Author

التطبيق أم التوافق؟

|
لعل من معضلات القياس والعرض والإفصاح المحاسبي العملية التباين بين المدرسة الأمريكية وجل دول العالم، حيث تعتمد الأولى على فلسفة التفاصيل والأخيرة على المبادئ العلمية والعموميات، المتوقع قريبا أن يتم تقارب كبير بين معايير المحاسبة الأمريكية والدولية، فإذا ما تم ذلك فإنه يمثل توجها نحو عولمة معايير القياس والعرض والإفصاح حول العالم، خاصة عند إعداد القوائم المالية للشركات المدرجة في الأسواق المالية؛ كما أنه سيعزز دور لجنة معايير المحاسبة الدولية ماديا ومعنويا، وعلى الأخص بعد أن تحررت من قيود الاتحاد الدولي للمحاسبة وعززت دورها واستقلالها. ويقصد بعولمة معايير المحاسبة أن تتخذ سياسة لاعتماد معايير القياس والعرض والإفصاح المحاسبي الدولية كأساس لإعداد القوائم المالية، وقد تكون هذه السياسة إما التطبيق التام للمعايير، أو التوافق معها بمستويات متعددة، أخذا في الاعتبار ظروف تلك الدولة الاقتصادية والاجتماعية. يرى الكثيرون أن الاندفاع وراء نهج تطبيق معايير المحاسبة الدولية يمثل خطأ فادحا، خاصة في الدول النامية قد لا يتبين أثره في المستوى القصير، لكن آثاره السلبية في اقتصاد تلك الدولة ستظهر جلية على المستوى الطويل؛ لما لذلك من تكاليف مباشرة وغير مباشرة، سواء في منافسة الأجانب في التوظيف المحلي وتعديل الأنظمة المالية وإعداد القوائم وتكاليف إعادة التأهيل والتدريب وتعديل اختبارات الزمالة وإثارة السلبية على مكرارات الربحية وحقوق الملكية وغيرها من المؤشرات المالية وتعديلات في تقييم الأصول وغيرها، بينما يرى آخرون أن تطبيق معايير المحاسبة الدولية له منافع إيجابية مباشرة، لعل أبرزها المشاركة في الكيانات الدولية وتشجيع الاستثمارات والرفع من مستوى الإفصاح المحاسبي. لقد حزمت جل دول العالم أمرها واتخذت قرارا استراتيجيا، إما التطبيق التام أو التوافق، ولقد حان الوقت في المملكة كأحد أهم اقتصاد في المنطقة وعضو في مجموعة العشرين، أن تتخذ قرارا استراتيجيا إما التطابق أو التوافق، وأعتقد أن الخيار الأفضل تبني سياسة التوافق مع المعايير الدولية، وذلك بالاستمرار في إصدار معايير محاسبية محلية تتواءم من حيث المبادئ الأساسية مع معايير المحاسبة الدولية دون فقدان الخصوصية، وخاصة ما له علاقة بالتشريع الإسلامي، والأنظمة الأساسية الأخرى وللحديث صلة. والله أعلم.
إنشرها