أن تتحدث مع المدن على «فيسبوك»!

استطاعت مواقع الشبكات الاجتماعية (مثل فيسبوك وغيرها) أن تصبح مصدرا للمعلومات وبديلا عن المواقع الرسمية، وإذا كان كثير من مجالس المدن والهيئات السياحية والحكومات المحلية قد اهتمت في السنوات الأخيرة بوجودها على شبكة الإنترنت، فإن كثيرا من المدن حول العالم استطاعت أن تضع ''استراتيجية للإعلام الاجتماعي'', بحيث تكون لها رؤية واضحة كيف يمكن تمثيل المدن على مواقع الشبكات الاجتماعية وكيف تتفاعل مع الجمهور وكيف تحقق أهداف المدينة السياحية والاقتصادية أو كيف تخدم سكان المدينة من خلال الأدوات الرائعة للشبكات الاجتماعية.
أعتقد أن المدن العربية عليها أن تلتفت سريعا لمعالجة هذا التقصير من طرفها، وقد بحثت عن أسماء عدد كبير من المدن العربية فلم أجد لأي منها وجودا فاعلا على موقع فيسبوك أو تويتر أو يوتيوب أو الحياة الثانية Second Life أو فورسكوير, فضلا عن المواقع الأقل شعبية، بينما البحث عن المدن الغربية والعالمية ينتج مواقع في منتهى الثراء والتفاعلية. فيما يلي عدة نصائح للمدن العربية التي تريد أن تصبح ''اجتماعية'' وأكثر ''تفاعلية''، وتريد وضع استراتيجية لذلك:
1 ـــ أحد أهم الأسئلة التي ينبغي أن تجيب عنها استراتيجية الإعلام الاجتماعي هو إذا ما كانت المدينة سيكون لها موقع واحد يتم التركيز عليه ويتضمن كل المعلومات (وهذا له فوائده الكثيرة) أم سيتم إيجاد مواقع متعددة، فمثلا صفحة خاصة بالسياحة، وأخرى بالاستثمار، وثالثة لسكان المدينة، ورابعة للأنشطة والترفيه والمطاعم وغيره في المدينة، إضافة إلى صفحات للإدارات المحلية (مثل إدارة الشرطة أو التعليم).
2 ـــ الجواب عن هذا السؤال يرتبط به تحديد من سيقوم بإدارة الصفحة، هل هو مكتب أمير المدينة أو محافظها، أو الجهة المسؤولة عن السياحة، أو الغرفة التجارية مثلا، وإدارة الصفحة هل ستتم عن طريق إدارة العلاقات العامة أو عن طريق التعاقد مع وكالة متخصصة في هذا المجال. كثير من الضعف الموجود في تمثيل المدن العربية على الشبكات الاجتماعية مرتبط بصعوبة الإجابة عن السؤالين الأول والثاني.
3 ـــ استراتيجية الإعلام الاجتماعي يجب أن تجيب بوضوح عما يمكن الحديث عنه وما لا يمكن الحديث عنه على الصفحة، لأن الإعلام الاجتماعي يعني التفاعل ويعني أن الجمهور سيتحدث ويناقش، وأي مدينة فيها حجم هائل من المشكلات والقضايا، وفي الوقت نفسه هناك اهتمام بالتمثيل الإيجابي للمدينة حتى يتم تشجيع السياحة والاقتصاد المحليين، ولذلك لا بد من تحديد رؤية واضحة في هذا الاتجاه.
4 ـــ القضية الأصعب في الإعلام الاجتماعي والتفاعل مع الجمهور هو من سيجيب الجمهور عن أسئلتهم اليومية والمتجددة، هل ستكون هناك جهات متعددة، كل يجيب عن الأسئلة التي تخصه، هل سيكون هناك هرم معين حسب الصلاحيات، هل ستكون هناك جهة تبحث عن الإجابات وتحدد ما يجاب عنه وما لا يجاب عنه، وكيف سيتم التعامل مع الملاحظات والأسئلة، بمعنى كيف يمكن أن يشعر الجمهور أن ملاحظاتهم سيكون لها تأثير إيجابي في المدينة. بالمناسبة هناك برامج كمبيوتر تنظم مثل هذه العمليات وصار لها قيمة مهمة في مثل هذا الموقف.
5 ـــ إحدى القضايا المهمة في إيجاد تمثيل جيد للمدينة هي إيجاد آلية واضحة لنشر المعلومات وتحديثها وتزويد سكان المدينة بمعلومات سريعة عن الطوارئ المحلية والخدمات والمناسبات، حتى يصبح للجهد الذي تبذله المدينة قيمة حقيقية وتصبح الصفحة مرجعا حقيقيا للناس. مجرد الإجابة عن هذا السؤال له صعوبة خاصة لأن كثيرا من المدن العربية ليس فيها جهة مركزية للمعلومات وللتعامل مع الجمهور، ولأنه في أوقات الطوارئ يحصل عادة فشل للجهات الرسمية إذا لم تكن مستعدة لها باستراتيجية واضحة.
6 ـــ كثير من المواقع الاجتماعية لديها أدوات خاصة بالمدن، فمثلا في موقع فيسبوك هناك خاصية اسمها ''المدينة الحالية'', التي من خلالها تعرف المشتركين في الصفحة الذين ينتمون إلى المدينة، ما يعني التفاعل معهم بشكل مختلف عن المشتركين والجمهور الذين ينتمون إلى مدن أخرى. أيضا الإعلان عن الصفحة على فيسبوك مثلا يمكن توجيهه حسب المدن، وهذا يعني التمييز بين الإعلانات الموجهة لأهل المدينة وبين الإعلانات الموجهة لمن يسكن خارجها.
7 ـــ الاستراتيجية الاجتماعية يجب أن تحدد المواقع التي ستوجد عليها المدينة، وفي ظل غياب لأي شبكة اجتماعية عربية ناجحة، فإن الخيار محصور بين المواقع العالمية الكبرى، وينبغي أن تكون هناك رؤية واضحة عن كيفية نشر المعلومات بما يتناسب مع طبيعة كل وسيلة من وسائل الإعلام الاجتماعي.
هناك نصائح أخرى كثيرة مثل الاهتمام بالصور والفيديو والاهتمام بالتطبيقات Applications على أنواعها، لكن تجاوز العقبات السابقة سيجعل كل النقاط الباقية تحصيل حاصل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي