هل سترتفع تكلفة تمويل الرهن العقاري بعد صدوره؟

في منتدى ''حوار'' الذي نظمته جريدة ''الاقتصادية'' عن الرهن العقاري في غرفة تجارة المنطقة الشرقية، تحدثت كيف أن أنظمة الرهن العقاري سترفع تكلفة التمويل بصورة قد تعوق الإقبال عليه. فأنظمة الرهن العقاري الخمسة (الرهن، شركات التمويل، مراقبة شركات التمويل، التأجير التمويلي، قضاء التنفيذ) ستجعل من السوق العقارية منظمة بدرجة عالية وبمتطلبات صارمة متى ما طبق ما جاء في تلك الأنظمة بدقة. فأولى تلك المتطلبات تتمثل في أن العين يجب أن يكون معلوما علما نافيا للجهالة، مطابقا لمواصفات ومقاييس حسب أنظمة بناء الكود السعودي، ومقيَّما من قبل مثمنين لهم خبرة عالية. ولتحقيق مثل ذلك، فإن السوق العقارية تحتاج إلى مطورين ذوي خبرة في البناء والتخطيط، مع ما يترتب على ذلك من قدرة على حساب التكاليف بصورة تراعى فيها قدرة الأفراد على الشراء ورغبة شركات التمويل في تقديم التمويل بمخاطر يمكن التنبؤ بها وتجنبها ما أمكن. والمتابع للسوق العقارية – وحسب بعض الدراسات – فإن 40 في المائة من الوحدات السكنية في المملكة – قد ينطبق عليها متطلبات الرهن العقاري، كما أن الشريحة من السكان التي قد تنطبق عليهم شروط التمويل ستكون صغيرة مقارنة بالمحتاجين فعلا للمسكن. وبذلك، فإن عوامل العرض والطلب ستكون محدودة بصورة تسهم في جعل تكلفة التمويل مرتفعة مع بقاء أسعار العقار متماسكة. وإذا أضفنا إلى ذلك التوقع بارتفاع أسعار خدمة الدَّين من مستوياتها الصفرية حاليا، فإن تكاليف التمويل من المتوقع أن ترتفع لأولئك الذين ينتظرون صدور أنظمة الرهن العقاري.
ومن المتوقع ألا تندفع شركات التمويل أو البنوك في تقديم القروض العقارية في السنوات الأولى من صدور الرهن العقاري. ذلك أن عدد شركات التمويل الحالية ما زالت محدودة للغاية وبرؤوس أموال ضعيفة، وأن البنوك ستعمل على إنشاء شركات تمويل خاصة بها لتتلاءم وتتوافق مع أنظمة الرهن العقارية المزمع صدورها، وتكون بذمة مالية منفصلة وبمركز مالي منفصل لا يؤثر على أنشطة البنوك التمويلية في القطاعات الأخرى. ناهيك عن أن مقدمي القروض سيعتبرون الفترة الأولى التي قد تصل إلى خمس سنوات مرحلة اختبار قوي لمدى قدرة الحكومة على تطبيق أنظمة الرهن العقاري الخمسة، ومدى قدرة الأفراد على الإقبال ومقابلة الشروط التمويلية بالسداد وعدم التعثر وشروط الرهن العقاري بخصوص العين ومدى مطابقته للمواصفات والمقاييس وعدم تعرضه للعيب والهلاك؛ مما يقلل من نسب التعثر واللجوء إلى القضاء. وإضافة إلى ذلك، فإن شركات التمويل ستتضامن مع مطورين ومثمنين؛ مما سيسهم في رفع التكاليف لأنهم سيقومون بالتحكم في أسعار البيع مسبقا بصورة تعظم الأرباح لكل طرف من الأطراف؛ مما يفاقم في رفع الأسعار للمستخدم النهائي.
وقد يقول قائل إن الوضع الحالي لا يختلف عما سيحدث عند صدور الرهن العقاري، فهناك بنوك وشركات تمويل وعروض منتقاة من قبل البنوك وتحالفات، ورغم ذلك فإن الأسعار الحالية مرتفعة وليست ميّسرة للحصول على المسكن المطلوب. وقد نؤيدهم في ذلك، إلا أن مستقبل السوق العقارية قد يكون أغلى مما هو عليه الآن للأسباب التي ذكرناها في متن هذه المقالة. فالوقت الحالي يتميز بانخفاض سعر الفائدة، وبركود اقتصادي واضح، ورغم ذلك فالأسعار مرتفعة. إلا أن السنوات الأولى لصدور الرهن العقاري قد تصدر في وقت تشهد فيه أسعار الفائدة ارتفاعا مع التوقع بانتعاش اقتصادي، مضافا إليها أنظمة رهن عقاري في سوق ما زال اللاعبون فيها قليلين جدا، سواء من ناحية شركات التمويل وحجم محافظ الإقراض التي ستظل ضئيلة مقارنة باحتياجات السوق السكنية التي تتطلب نحو 80 مليار ريال سنويا لسد الفجوة. وهذه العوامل ستسهم في جعل التكاليف مرتفعة، وقد تخيّب آمال المتفائلين من راغبي الحصول على مسكن؛ مما يحجم الطلب على الرهن العقاري. السؤال الذي يتساءل عنه البعض هو ماذا كان من الأفضل أن يشتري الآن أو بعد صدور الرهن العقاري؟ والإجابة قد تكون في ثنايا هذا المقال، ويبقى القرار لكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي