام للدول العربية للمساهمة في تحقيق أهدافها وتطلعاتها التنموية الاقتصادية منها والاجتماعية.
وأشار إلى أن الدول العربية حققت على مدى السنوات الماضية تقدما في عدد من الملفات المهمة التي تتعلق بمجالات التعليم والصحة وقطاع المرأة وغيرها من المجالات الأخرى، معربا عن أمله بأن تحقق هذه القمة تطلعات الشعوب العربية.
وبيّن محيي الدين، أن الوطن العربي يزخر بالعديد من الإمكانات من ثروات طبيعية ورؤوس أموال وأيدٍ عاملة متخصصة وموقع استراتيجي مناسب يمكنها من القيام بعملية التنمية الشاملة في مختلف الأقطار العربية، موضحا أن هذه الإمكانات من الأمور المشجعة للغاية لإنجاز الملفات التنموية والاقتصادية.
الأمم المتحدة: المنطقة العربية زاخرة بالموارد البشرية والثروات الطبيعية
إلى ذلك، أشادت هيلين كلارك، مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بما حققته الدول العربية في مجال التنمية المستدامة بهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الدول العربية.
وقالت كلارك، في كلمة ألقتها أمام القادة العرب في قمة شرم الشيخ: "إن الدول العربية قطعت مراحل جيدة في مجال المساواة بين الجنسين وإتاحة مزيد من فرص التعليم، ولا سيما للمرأة".
وأضافت: "إن هناك عددا من التحديات التي تواجه شعوب المنطقة العربية، من أهمها مشاكل الفقر والبطالة، ولا سيما في الدول غير المنتجة للنفط"، داعية الحكومات العربية إلى بذل المزيد من الجهد لحل هذه المشاكل، التي من شأنها عرقلة التماسك الاجتماعي بين شعوب المنطقة.
وأفادت كلارك بأن مشكلة تغير المناخ وتناقص الموارد المائية تلقي بظلالها على المنطقة بشكل عام، وهي من المشاكل التي ينبغي أن تكون حاضرة في اجتماع هذه القمة؛ لأهميتها وخطورتها على التنمية السكانية.
ونوهت بدعم العديد من الدول العربية للمبادرات الإنمائية والإنسانية في المنطقة العربية ومناطق أخرى، معربة عن أمنياتها بأن يتواصل هذا الدعم بما يعود خيره على شعوب المنطقة بشكل عام.
وقالت كلارك: "إن المنطقة العربية زاخرة بالموارد البشرية والثروات الطبيعية، التي يمكن من خلالها تحقيق نهضة تنموية شاملة"، مشددة على أهمية توفير فرص العمل للشباب، ولا سيما المتخصصين منهم".
كما أكدت استعداد الأمم المتحدة لدعم الحكومات العربية وشركائها، بما في ذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص في السعي لتحقيق الأهداف المشتركة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.
الجامعة العربية: صندوق المشروعات الصغيرة جمع 1.4 مليار دولار
الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، من ناحيته، أكد أن الصندوق العربي لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تلقى 60 في المائة من موارده التي تبلغ ملياري دولار، موضحا أن ليبيا أسهمت بمبلغ 100 مليون دولار في موازنة الصندوق الذي دخل حيز التنفيذ.
وأكد موسى، في كلمته التي ألقاها في افتتاح القمة الاقتصادية، المنحى الجديد للعمل العربي المشترك الذي أعطى العمل العربي التنموي بعدا جديدا بعد انشغاله بالعمل السياسي لسنوات طويلة، موضحا أن مفهوم الأمن القومي العربي تطور ليشمل الأمن الغذائي والمائي والبيئي، وأمن الفرد في الحياة والحرية والتنمية والعيش بلا خوف.
كما أكد، أن تنفيذ قرارات القمم العربية ودورات انعقادها يعطي إشارة تفاؤل في هذا الجو المضطرب وحالة التشاؤم التي تسود المنطقة العربية.
وبيّن موسى، أن هناك تنفيذا للقرارات، محذرا من "النظر إلى سياسة نصف الكوب الفارغ الذي يطحن شريحة كبيرة من المواطنين العرب"؛ ولهذا جاءت مبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لتعبر خير تعبير عن العمل العربي المشترك لمحاربة الفقر والبطالة".
ورحب بمبادرة البنك الدولي مع العالم العربي التي تغطي ثلاثة مجالات، هي دعم البنية الأساسية وخلق فرص عمل للشباب من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتنمية البشرية وربط مخرجات التعليم بسوق العمل.
وأكد موسى، أن ما يحدث في تونس من ثورة لا يختلف عن اهتمامات القمة العربية الاقتصادية من مكافحة الفقر والبطالة، و"هذا ليس بعيدا عن ما يدور في الأذهان بأن النفس العربية منكسرة بسبب مشكلتي الفقر والبطالة وغيرهما"، وكذلك المشاكل السياسية التي لم تستطع حلها القوى الكبرى، بل أسهمت في تعقيدها، مؤكدا أهمية تحقيق نجاح حقيقي يلمسه المواطن العربي على صعيد العمل التنموي.
رئيس وزراء سورية: التجارة البينية العربية لا تتجاوز 12 %
المهندس محمد ناجي عطري، رئيس مجلس الوزراء في كلمة سورية، أكد أن القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الثانية تشكل منبرا مهما لتفعيل وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي واستكشاف سبل تعميق آفاقه والوصول به إلى أعلى المستويات بما يعود بفوائد أكبر على الشعب العربي ويخدم مسيرة التنمية المستدامة في الدول العربية.
وقال المهندس عطري: "إن عقد القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الثانية في هذه المرحلة، التي تواجه دول العالم تحديات اقتصادية وأزمات مالية حادة يؤكد عزم دولنا على العمل معا؛ للتخفيف من تأثير التداعيات الاقتصادية والمالية فيها وتجنب آثار التدخل الخارجي في شؤوننا الاقتصادية ومحاولة البعض فرض إجراءات تتناقض وعملية التنمية الشاملة التي تسعى بلداننا إلى تحقيقها".
وبيّن عطري، أن الأزمة المالية العالمية قد أرخت بتداعياتها على البلدان العربية، وإن كانت هذه التداعيات تختلف من بلد إلى آخر ومن قطاع إلى آخر، وأدت إلى ضياع جزء كبير من الأموال العربية المستثمرة أو المودعة في الخارج والتي كان من الأجدى والأكثر أمانا توظيفها في مشاريع استثمارية عربية تستهدف عمليات الإصلاح الزراعي والتحديث الصناعي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتمويل الدراسات والبحوث العلمية وغيرها من المشاريع التي تصب في خدمة عملية التنمية السكانية التي تشكل نقطة البداية والنهاية في آن واحد لأهداف عملية التنمية الاقتصادية.
وأشار المهندس عطري إلى ضرورة ترجمة الإمكانات العربية من ثروات طبيعية وبشرية كبيرة عبر مدخل تكاملي يحقق مصلحة أكبر للدول العربية بشكل فعلي، موضحا أن التجارة البينية العربية لا تتجاوز أكثر من 12 في المائة من إجمالي التجارة العربية، على الرغم من اكتمال تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى منذ عام 2005، وأن أرقام الاستثمار العربية لا تزال تظهر ضعف جاذبية الدول العربية للاستثمارات قياسا بدول العالم الأخرى، حيث تقصد الأموال العربية دولا بعيدة في ظل استقطاب الدول العربية فقط 25 في المائة من التدفقات المالية العربية الخارجية، مبينا أن الدول العربية تحتاج في سعيها لتحقيق التكامل الاقتصادي، إلى تبني استراتيجية اقتصادية تقوم على تحديد القطاعات التي تتمتع فيها كل دولة بميزات تنافسية وتنسيق السياسات الاقتصادية العربية في المحافل الإقليمية والدولية.
جلال طالباني: التكافؤ والمنفعة المتبادلة سبيل التكامل
من جهته، دعا الرئيس العراقي جلال طالباني إلى تعزيز أواصر التعاون والتنسيق بين الدول العربية في مختلف الميادين؛ لتحقيق الاستقرار والرفاهية للشعوب والأمن والسلام في المنطقة والعالم.
وأعرب طالباني عن استعداد العراق للمساهمة بكل نشاط في العمل التكاملي، مشيرا إلى أن انطلاق حكومة الشراكة الوطنية العراقية سيعجل عمليات الإعمار والتنمية في العراق التي عانت طوال عقود من الاستبداد السياسي والاقتصادي ومما جرى من الحروب والحصار والإرهاب وعدم الاستقرار.
وأضاف طالباني: "إن من شأن التكامل الاقتصادي العربي القائم على أسس التكافؤ والمنفعة المتبادلة أن يوفر الإثراء المتبادل لاقتصاديات بلادنا، ويتيح لها الاندماج في الاقتصاد العالمي مع مراعاة الخصوصيات التاريخية والدينية والقومية لمنطقتنا".
ودعا طالباني إلى وضع التنمية والتكامل الاقتصادي هدفا لتحقيق خير الإنسان ورفاهيته واطمئنانه، وذلك بتوفير فرص العمل والتكافؤ في الحصول على الوظائف وتقاضي أجور عادلة وتقليص التباين الاجتماعي.
وأشار طالباني إلى أن العراق يدعم مشاريع الربط الكهربائي العربي ووضعها موضع التنفيذ دون عوائق، عبر تعديل ومواءمة واستحداث التشريعات الوطنية ودعوة القطاع الخاص إلى الاشتراك في هذه المشاريع من أجل إنشاء سوق عربية للطاقة الكهربائية.
وقال الرئيس العراقي: "إن العراق سيكون رافدا أساسيا يمد خط المشرق العربي بالغاز الجاف ليسهم في توفير هذه الطاقة المهمة"، لافتا إلى أنه يعمل لتشغيل شبكة السكك الحديثة وتشييدها لربط مشروع خط سكك الحديد لدول الخليج بسورية وتركيا ومنها إلى أوروبا، وبذلك نوفر ممرات أكثر لنقل البضائع من دول الخليج إلى أوروبا وبالعكس.
وأعرب طالباني عن تأييد بلاده للبرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي ومطالبتها المؤسسات والصناديق الإنمائية العربية والإقليمية والدولية بالمساهمة في توفير ما يلزم من متطلبات مالية، مشيرا إلى ضرورة استكمال إقامة الاتحاد الجمركي العربي والعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك؛ تمهيدا للوصول إلى السوق العربية المشتركة المنشودة.
وطالب الرئيس العراقي بوضع استراتيجية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة.
وأكد طالباني، تعزيز المشاريع والقرارات الهادفة إلى الحد من البطالة في الدول العربية ودعم التشغيل من خلال منظمة العمل العربية والجهات المعنية في الدول العربية.
وأشار الرئيس العراقي إلى أهمية القمة العربية القادمة التي ستعقد في بغداد؛ لأنها ستؤكد دعم الأشقاء العرب للشعب العراقي الذي واجه محنا صعبة.
البشير: الاهتمام بالربط الكهربائي والبري العربي
بدوره دعا الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى إنجاز تنمية مستدامة تعود بالخير على شعوب أمتنا، لافتا إلى ضرورة إيلاء مشروعات الربط الكهربائي العربي ومخطط الربط البري العربي للسكك الحديدة أهمية خاصة.
وقال البشير: "إنه من الجدير بالاهتمام العمل على تفعيل مبادرة البنك الدولي للعالم العربي، وذلك بطرحها مجددا عبر منتديات تمكن من المشاركة بالفعاليات كافة فيها؛ إذ نجدها مبادرة وافية لخدمة مبتغيات خططنا القومية في مجالات التنمية إن وجدت الوفاق المستحق باتجاه الالتزامات بتوفير التمويل المنشود لمكوناتها الثلاثة المتعلقة بمشروعات البنيات الأساسية، بما في ذلك الربط البري والبحري والكهربائي والطاقة المتجددة ثم توفير فرص العمل عن طريق دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة".
وبشأن ما جرى في الجنوب السوداني قال البشير: "لقد قمنا بإجراء عملية اقتراع على تقرير مصير السودان وفاءً بعهد قطعناه وأكدناه ونحن ملتزمون بنتائج الانتخابات".
جزر القمر: الاستقرار وحده يدعم التنمية
بدوره، قال أحمد عبد الله سامبي، رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة: "إن هذه القمة تنعقد في ظروف إقليمية ودولية متراكمة، خاصة من الناحية الاقتصادية والتنموية، وتعكس أهمية الحوار في الشأن الاقتصادي بهدف تحقيق المزيد من التكامل والتنسيق بين الدول العربية".
وأضاف سامبي: "إن الحكومة القمرية بذلت جهودا كبيرة في سبيل تسديد التزاماتها المالية كافة لدى الصناديق والمؤسسات الدولية، وتمكنت من إعادة المفاوضات مع كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، ووضعت جزر القمر ضمن الدول ذات المصداقية المالية على الساحة الدولية بفضل الإصلاحات التي انتهجناها طوال السنوات الأربع الماضية".
ولفت سامبي إلى أن بلاده أنجزت الكثير على الرغم من التحديات والعقبات التي واجهتها خلال الفترة الماضية.
ورأى سامبي، أن المسائل المتعلقة بالأمن والاستقرار في البلاد العربية تشكل تحديات كبيرة ينبغي أن نواجهها ضمن أولوياتنا؛ لأن عدم الاستقرار يعرقل التنمية.
ولفت سامبي إلى أن بلاده لن توافق على محاولات فرنسا لجعلها مقاطعة فرنسية، مؤكدا أن موقع جزر القمر يمثل بلا أدنى شك عمقا استراتيجيا للعالم العربي.
الصومال: تطوير التكنولوجيا والتنمية المستدامة
من جانبه، دعا شريف شيخ أحمد، رئيس جمهورية الصومال، القمة إلى إصدار قرارات وتوصيات مثمرة تهدف إلى تحقيق أمنيات الشعوب العربية وتطلعاتها المستقبلية الهادفة إلى التنمية الاجتماعية المستدامة.
ونوّه شيخ أحمد بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي، مشيرا إلى ضرورة تنفيذ المخططات التنموية التي ترمي إلى تطوير التكنولوجيا الحديثة والجهود التنموية المستدامة، خاصة في مجالات قطاعات الطاقة وتحسين برنامج الأمن الغذائي.
وأكد شيخ أحمد، أن الحالة في الصومال ما زالت تتطلب مزيدا من الاهتمام والجهود الصادقة والمنتظمة التي ترمي إلى إيجاد الحلول المناسبة لها، على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة الصومالية والقرارات العربية الصادرة من القمم العربية.
المغرب: المطلوب اندماج حقيقي وتقاسم فعلي للتجارب والكفاءات
عباس الفاسي، الوزير الأول رئيس وفد المملكة المغربية، قال: "إن إعطاء مضمون ملموس للعمل التنموي العربي يقتضي إقامة تعاون وتكامل واندماج حقيقي وتقاسم فعلي للتجارب والكفاءات والمؤهلات، وذلك في نطاق رؤية شمولية كفيلة بتطوير برامج عملنا الوطنية والاستثمار الأمثل لمواردنا البشرية والطبيعية الهائلة".
وأضاف الفاسي: "إن الأمر ليس مجرد طموح سياسي، وإنما يعد حتمية استراتيجية لانبثاق قطب اقتصادي إقليمي يستجيب لتطلعات شعوبنا ويعزز مناعة تنموية أمام أزمات الاقتصاد العالمي وتقلباته، ويسهم في إرساء نظام اقتصادي دولي منصف ومتوازن".
