بناء الإنسان السعودي محور ارتكاز الميزانية الجديدة

على الرغم من العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1432/1433هـ (2011)، الذي قدر بمبلغ 40 مليار ريال، إلا أن الدولة استمرت في انتهاج سياستها الحكيمة، الرامية إلى بناء الإنسان السعودي والتعزيز من قدراته، باعتباره محور ارتكاز التنمية الشاملة التي تعيشها المملكة العربية السعودية.
تحقيقاً لأهداف الدولة المرتبطة ببناء الإنسان السعودي، استحوذ قطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة، على نصيب الأسد من نفقات الميزانية الجديدة، بتخصيص مبلغ 150 مليار ريال، الذي يمثل نحو 26 في المائة من إجمالي النفقات العامة المعتمدة في الميزانية، بزيادة بلغت نسبتها نحو 8 في المائة عما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي الحالي (2010)، وذلك بهدف توفير البيئة المناسبة للتعليم، من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس والجامعات والكليات المتخصصة للبنين والبنات، حيث على سبيل المثال تضمنت الميزانية الجديدة مشاريع لإنشاء 610 مدارس جديدة للبنين والبنات في جميع أنحاء المملكة، إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها في الوقت الحالي التي يتجاوز عددها أكثر من 3200 مدرسة.
وفي مجال التعليم العام ستستمر الدولة أيضاً في العمل على تنفيذ مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم "تطوير"، بتكلفة تقدر بنحو تسعة مليارات ريال، من خلال شركة "تطوير التعليم القابضة"، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
وفي مجال التعليم العالي، خصصت الميزانية مبلغ تسعة مليارات لاستكمال مشاريع إنشاء عدد من المدن الجامعية في عدد من الجامعات، كما اعتمدت الميزانية النفقات اللازمة لافتتاح عشر كليات جديدة.
وفي مجال التدريب التقني والمهني تم اعتماد تكاليف إنشاء كليات ومعاهد جديدة وافتتاح وتشغيل عدد كبير من المعاهد المهنية والمعاهد العليا للبنات، بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
وفي مجال الابتعاث الخارجي، فقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ في وقت سابق استمرار العمل ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي (المرحلتين الأولى والثانية)، إضافة لما صدرت التوجيهات الملكية بضم بعض الدارسين على حسابهم الخاص لبعثة البرنامج، ويتوقع أن يصل إجمالي ما سيتم صرفه على برامج الابتعاث خلال العام المالي الحالي 2010 أكثر من 12 مليار ريال.
قطاع الخدمات الصحية وقطاع التنمية الاجتماعية، حظيا هما الآخران، بنصيبهما الوافر من اعتمادات الميزانية الجديدة، لكونهما قطاعين مهمين جداً لاكتمال منظومة بناء الإنسان السعودي إلى جانب قطاع التعليم، حيث إن التحسين من الظروف الصحية والاجتماعية للمواطن، سيمكنه لأن يكون عنصراً نافعاً ومنتجاً في المجتمع والاقتصاد وفي التنمية التي تعيشها المملكة، فعلى سبيل المثال قد اعتمد مبلغ 68.7 مليار ريال للإنفاق على المشاريع والبرامج الصحية المختلفة، بما في ذلك على خدمات التنمية الاجتماعية، كما سيتم استثمار مبالغ كبيرة في بناء وإنشاء مشاريع صحية جديدة، وفي استكمال إنشاء وتجهيز مراكز للرعاية الصحية الأولية في جميع مناطق المملكة، ومشاريع لإنشاء 12 مستشفى جديد، ومشاريع لإحلال وتطوير البنية التحتية لأربعة مستشفيات، إضافة إلى استكمال تأثيث وتجهيز عدد من المرافق الصحية.
وفي مجال خدمات التنمية الاجتماعية المقدمة للمواطن، تضمنت الميزانية الجديدة عددا من المشاريع الجديدة لإنشاء دور للرعاية الاجتماعية والتأهيل، إضافة إلى الاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني، بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر في المملكة، كما تضمنت المخصصات للإنفاق على خدمات التنمية الاجتماعية، مخصصات تتعلق بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات للضمان الاجتماعي، هذا ويصل إجمالي ما تم صرفه على برامج معالجة الفقر والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي خلال العام المالي الحالي 2010 إلى نحو 18.8 مليار ريال.
ويأتي صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله ـــ باستمرار صرف بدل غلاء المعيشة بنسبة 15 في المائة منسوبة إلى راتب الدرجة التي يشغلها الموظف ابتداءً من الأول من المحرم 1432هـ، تتويجاً لجهود الحكومة السعودية، الرامية إلى تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي لدى المواطن السعودي، حيث يكون قادراً على الإنتاج والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن، ولا سيما في ظل ظروف الحياة المعيشية، التي تشهد عديدا من المتغيرات والمستجدات، التي قد تضاعف من أعباء المعيشة وتكاليف الحياة.
خلاصة القول، إنه على الرغم من كشف أرقام الميزانية الجديدة للعام المالي 2011، عن عجز بين جانبي الإيرادات والنفقات المتوقعة، يقدر بنحو 40 مليار ريال، إلا أن مخصصاتها واعتماداتها المالية المختلفة، لم تهمل جانب بناء الإنسان السعودي، باعتباره حجر الزاوية ومحور ارتكاز التنمية التي تعيشها السعودية، ومن هذا المنطلق استحوذت قطاعات مهمة للغاية تتعلق ببناء الإنسان، مثل قطاع التعليم والقطاعات الأخرى المساندة لبناء الإنسان السعودي، مثل القطاع الصحي وقطاع التنمية الاجتماعية على نصيب الأسد من نفقات الميزانية الجديدة واعتماداتها ومخصصاتها المختلفة، بنسبة بلغت نحو 38 في المائة، وذلك بهدف، تعزيز قدرات المواطن، وتهيئته للعمل في بيئة تعليمية، وصحية، واجتماعية، مواتية لتطوير القدرات الذاتية والإبداع والإنتاج، بالشكل الذي سيعود ـــ بإذن الله تعالي ــــ بشمولية النفع والفائدة على المواطن والوطن على حد سواء، والله من وراء القصد.ية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي