أفلام جديدة لهيئة الأمر بالمعروف

يحرص البعض على كشف سلبيات مجتمعنا وتضخيم أخطائه وإبرازها للعلن، وفي المقابل نجده يمر على الإيجابيات مرور الكرام فلا يتوقف عندها، بل قد يعتبرها أمراً طبيعياً ومفروضاً، فلو كانت هناك خدمة ما موجودة لدى إحدى الجهات الحكومية وكانت تلك الخدمة تقدم بمستوى غير مقبول وتم تحسين ذلك المستوى فتجده من المستحيل أن يثني على هذا التغيير وهذا التحسن، بل يؤكد أن هذا هو المفروض الذي يجب أن يكون من السابق.
وهناك بعض الجهات أصبحت اليوم تحت المجهر بل وأصبحت كافة الأضواء مسلطة عليها بشكل مباشر، فما إن يصدر أمر منها - خصوصاً إن كان سلبياً - إلا ويقتنص من قبل وسائل الإعلام ويتم نشره بشكل بارز ويحتل الصفحة الأولى من الصحف اليومية بل وتتم متابعته على مدى عدة أيام ويحرص الكتاب على تناوله في مقالاتهم، كما يحرص بعض معدي ومقدمي البرامج التلفزيونية على استضافة الأطراف المشاركة فيه والمسؤولة عنه.
قبل عدة أيام كنت أشاهد القناة الأولى في التلفزيون السعودي وفوجئت بمقطع إعلاني قدم بشكل احترافي ومميز ولافت بعنوان (قيمنا) وكنت أعتقد وأنا أشاهد الإعلان أنه سيكون أحد الإعلانات التي تقدمها بعض الجهات الخاصة أو الشركات أو المؤسسات التي تهتم بتقديم أفلام تعرض من خلالها رسائل اجتماعية مثل تلك التي تحذر من الإرهاب أو الإسراف، غير أنني فوجئت حين شاهدت في نهاية الإعلان أن القائمين عليه هم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سررت كثيراً عندما شاهدت اسم الهيئة في ختام الإعلان وسررت أكثر عندما شاهدت إعلانات أخرى توالت لتقدم قيماً دينية متنوعة من خلال إعلانات جميلة تماشي لغة العصر الذي نعيشه، وهذا فعلاً ما نحتاج إليه من الهيئة لمخاطبة أفراد المجتمع بلغة يفهمونها، لغة تركز على الإقناع والترغيب لا بلغة العنف والترهيب لغة تقنية عصرية لا لغة رفع الصوت والإنكار العلني، لغة تسمو بالهدف النبيل الذي أنشئ من أجله هذا الجهاز المهم للمحافظة على قيمنا لا لغة تحرص على إظهاره بأنه جهاز قمع ومراقبة وتجسس على المجتمع.
سررت كثيراً وأنا أشاهد تلك الأفلام التي قامت الهيئة بإنتاجها عن دعوتها للمحافظة على قيمنا في المجتمع لقناعتي التامة بأن الهيئة ومهما صدر منها من أخطاء ومهما قرأنا من قصص وأساطير خيالية عن بعض أفرادها ومهما ترسخ في أذهاننا عنها من أحداث مؤلمة ونالنا من أذى بعض منسوبيها، فإنها قادرة على تغيير تلك الصورة بالعزم والإصرار وقادرة على تحقيق أهدافها السامية النبيلة للدعوة إلى مكارم الأخلاق من خلال أساليب عصرية ويمكنها أن تعود وتصالح المجتمع من خلال تحسين أساليبها وتطويرها لتوافق حياة الناس.
قد تحتاج تلك الأفلام إلى تحسين وتطوير وقد يكون فيها بعض السلبيات وقد تحتاج إلى بث وتوسع في قنوات أوسع من قنوات التلفزيون السعودي وقد وقد .. لكن المهم أن الهيئة بادرت بتقديم أسلوب جديد تظهر من خلاله رغبتها في أن تصل إلى المجتمع وتأمر بالمعروف بأسلوب عصري حديث خصوصاً للشباب الذين يرغبون أكثر من 40 في المائة منهم قضاء أوقاتهم أمام القنوات الفضائية والجزء الآخر في تصفح الإنترنت.
لست بصدد الدفاع عن الهيئة ولكنني بصدد الدفاع عن الخطوات الإيجابية لكل منظمة تقوم بذلك، فنحن في حاجة ماسة إلى أن نشجع ونبرز الخطوات الإيجابية في مجتمعنا بصفة عامة، وفي الجهات التي تسعى إلى تحسين أعمالها وتطويرها بصفة خاصة، خصوصاً تلك الجهات التي دأب الناس على ذكرها بشكل سلبي، حتى أصبح السائد لدى المسؤولين في تلك الجهات أن لا فائدة من التغيير، فالمجتمع لن يغير تلك الصورة عنهم حتى لو قاموا بخطوات إيجابية وحرصوا على تحسين أسلوبهم ومستوى خدمتهم. إننا نحتاج إلى أن نكون منصفين وإيجابيين وأن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت وأن نشجع كل من يسعى إلى خير، كما ننتقد كل من يسيء إلى قيمنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي