إعلان شرم الشيخ.. توجّه لتفعيل شراكات مع التكتلات الدولية والاقتصادات الناشئة

إعلان شرم الشيخ.. توجّه لتفعيل شراكات مع التكتلات الدولية والاقتصادات الناشئة

أكد مسؤولون أن القمة العربية الاقتصادية التنموية والاجتماعية التي تعقد اليوم ستعمل على حث الدول العربية التي لم تشارك في دعم ميزانية الصندوق العربي المشترك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة باستكمال حصصهما في الصندوق.
وفي هذا السياق، أكد لـ "الاقتصادية" أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري أن القمة ستركز على دفع الدول العربية التي لم تقدم الدعم المادي لصندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة على تقديم حصصها في الصندوق، وإكمال المبالغ المتبقية له، تمهيداً لإطلاقه.
كما علمت "الاقتصادية" أن إعلان شرم الشيخ المنتظر صدوره عن القمة اليوم سيركز بصورة أساسية على مشاريع الأمن الغذائي، وأساليب مواجهة البطالة في العالم العربي، إلى جانب أربعة ملفات سياسية أخرى هي: تونس، لبنان، السودان، والصومال، إضافة إلى إعلان يتعلق بمكافحة الإرهاب، ووقف أي محاولات للقوى الغربية للتدخل في الشأن العربي تحت أي مسمى.
وكان وزراء الخارجية العرب قد أنهوا أمس اجتماعهم التحضيري الخاص بالإعداد للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الثانية بالاتفاق على مشاريع القرارات المتعلقة بتعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك لإقرارها من قبل القادة والزعماء العرب خلال القمة التي تعقد اليوم في مدينة شرم الشيخ برئاسة مصر.
وأقر وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم أمس الذي ترأس وفد المملكة فيه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، جدول أعمال القمة، ومشروع إعلان شرم الشيخ ونتائج أعمال وزراء التجارة والاقتصاد العرب، والقرارات الخاصة بدعم القدس المحتلة والحصار المفروض على قطاع غزة وتعزيز الربط الكهربائي والبري والسككي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والأمن الغذائي والمائي العربي.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية" أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري على هامش الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب، إنه تم تقديم طلب رسمي للدول العربية التي لم تسهم في تمويل صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة العربي الذي أقر في قمة الكويت 2009 للتسريع في تقديم دعمها للصندوق، بالنظر إلى أن إجمالي رأسماله قدر بملياري دولار، وأن ما تم تحصيله حتى الآن يبلغ 1.3 مليار دولار.
وأشار أبو الغيط إلى أن القمة سينصب تركيزها في المقام الأول على هذا الصندوق الذي أكد أنه "في حال إطلاقه فسيؤدي إلى بناء المشروعات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة داخل المجتمعات العربية مما يؤدي إلى تنميتها"، متمنياً أن يتم تحصيل كامل ميزانية الصندوق من الدول في قمة شرم الشيخ الاقتصادية.
وأضاف أبو الغيط على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب الذي عقد في شرم الشيخ أمس تمهيداً لانطلاق القمة العربية الاقتصادية التنموية والاجتماعية، أن البعد الآخر الذي سيتم التركيز عليه خلال القمة يتعلق بالربط البحري والبري وسكك الحديد بين الدول الأعضاء، معتبراً أن ذلك سيعمل على "فتح شرايين الاقتصاد العربي وقدرة الدول على التواصل فيما بينها".
وفي الجانب السياسي، أوضح أبو الغيط أن الأزمة اللبنانية لم يتم التطرق لها في اجتماع وزراء الخارجية العرب، لكنه أشار إلى أن الوزراء استمعوا إلى تقرير موجز من ممثل لبنان في الجامعة العربية عن التطورات الداخلية على صعيد الساحة السياسية اللبنانية.
وعاد أبو الغيط ليؤكد أن القمة ستسعى إلى تفعيل ربط الاقتصاديات والمجتمعات العربية فيما بينها، وأنها ستستهدف التوظيف، الشباب، تقوية القطاع الخاص العربي، ودعم تفعيل المجتمع المدني، بما يعود بالرخاء على الشعوب العربية.
وحول أبرز ما تطرق إليه اجتماع وزراء الخارجية العرب أمس، أشار وزير الخارجية المصري، إلى أنه تمت مناقشة مشروع قرار مقدم من الصومال يتعلق بتقديم الدعم لها، إلى جانب بحث مشروع قرار خاص بالسودان، لافتاً إلى أن مصر تقدمت بمقترح خلال الاجتماع يهدف إلى الاتفاق على إعلان يصدر عن القمة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ووقف أي محاولات للقوى الغربية للتدخل في الشأن العربي تحت أي مسمى.
