عمل المرأة
منذ أن خلق الله البشرية وأهبط آدم إلى الأرض، وأوجد قوانينه وسننه الكونية، عاش الرجال والنساء جنبا إلى جنب يطلبون الرزق من الله، ويكافحون معا في هذه الحياة، كلٌ بما وهبه الله من إمكانات عقلية وفكرية وجسمية. ومع تغير طبيعة الحياة البشرية من زمن إلى آخر، تغير توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة بما يسهل الحياة لدى البشر حسب ظروف ذلك الزمان، وطريقة العيش فيه. إن الناظر في تطور المجتمع السعودي خلال الـ 30 عاما الماضية، يجد أن هناك تطورا كبيرا في الحياة الاجتماعية والعملية لأفراد العائلة السعودية، وقد نجحت المملكة نجاحا كبيرا في موضوع التعليم بشكل عام، وفي تعليم المرأة بشكل خاص، فتخرجت الطبيبة والكيماوية والفيزيائية والمدرسة المديرة، وأدى هذا لظهور بعض جيل من السعوديات قمن بإنجازات كبيرة ليس فقط على المستوى المحلي فقط، بل وعلى الصعيد العالمي أيضا.
في الفترة الأخيرة، أصبح موضوع توظيف المرأة حديث المنتديات الثقافية والاقتصادية، والصحف، ووسائل الإعلام المرئية والإنترنت، بين مندفع لتوظيف المرأة بأسرع وقت وبأي طريقة، وبين طرف آخر متوجس يحاول منع حدوث أي تطور في موضوع توظيف المرأة، ولعل أقل الأصوات حضورا هو الطرح العملي الواعي الذي يقدم الحلول العلمية ويقترح خطة واقعية تناسب سوق العمل السعودية، وسبب ذلك أن أغلبية الطرح يأتي بأسلوب تنظيري عمومي يحاول صاحبه جمع الأدلة التي تؤيد رأيه. ولعلي أجد أنه من الواجب عليّ أن أبيّن ما أجده يوميا في حياتي العملية المتخصصة في موضوع التوظيف، ومن خلال المواقف التي تمر عليّ، والأحداث التي تخص توظيف المرأة في مجالات العمل. واختصارا لكل المقدمات والفرضيات المتعلقة بهذا الموضوع، فإني أعتقد أن الموضوع لن يتم حله بشكل صحيح ما لم يتم إيجاد قوانين واضحة تبين حقوق المرأة في العمل وما العقوبات المفروضة على من يخالفها، سواء من رب العمل أو الموظفة نفسها، وتتكون هذه اللجنة من جهات عدة مختلفة التخصص لتحديد هذه القوانين، وتقوم جهة تنفيذية أخرى بتطبيق هذه القوانين في الشركات، ولعل الأهم من كل هذا هو وجود جهة رقابية ثالثة تتأكد أن الجهة التنفيذية تقوم بمتابعة تطبيق القوانين، وتنفيذ العقوبات على المخالف؛ لأن الأزمة المتعلقة بهذا الموضوع هي أزمة ثقة في تطبيق القوانين، فذهنية السعودي تقول له إنه يمنع قطع الإشارة الحمراء، ومع هذا يجد قطع الإشارات الضوئية هواية منتشرة بين بعض صغار السن - نسأل الله أن يرزقنا ساهر الإشارات الضوئية - وكان المواطن السعودي يرى لوحات منع التدخين معلقة في المطارات، لكن الجميع كان يدخن حتى صدر مرسوما من ولي العهد - أطال الله بقاءه - يمنع هذه العادة السيئة، وبغير هذا الحل القانوني المركب ستبقى للأسف هناك شريحة عريضة من المجتمع السعودي بذهنية تخشى على بناتها من التوسع في موضوع توظيف المرأة، وتعتقد أن هناك من يريد أن يتسلط على عرضه وبناته وهو مستعد أن يستميت للدفاع عنهن.