حان الوقت لاستعادة الثقة بالعملية السياسية في تايلاند

يتم اتخاذ قرار سياسي مهم تحت سقف السرايا الحكومية، كما كشف عضو في الحزب الديمقراطي في مقابلة خاصة الأسبوع الماضي. فرئيس الوزراء أبهيسيت فيجاجيفا سيقوم بحل البرلمان خلال الربع الأول من عام 2011، وقد خطط بالفعل بعناية لحملته الانتخابية. وقد لا تكون هذه الأخبار بمثابة مفاجأة. ففي 23 من تشرين الثاني (نوفمبر)، قال أبهيسيت للصحافيين: ''نعم، من الممكن في أوائل العام المقبل. وقد قلت هذا مرات عدة''.
وهناك دلائل تشير إلى أن أبهيسيت جاد بشأن الانتخابات. ففي وقت مبكر من تشرين الثاني (نوفمبر)، سافر نائب رئيس الوزراء سنان كاتشورنبراسارت إلى العاصمة النرويجية للقاء رئيس الوزراء السابق تاكسين شيناواترا؛ من أجل مناقشة مجموعة من القضايا السياسية بما في ذلك الانتخابات. وفي غضون ذلك، كشف مصدر في حزب بويا التايلندي أن رئيس الحزب، الجنرال تشافاليت يونجتشايوده وبعض أعضاء اللجنة التنفيذية اجتمعوا مع تاكسين في 20 من تشرين الثاني (نوفمبر) في بكين لوضع استراتيجيات الانتخابات. ولا شك أن مثل هذه الاجتماعات رفيعة المستوى لا يمكن أن تكون مصادفة.
ففي حين كان هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم مبعوثين منشغلين في إجراء دبلوماسية مكوكية بين الحزبين السياسيين المعارضين، يبدو أنه لم يتم تداول قضايا أكثر أهمية. وينصبّ التركيز على الألغاز الواضحة: من سيفوز وكيفية تقويض المعارضين؟.. لكن أي انتخابات ستصبح بلا معنى إذا لم يتم استعادة الثقة والإيمان بين الناخبين في الانتخابات.
إن الانقلاب العسكري في أيلول (سبتمبر) 2006 لم يفد سوى في تشويه العملية الانتخابية في تايلاند. وربما زعم منفذو الانقلاب أنه ينقذ تايلاند من السياسيين الفاسدين. فقد كانوا يعتبرون تاكسين عقبة كبيرة أمام الديمقراطية في تايلاند، إلا أن تنفيذ انقلاب عسكري لم يسهم في عملية دمقرطة الدولة الحالية أيضا. والقضاء على الأعداء السياسيين بهذه الطريقة لم يفد سوى في تقويض شرعية العملية الانتخابية.
ولم يكن الانقلاب الأداة غير الدستورية الوحيدة المسؤولة عن فقدان الشعب الثقة في الانتخابات. ففي عام 2008، وفي محاولة للإطاحة بسلسلة من الحكومات المدعومة من تاكسين، أطلقت حركة القمصان الصفراء مظاهرات في الشوارع دامت بضعة أشهر وبلغت ذروتها في الاستيلاء على مطار سوفارنابومي، إلا أن تدخل المحكمة الدستورية هو الذي وضع حدا لحكومة الراحل ساماك ساندارافيج المنتخبة، ونظامها اللاحق بقيادة سومتشاي وونجساوات.
واعتبر المؤيدون للديمقراطية هذا التدخل محاولة وقحة أخرى للتشكيك في العملية الانتخابية، كما أثار أيضا مسألة ذات صلة هي فيما إذا كان النظام القضائي في تايلاند قد أصبح أداة سياسية.
إن إعادة بناء الثقة والإيمان بالنظام الانتخابي جزء من إيجاد حل للأزمة السياسية التي طال أمدها، وإذا كانت حكومة أبهيسيت صادقة بشأن إنهاء النزاع السياسي، عليها طمأنة الناخبين بأنه سيتم احترام نتائج الانتخابات، بغض النظر عن الحزب السياسي الذي سيفوز. وفي الوقت نفسه، على الحكومة إقناع مؤيديها المهمين عدم اللجوء إلى وسائل غير دستورية حتى لو لم يستسيغوا نتائج الانتخابات.
