قبل الاستثمار: طالع بيانات الاقتصاد الكلي وافحص القوائم المالية للشركة
تؤكد معظم المراكز المتخصصة والاقتصاديون والمحللون الماليون، أنّ المعلومة هي الركيزة الأساسية في اتخاذ القرار الاستثماري أيا كان نوع الاستثمار، وتزيد أهمية المعلومة عندما يتعلق الاستثمار بأسواق المال المعروفة بسرعة تغير الأوضاع فيها؛ وذلك بسبب تفاعل الأسواق الفوري مع المعلومات والأخبار الدورية واليومية العاجلة والمفاجئة، سواء أكان مصدر هذه الأخبار وسائل الإعلام أم الحكومة أم الشركات نفسها.
وإذا كان الحديث يتعلق بأسواق المال، فإنّ القرار الاستثماري بشأن شراء أو بيع أسهم شركة بعينها يتطلب من المستثمر تقصي نوعين من المعلومات؛ الأول يتعلق بالشركة المعنية، والثانية يرتبط بالاقتصاد الكلي.
والمعلومات المتعلقة بالشركة، التي يتعين على المستثمر مراعاتها قبل قرار الاستثمار هي المعلومات الجزئية (معلومات الشركات)، والمقصود بها هو الأخبار ذات السمة والنطاق المحدد والمتعلقة بالتطورات الحادثة للشركة مثل تقاريرها ربع السنوية أو السنوية أو الأخبار الصحفية المفصلة عنها. وعلى المستثمر أن يراعي في كلّ الأحوال أنّ المعلومات الجزئية غالبا ما تقتصر آثارها على الشركة المستهدفة وربما تمتد إلى منافسيها الرئيسين في القطاع.
أما الجانب الثاني من المعلومات فهو (معلومات الاقتصاد الكلي)، وهذه المعلومات تشير إلى ما يتعلق بالاقتصاد الكلي الذي يتعدى إلى مستوى الوحدات الإنتاجية والمنشآت، ويدخل ضمن ذلك المعلومات المتعلقة بالقطاعات المكونة لمجمل الاقتصاد. وغالبا ما تؤثر المعلومات الكلية كالتغيرات الحادثة في الناتج المحلي الإجمالي ومعدل التضخم ومعدل الإنفاق الحكومي - حال نشرها - في السوق المحلية برمتها، وقد تمتدّ الآثار أحيانا إلى الأسواق العالمية؛ فعلى سبيل المثال: يمكن لتقرير يشير إلى ارتفاع كبير في معدل الإنفاق الحكومي أن يؤثر في السوق تأثيرا إيجابيا؛ لأنه سيدفع أغلب المستثمرين إلى الاعتقاد أنّ مستويات الطلب العام ستتحسن، وأنّ مستويات النمو ستساعد الشركات المستفيدة من هذا التحسن على زيادة رؤوس أموالها؛ مما يُسهم في رفع الطلب على عناصر الإنتاج وتوظيف المزيد منها.
#2#
ويعطي عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي الدولي مثالا آخر على تأثير المعلومات الكلية في الأسواق المثالية، فالأسواق المالية العالمية باتت مرتبطة ارتباطا كبيرا؛ مما يجعل من الممكن للتطورات السياسية والاقتصادية في دولة أو منطقة ما أن تخلّف آثارا في الأسواق العالمية كافة.
لكن كيف يحصل المستثمر على هذه المعلومات؟ بالنسبة إلى المعلومات الجزئية المتعلقة بالشركة، فإنّ المصادر الموثوقة للمعلومة هي التقارير المتعلقة بالقوائم المالية الأولية ربع السنوية والسنوية الصادرة عن الشركة. ومعلوم أنّ اللوائح والقواعد الصادرة عن هيئة السوق المالية تلزم الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية تزويدَ الهيئة بالقوائم المالية الأولية والسنوية ونشرها فور اعتمادها من مجلس إدارة الشركة خلال فترات محددة؛ مما يكسبها صفة المصداقية والشفافية. وتحوي القوائم المالية معلوماتٍ تفصيلية بشأن الموقف المالي الحالي للشركة. وقد أصدرت الهيئة كتيبا وافيا عن قراءة القوائم المالية ليساعد المستثمرين على بناء تصور واضح عن موقف الشركة المالي.
كذلك تصدر الشركة المدرجة تقريرا سنويا صادرا عن مجلس الإدارة تعرض فيه إنجازاتها الإنتاجية والإدارية والاستثمارية والمالية في العام المالي الماضي، وتعطي فيه مؤشراتٍ عن خططها المستقبلية والصعوبات المالية التي قد تواجهها. ويمكن الوصول إلى كلّ هذه المعلومات، إضافة إلى الملفات الصحافية وأخبار الشركة الأخرى ذات العلاقة، عن طريق زيارة مقر الشركة نفسها أو موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت إن وجد أو موقع السوق المالية (تداول).
وإضافة إلى المعلومات التي توفرها الشركات للمستثمرين عن أعمالها هناك مجموعة من المصادر الخارجية المختلفة يمكن وصف المعلومات فيها بأنها أكثر شمولية؛ مثل الصحف، والقنوات الفضائية الإعلامية المالية، والمواقع الاستثمارية المتخصصة، وكل هذه يمكن أن تشكل لدى المستثمر تصورا أوسع حول أسهم الشركة والقطاع الذي تعمل فيه.
بقي القول: ''إنه على الرغم من أنّ تحقيق الأرباح غير مضمون إطلاقا عندما يكون الأمر متعلقا بالاستثمار، إلا إنّ أهداف المستثمر تحدد الطريقة التي يتبعها في تفاعله مع الأخبار الواردة: فلو افترضنا أنّ أهداف المستثمر قصيرة الأجل، وفي نيته شراء منزل على سبيل المثال، فقد يشجعه زيادة أسعار أسهم الشركة التي يستثمر فيها بسبب إصدارها لبيانات أرباح تفوق التوقعات على بيع بعض أسهمها وشراء المنزل. أما إذا كانت أهداف المستثمر طويلة المدى، فقد يرى زيادة استثماراته في الشركة.
وفي كل الأحوال، يجب على كل مستثمر قبل قرار الاستثمار في أي شركة أن يبذل الجهد في معرفة وتعلم المزيد عن الشركة المراد الاستثمار فيها. ولعل أنسب المصادر التي تتيح للمستثمر الحصول على هذه المعلومات هي (التقرير السنوي) للشركة الذي يوضح أهداف الشركة ورؤيتها، إضافة إلى الخطوط العريضة لاستراتيجيتها الاستثمارية والإنتاجية، فضلا عن عرض مفصّل لقوائمها المالية.