وفي الشأن التونسي، قال أبو الغيط إن وزراء الخارجية في الدول العربية استمعوا أمس الأول إلى تقرير قدم من وزير خارجية تونس، شرح فيه ما يدور على الساحة في بلاده، مشيراً إلى أن القادة العرب سيبحثون اليوم مع الوزير التطورات كافة على الصعيد التونسي.
وفي تساؤل يتعلق بجدوى القرارات العربية في حال عدم تنفيذها على أرض الواقع، أجاب أبو الغيط: "نأمل تنفيذ القرارات، ومن خلال قمة الكويت العربية الاقتصادية تم تفعيل عدد كبير من القرارات، وإحدى أهم تلك الأفكار المفعلة هو صندوق المشروعات العربية الصغيرة والمتوسطة، وقد تم تفعيله من خلال النظام الأساسي، وهذه خطوة كبيرة للغاية".
وتابع: "خلال قمة الكويت 2009 بدأنا في البنية التحتية، واليوم نضيف عليها المشروعات الأخرى، وبالتالي على مدى عامين يتم تطوير العمل العربي المشترك، ونحن نضع الخطط ونبدأ التنفيذ وهناك مجالس وزارية ستعمل على تنفيذ جميع تلك المشروعات".
من جانبه، أكد لـ "الاقتصادية" السفير جاسم المباركي مدير إدارة الوطن العربي في وزارة الخارجية الكويتية، أن البيان الختامي لقمة شرم الشيخ العربية الاقتصادية سيركز على الأمن الغذائي العربي، إلى جانب التضامن مع مصر حول موقفها من القوى الغربية التي عملت خلال الفترة الماضية على التدخل في شؤونها الداخلية بعد حادثة تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، ورفض أي تدخل أجنبي، من خلال إرسال رسالة للغرب تحثهم على احترام سيادة مصر.
وحول اختيار الرياض لاستضافة القمة العربية الاقتصادية الاجتماعية والتنموية لعام 2013 قال المباركي: إن هذا الاختيار ينبع من أهمية ومكانة المملكة، مشيراً إلى أن المملكة تعد أول دولة عربية أسهمت بسخاء في مبادرة أمير الكويت الخاصة بصندوق المشروعات الاقتصادية العربية بمبلغ قدر بـ 500 مليون دولار، إلى جانب الكويت التي ضخت المبلغ نفسه.
وأضاف: "لولا مساهمة السعودية والكويت في مبادرة الصندوق لما نهضت تلك المبادرة التي أسهم فيها البلدان بـ 50 في المائة من رأسمال الصندوق، وبالتالي نقدم شكرنا لحكومة خادم الحرمين الشريفين".
وحول الآلية التي سيعمل من خلالها الصندوق، أوضح المباركي أنه تم فتح حساب لدى الصندوق العربي، وأن الصندوق بصدد بلورة آلية عمله خلال الفترة المقبلة.
وكان وزير الخارجية المصري قد كشف أن قمة شرم الشيخ ستشهد الإعلان عن بدء دخول مبادرة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت الخاصة بإنشاء حساب خاص لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة حيز التنفيذ.
وقال أبو الغيط في كلمة ألقاها خلال ترؤسه أمس أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب تحضيرا لقمة القادة العرب اليوم: "إن هذه المبادرة ستوفر آلية تمويلية ضخمة لقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة الذي يعد القاطرة الأساسية لاقتصاديات الدول العربية والمصدر الأساسي للتشغيل ومكافحة البطالة".
وأضاف: "إن هذا الاجتماع يعد تأكيداً على أن قضايا الاقتصاد والمجتمع والتنمية في عالمنا العربي بدأت تأخذ الاهتمام اللائق بها من قبل الحكومات العربية"، مشيرا إلى أن دول العالم العربي اليوم تعطي أولوية مطلقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمعالجة ما يعترض مجتمعاتها من مشكلات ومعوقات.
وقال أبوالغيط: "إن إمعان النظر في الخبرات التنموية لدول العالم في العقود الأخيرة يشير إلى حقيقتين أساسيتين هما: أن إنجاز عملية التنمية الشاملة هو عمل معقد يتجاوز قدرات وإمكانات أي دولة بمفردها ونجاحه يعتمد على تكامل الجهود التنموية بين الدول المتجاورة والمتشابهة في مراحل نموها وتطور مجتمعاتها، فبهذا التكامل تتسع الأسواق ويستفيد المنتجون من تكامل الطاقات الإنتاجية في مختلف الدول العربية".