وقد حان الوقت الآن لكي يعترف الأثرياء والأقوياء في تايلاند بأن المشهد السياسي قد تغير بشكل كبير، وأنهم لم يعودوا أصحاب المصلحة الوحيدين في المجالين السياسي والاقتصادي. لقد انفتح الفضاء السياسي تدريجيا في العقد الماضي، وقد سمح هذا للناخبين التايلنديين، خاصة في المقاطعات النائية، بالمشاركة مباشرة في السياسة والمطالبة بملكية بلادهم. وما لم تفهم النخبة القواعد الجديدة للعبة، ستظل الانتخابات تعبيرا مزورا عن الديمقراطية التايلندية.
والخطوة التالية هي ضمان موقف القضاء غير السياسي للناخبين. وللأسف، تظهر الأحداث الدرامية الأخيرة عضوا في البرلمان عن الحزب الديمقراطي وهو يضغط على أمين رئيس المحكمة، تشاي تشولاوورن، للتساهل مع الحزب، مضيفا المزيد من الشكوك بشأن الدور غير السياسي المفترض للمحكمة. ويلقي أيضا الشكوك على الحزب الديمقراطي وفيما إذا كان قادرا على عدم تسييس المحكمة التايلندية.
ولإعادة الثقة في النظام الانتخابي، يجب على الجيش أن يتوقف عن التدخل في السياسة حتى حين تواجه الدولة أزمات الشرعية. وقد شهدت السنوات الأربع الماضية الدور السياسي المتنامي للجيش؛ ومع تعيين الجنرال برايوت تشان أوتشا قائدا للجيش، يبدو أن الجيش لن يعود إلى الثكنات في أي وقت قريب.
لاحظ أن الجيش يصرّ على أن الانقلاب لم يصبح أبدا شيئا قديما. فقد أظهر الجيش على نحو متزايد عدم موافقته على السياسة الانتخابية. وقد أدى افتراضه المشين بأن كل السياسيين جشعون في تدمير الثقة في الديمقراطية. ولكن الأهم من ذلك، أضفى الشرعية على دور الجيش في السياسة. هل سيتمكن أبهيسيت من غرس مفهوم جديد للسياسة بين أنصاره المتشددين في الجيش؟
ما لا يقل أهمية عن ذلك هو حقيقة أن الفاعلين خارج نطاق الدولة - أولئك الذين يرتدون ألوانا معينة، مسؤولون أيضا عن فقدان الثقة والإيمان بالسياسة الانتخابية. فهم يشكلون جزءا من الحلقة السياسية المفرغة - انتخابات تجلب حكومة جديدة يريدونها؛ ثم ينظمون مظاهرات ضد تلك الحكومة، وفي الوقت نفسه يوجدون أجواء تسمم الحكم؛ مما يؤدي إلى إما انقلاب عسكري أو تدخل قضائي؛ ويتم الدعوة للانتخابات في أعقاب ذلك، التي في النهاية تعيد تنصيب الحزب المرفوض مرة أخرى في السلطة؛ ثم تعيد الدورة نفسها.
ويقول أندرو ووكر، من الجامعة الوطنية الاسترالية: ''إن العيب القاتل لتايلاند هو فقدان الثقة بالعملية الانتخابية؛ فقد فتح فقدان الثقة هذا الباب للمتشددين لتطبيق بدائل عنيفة''. وقال: ''إن العنف على جميع الأطراف يبعث على الأسى، ولكن تذكر أن أولئك الذين يدينون استفزازات حركة القمصان الحمر بقوة هم أيضا أولئك الذين ينكرون باستمرار شرعية تصريحاتهم السلمية في صناديق الاقتراع''.
وما لم يتم ضمان ظروف ديمقراطية حقيقية بعد الانتخابات المقبلة، لن ينتهي النزاع السياسي. ولا بد من تطبيق إجراءات لطمأنة الناخبين أن الشخصيات ذات النفوذ لن تلغي النتيجة غير المرغوب فيها، سواء عن طريق انقلاب، أو قضاة يأتمرون بأمر تلك الشخصيات المتنفذة، أو سياسة الشارع''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي