غرامة الـ 90 مليونا ليست رادعة
في التصريحات التي نشرتها الصحف المحلية يوم الخميس الماضي للدكتور عبد الرحمن الجعفري محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات قال إنه تم تغريم شركات الاتصالات العاملة في المملكة مبلغ 90 مليون ريال لمخالفاتهم ببيع البطاقات المسبقة الدفع، مجهولة الهوية، مؤكداً أن الهيئة تعمل جاهدة للسيطرة على هذه الممارسات غير القانونية، وأنه تم التنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية لإغلاق المحال التي تمارس بيع هذه النوعية من البطاقات، كما أشار إلى أن الوزارة تتعامل بحزم مع الرسائل الاقتحامية، حيث قامت الهيئة بإصدار التنظيمات اللازمة للسيطرة على مثل هذه الرسائل المزعجة، وأن الهيئة قامت بإيقاف تراخيص أربع شركات تمارس إرسال الرسائل الاقتحامية بشكل مخالف.
ما ذكره الدكتور الجعفري عن غرامة الـ 90 مليون ريال وعلى الرغم من حجم هذا المبلغ، إلا أنه لا يساوي شيئا أمام المكاسب التي تتحقق من بيع هذه البطاقات التي أصبحت تباع في المحال التجارية وفي البقالات وعند محطات الوقود، بل وعند إشارات المرور.
ولعل من أسباب انتشار هذه البطاقات وحرص شركات الاتصالات على تسويقها حتى لو دفعت هذا المبلغ من الغرامات أن تحصيل قيمة هذه البطاقات يتم مسبقا فلا تحتاج شركات الاتصالات إلى الانتظار فترة من الزمن بانتظار التسديد.
ومن المؤسف أنه في الوقت الذي نرى فيه الدول المجاورة تتشدد في قضية هذه البطاقات ولا تباع إلا بعد التحقق من شخصية مشتريها عن طريق تسجيل بياناته الرسمية، نجد أن هذه البطاقات أصبحت عندنا سلعة وتجارة للعمالة الأجنبية، التي تمارس البيع فيها عيانا، ودون توثيق لمن يشتريها رغم الاشتراطات التي وضعتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، حتى أصبحت هذه البطاقات مصدر تهديد أمني وأخلاقي، بعد أن أصبحت تستخدم لممارسة الابتزاز أو الترويج للممنوعات أو عقد الصفقات المشبوهة.
إن فرض هذه الغرامات المالية قياساً بالمكاسب الكبيرة التي تتحقق من بيع هذه البطاقات لا يمكن أن يوقف المشكلة أو يحد منها ، ومعالجة هذا الأمر تتم من المنبع وليس من منافذ البيع، فمنافذ البيع أكثر من أن تسيطر عليها جهات رقابية مشغولة بما هو أهم من هذه البطاقات، خاصة أن البطاقات المسبقة الدفع تشكل 80 في المائة من شرائح الجوال، وأغلبية من يبيع ويستخدم هذه البطاقات هم العمالة الوافدة.
وقد سبق لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات قبل عدة سنوات أن أعلنت أنها ستصدر تنظيماً جديداً لهذه البطاقات، بعد أن لاحظت تزايد الشكاوى من البطاقات المجهولة وتسببها في كثير من المشاكل الأمنية والأسرية والاجتماعية، إلا أن معالجة هذه المشكلة لم تتم، وهي تتفاقم يوماً بعد يوم، وما تنشره الصحف المحلية من قضايا أمنية وأخلاقية لعبت هذه البطاقات دوراً كبيراً في إحداثها يجعل معالجة وضع هذه البطاقات أمرا يتجاوز العقوبات إلى حل حاسم وعاجل.
أما الرسائل الدعائية الاقتحامية التي لا تتوقف وتروج لكثير من الخدمات والسلع التي لا يرغب فيها صاحب الهاتف، ولم يستأذن لإرسالها إليه، فالقضاء عليها يتم بإقرار نظام قائم على أحقية كل مواطن ترده رسالة من هذه الرسائل في رفع قضية ينظر إليها على أنها انتهاك للخصوصية، وتقرر العقوبات المالية لمصلحة المواطن المتضرر، وليس لمصلحة جهة أخرى، وبهذا سنرى هذه الظاهرة المزعجة وقد تلاشت.