وأضاف "أن الحقيقة الثانية تفيد بأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة هي المدخل الرئيس لمعالجة المشكلات السياسية بل والأمنية التي تواجه الكثير من دول العالم وهي المحدد الرئيسي لكفاءة الحكومات بل وللمكانة التي تتقلدها الدول في عالم اليوم"، مؤكدا أن الفترة الماضية شهدت إنجازات عديدة حققتها دول عربية عديدة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
وزاد: "إن الجهد التنموي العربي لا يزال أقل من المأمول سواء على المستوى المحلي، أو على مستوى تكامل الطاقات الإنتاجية والجهود التنموية العربية".
ورأى أبو الغيط "أن إدراك حجم ما تحقق من إنجاز تنموي وحجم ما تبقى وما يتعين على دولنا العربية تحقيقه هو الأساس الذي بنيت عليه المبادرة المصرية ـــ الكويتية لعقد القمم الاقتصادية العربية فكانت القمة الاقتصادية الأولى في الكويت قبل عامين، حيث شاركنا جميعا في إرساء أسس جديدة للعمل الاقتصادي المشترك".
وأكد وزير الخارجية المصري أن فلسفة القمم الاقتصادية العربية تقوم على أن المطلوب ليس المزيد من المشروعات والخطط الطموحة إنما وضع ما سبق إقراره من مشروعات وخطط موضع التنفيذ.
وأفاد أبو الغيط بأن "الأولويات أمامنا واضحة وتحتاج إلى خطوات جادة لترجمتها على أرض الواقع، وأهم هذه الأولويات المزيد من الخطوات لربط دولنا العربية برياً وبحرياً وبالسكك الحديدية وإقامة المزيد من مشروعات البنية التحتية اللازمة التي من دونها يصبح أي حديث عن التكامل العربي ناقصاً.
من جانبه، ألقى الشيخ محمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الكويت الذي ترأست بلاده القمة الأولى كلمة في بداية الجلسة الافتتاحية للاجتماع ثمن فيها طلب المملكة استضافة القمة الاقتصادية المقبلة في كانون الثاني (يناير) 2013، معربا عن أمله في أن تكون إضافة جديدة للعمل العربي المشترك على الصعيد الاقتصادي والتنموي والاجتماعي.
وقال الشيخ محمد الصباح إن العالم العربي يشهد اليوم حراكا سياسيا على الصعيد الأمني والسياسي العربي، وتساءل: "هل يستطيع النظام العربي أن يواكب هذه التطورات ويواكب معاناة المواطنين العرب بما يضمن للمواطن العربي العيش بكرامة وإنسانية؟".
وأضاف "أن هذه الفلسفة هي التي قامت عليها القمم الاقتصادية العربية التي انطلقت دورتها الأولى في الكويت عام 2009 بهدف وضع خطط وبرامج ومشاريع تنموية كبرى لمحاربة ومكافحة الفقر والجوع والبطالة والمرض وانطلاقا من هذا جاءت مبادرة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بإنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة للقطاع الخاص العربي بمبلغ ملياري دولار تم سداد مبلغ مليار و298 مليون دولار من 13 دولة عربية".
وتابع: "هذه الأموال سيكون لها الدور الفاعل في توفير الأموال لهذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يخدم عملية التكامل الاقتصادي من خلال تمكين المواطن العربي ليكون شريكا في عملية التنمية.
وأكد وزير الخارجية الكويتي أن قمة شرم الشيخ ستكون مخصصة لمتابعة تنفيذ مقررات قمة الكويت ووضع آليات التنفيذ أكثر من إضافة مسائل جديدة على جدول الأعمال".
وعقب الجلسة الافتتاحية عقد وزراء الخارجية العرب جلسة مغلقة تم خلالها إقرار مشروع جدول أعمال القمة ومشاريع القرارات ومشروع الإعلان الذي سيصدر عن القمة ويحمل إعلان شرم الشيخ.
يذكر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ناقش خلال اجتماعه أمس الأول على المستوى الوزاري التحضيري للقمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الثانية عملية الربط بين الدول العربية من خلال النقل البري وشبكة الخطوط الحديدية والبحرية عبر ربط الموانئ العربية بخطوط نقل بحرية والربط الكهربائي, وإقامة شبكات لنقل النفط والغاز ومشروع ربط شبكات الإنترنت الذي يدخل في الخدمات المشتركة للتبادل بين الدول العربية والخدمات الاقتصادية التي تتعلق بالمشاريع الاقتصادية والاستثمارية.

الأكثر قراءة