وأكد الفاسي، التزام بلاده بمساندة القضايا المصيرية للأمة العربية؛ انسجاما مع الخطة التي أقرتها القمة العربية العادية في ليبيا، مشيرا إلى مساندة المغرب لكفاح الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحرصه على إنجاز المشروعات التنموية لفائدة الفلسطينيين ودعم صمودهم في مواجهة الممارسات الإسرائيلية العدوانية المرفوضة.
ممثلو المنتديات: رجال الأعمال والشباب والمجتمع المدني مستعدون لدعم مبادرات القادة
من جانبهم، أشاد ممثلو المنتديات المصاحبة للقمة العربية الاقتصادية التنموية الثانية في شرم الشيخ، أمس، بإنشاء صندوق لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي.
وأوضحوا في كلمات متفرقة ألقوها أمام القادة العرب في افتتاح القمة، أن هذا الصندوق سيكون لها عظيم الأثر في معالجة مشكلة البطالة وتداعياتها وتعزيز الأمن الاجتماعي وتحقيق تطلعات الشعوب العربية في العيش الكريم عبر توفير فرص عمل من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأكد ياسر الملواني، ممثل منتدى رجال الأعمال، استعداد رجال الأعمال العرب الكامل لتحقيق المطلوب منهم في مجال تحقيق التنمية وتعزيز الاقتصاد والأمن الاجتماعي، مبينا أن تفعيل دور رجال الأعمال يحتاج إلى حل بعض المشاكل التي تواجه هذا القطاع.
وأفاد بأن التجارة العربية من السلع غير النفطية بالنسبة للتجارة العالمية تبلغ فقط 1 في المائة، على الرغم من الإمكانات الكبيرة المتاحة في الدول العربية من رؤوس أموال وأيد عاملة وثروات طبيعية وموقع مميز.
بدوره، دعا عدنان القصار، ممثل منتدى القطاع الخاص، إلى تذليل العقبات التي تواجه القطاع الخاص وتعوقه عن القيام بدوره كشريك في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الوطن العربي، منبها إلى ضرورة تنفيذ الاستراتيجيات والخطط الخاصة بهذا الشأن.
وقال: "إن القطاع الخاص في مختلف دول العالم المتقدم يعد محورا رئيسا في عملية التنمية لتعزيز الإمكانات المتاحة للدول للخروج بنموذج تنموي يعزز الاقتصاد ويرفع من الأوضاع المعيشية في بلدانهم"، منوها بإشراك القادة العرب للقطاع الخاص في هذه القمة عبر هذا المنتدى للتعبير عن تصوراتهم حول دورهم في عملية التنمية العربية.
من جانبها، بيّنت فوزية الارياني، ممثلة منتدى منظمات المجتمع المدني، أن منظمة المجتمع المدني تحتل مكانة كبيرة في مختلف الدول التكتلات العالمية التي ترغب في تحقيق نهضة تنموية شاملة تطال مختلف قطاعات الدولة.
ودعت إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في الدول العربية مع مؤسسات صنع القرار للوصول إلى الأهداف التنموية بشكل أسرع، مؤكدة أن الدول العربية قطعت شوطا جيدا في مجال إشراك مؤسسات المجتمع المدني في تحقيق التنمية، غير أنها لا تزال في حاجة إلى المزيد.
كذلك، طالَب محمد فتحي، ممثل منتدى الشباب، بتحرير وسائل الاتصال وتعزيز التكنلوجيا؛ لتسهيل تناقل المعلومات بين أقطار الوطن العربي بما يضمن تعزيز التواصل الإبداعي بين الدول العربية، ولا سيما فيما يخص الإبداع الشبابي.
كما رحب بالمقترح الخاص بعقد قمة عربية شبابية تخصص لمناقشة تطلعات وتصورات هذا القطاع المهم الذي يعد أساسا للنهضة في كل المجتمعات المتحضرة.